تونس الصباح : قال الديبلوماسي والسفير السابق احمد ونيس ان كل تغيير يستوجب نصيبا من المواصلة والاستمرارية وان الادارة الامريكية الراهنة لا تزال حتى الان في مرحلة المواصلة المنطقية للميراث المشؤوم للرئيس السابق جورج بوش وتوقع احمد ونيس ان تتغلب ارادة التغيير على الخيارات الاستراتيجية للادارة الجديدة رغم احتمالات ظهور قوى معادية لاوباما على استعداد لتفجير المشهد في كل حين وربما لا تتردد في تصفيته وفيما يلي ص الحديث. كيف يمكن تفسير الاهتمام الواسع الذي سبق خطاب الرئيس اوباما في القاهرة وما الذي يمكن لخطاب الرئيس الامريكي تغييره اليوم؟ اولا لا بد من الاشارة الى ان الساحة العالمية متازمة على اكثر من جبهة ومفهوم ان قلب الازمة هو المشرق العربي والعالم الاسلامي خاصة ان الولاياتالمتحدة فتحت واجهتين في العالم الاسلامي وهو الاكثر تهديدا من أي مكان اخر في العالم ولذلك فان الازمة العالمية وبكل المقاييس تملي هذا التجديد في الخيار الامريكي سيكون حتمي تماما كبقية الخيارات ازاء الدول الاخرى سواء اسلامية او غير اسلامية والخيار الامريكي سيكون استراتيجيا لسببين اولهما ان للسياسة التي توختها ادارة بوش طوال السنوات الثمانية الماضية وصلت الى طريق مسدود ولذا ومهما كانت الوعود والقرارات الجزئية التي اتخذتها الادارة الجديدة ننتظر خيارات اهم باتجاه استراتيجي او سع للتخلص من الازمة التي خلفتها ادارة بوش ومن هنا تاتي الاهمية الدرامية المعلنة بخطاب اوباما . الامر الثاني الذي يمكن التوقف عنده يرتبط بالمناخ الذي سبق الخطاب والذي يبين ان سياسة اوباما جاءت في مناخ دولي يستحيل معه التواصل باعتباره يسير عكس المنطق وعكس السياسة الاخلاقية وهذا امر مهم جدا ولا يمكن لاي خليفة لبوش ان يستمر على نفس سياسته الكارثية . اين يكمن عنصر الاختلاف بين توجهات وسياسات اوباما وسلفه بوش اذن؟ الفرق بين الرجلين ان اوباما له تصور اعمق للكرامة الانسانية ولمنزلة الولاياتالمتحدة في عالم اليوم وتصور جورج بوش لمنزلة امريكا مختلف تماما ولايرتقي الى تصور اوباما لمنزلة مريكا ولوطنه ولقدرة بلده في الساحة العالمية ولمقاييس القوى اوباما ادرك ان امريكا لا تقدر على مواجهة كل شيء مهما كانت قوتها ونفوذها كما ان ادراكه لتصرف القوة مختلف ايضا وهو يعرف ان المصلحة الامريكية لا تنفذ بالقوة وان مفهومه لكرامة الانسان مهما كان لونه وانتمائه اعمق وارقى فلسفيا واخلاقيا وهذا هو الفرق العميق بينهما ولكن يبقى ايضا ان التصرفات الجزئية الصادرة حتى الان عن اوباما ليست هي العنصر الاستراتيجي وكل ما صدر حتى الان يبقى قابل للتراجع او الانقلاب ما لايمكن ان ينقلب لديه هو التصور الاستراتيجي لمنزلة وطنه والادارك الفلسفي الذي يقوده لفلسفة الانسان. وماذا عن قضية السلام في الشرق الاوسط والوعود المسجلة حتى الان من جانب اوباما؟ لا مجال هنا للمراهنة على هذا الامر اوباما ليس وحده صانع القرار هناك قوى معادية له بحكم الخيار الاستراتيجي للتصور الذي سيعلن عنه وهو بالتاكيد سيختار استراتيجيا مغايرة لاستراتيجية بوش ستضايق مصالح اسرائيل القوية وبمجرد اطلاق هذا الخيار ستتفجر قوات في الساحة المشرقية والشبكة اليهودية العريضة بقدراتها المالية والتخريبية الكبرى التي بامكانها مضايقة اوباما داخليا ثم علينا الا ننسى الوكالات الاستخبارية الخفية وشبكات التجسس التي تملك قدرات رهيبة على العمل في الخفاء واشعال فتيل الساحة الامريكية والتسبب في اثارة ازمات جديدة وربما تصل الى حد محاولة تصفية اوباما نفسه وبالتالي لا مجال اذن لمراهنات كبيرة على الساحة وهي قابلة لتفاعلات قوى قديمة واخرى جديدة وهذا من شانه ان يؤثر حتما على الساحة الامريكية ومن هنا فان اوباما لن ياتي الى المنطقة حاملا عصا سحرية لكل اوجاعها يمكن ان نتوسم تاييدا اوروبيا وتعزيزا للخيار الامريكي كيفما كان وستتصدى للقوات العكسية لكل ذا ولكنها لن تتغلب عليها كليا. وما الذي يمكن توقعه بشان العراق وافغانستان بعد سنوات طويلة من حرب لم تنجح الادارة الامريكية حتى الان في كسبها؟ كل تحول يستوجب نصيبا من المواصلة ونصيب من التغيير بالنسبة لاوباما مازال في اطار المواصلة المنطقية للميراث المشؤوم الذي خلفه بوش وهذا ما كان واضح خلال الاشهر الخمس الاخيرة نصيب الاتصال اذن واضح للعيان ولكن قوات التغيير وارادة التغيير التي صدرت ايضا من الادارة الامريكيةالجديدة واضحة وهي التي ستتغير قريبا مهما كانت اتجاهات خطاب القاهرة قرار الانسحاب من العراق قائم والقرار الديبلوماسي والقانوني في توقيف المستعمرات الاسرائيلية هذا ايضا واضح ولكن من حيث التنفيذ فان هذا ما قد يخضع للتعديلات واضح ان ادارة اوباما تتجه الى توقيف المستعمرات الاسرائيلية وهذا موقف سياسي وقانوني مهم وما صدر حتى الان يتجه الى تحويل المشهد السائد ولذلك يجب الا تغيب علينا عناصر التواصل والامتداد في انتظار ان تغلب عناصر التغيير. ولكن اليس في التراجع الحاصل في مواقف الرئيس اوباما سواء بشان افغانستان او المحاكم العسكرية او كذلك التزام بنشر صور الانتهاكات في ابوغريب ما يثير الشكوك بشان ارادة الرئيس اوباما ونواياه ورغبته في التغيير؟ لا اعتقد ذلك ولا اتوقع تراجعا سياسة التغيير والتصويب ستتغلب وهذا هو الاهم، اسلوب اوباما ورجالاته بما في ذلك نائبه ووزيرة خارجيته ونوابه الذين زاروا منطقة الشرق الاوسط وابدوا احتراما شديدا للحكومات القائمة في العربي والاسلامي بما في ذلك ايران وفي اعتقادي ان استضافة واشنطن وفدا ايرانيا لحضور فعاليات العيد الوطني الامريكي في الرابع من جويلية القادم خطوة هامة تعكس اسلوب امريكي يشخص وحدة سياسية واستراتيجية متكاملة ستنفذ خطوة خطوة ولهجته مع ناتنياهو وباراك في واشنطن كانت مختلفة والتصريحات التي جاءت على لسان وزيرة الخارجية كانت بمثابة الانذار بعد تلك المحاولات من جانب ناتنياهو تغيير وتزييف مواقف الرئيس اوباما بعد مغادرة واشنطن وقد حرصت كلينتون على توضيح ذلك والاعلان لاحقا بان ما قاله الرئيس اوباما لم يكن كذلك بل ان موقفه مؤيد لوقف المستوطنات والمستعمرات كاملة بكل اشكالها .النقطة الاخيرة المتعلقة بخطاب اوباما انه كتب منذ اسابيع طويلة ما فيه من مواقف بدا بالفعل تنفيذها قبل خطاب القاهرة ولا اتوقع تراجعا من صاحب القرار الا ان ما يمكن ان يحدث ان الساحة قد ت تملي عليه مراجعة التنفيذ لقراراته هذا امر وارد وممكن حيث يمكن ان تظهر قوات عكسية بحكم ردة فعل اللوبيات التي قد تصدر قوات عكسية تضايق السياسة الامريكية وهذا الامر يمكن ان يكون له تاثيره ولكن لن يكون بارادة واشنطن.