في محاولة جديدة لتحريك المفاوضات في منطقة الشرق الأوسط يلتقي غدا في مدينة أريحا رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الحكومة الإسرائيلية قصد التوصل إلى إتفاق حول المبادئ الأساسية لخطّة السّلام المقبلة وكان الرئيس الأمريكي قد دعا منذ أيام إلى عقد مؤتمر دولي في الخريف القادم حول السّلام في الشرق الأوسط وأكدت وزيرة الخارجية الأمريكية من جهتها منذ يومين في ختام زيارة للمنطقة أنّه يتعيّن على الفلسطينيين والإسرائيليين في النهاية حلّ قضية اللاجئين والحدود والقدس. ويبدو أنّ القيادات العربية التي التقتها رايس خلال هذه الزيارة قد أبلغت الطرف الأمريكي بشكل واضح أنّها ترغب في أن يكون مؤتمر السّلام الذي سيعقد في شهر نوفمبر المقبل قائما على عملية جوهرية تؤدّي فعلا إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. لقد تكرّرت في الآونة الأخيرة اللقاءات بين عبّاس وأولمرت في مسعى لتحسين العلاقات ولبحث الإمكانيات المتاحة لتحريك العملية السّلمية بعد أن قرّرت الإدارة الأمريكية قبل سنة ونصف من انتهاء الولاية الثانية والأخيرة للرئيس بوش الإلتفات إلى قضية الشرق الأوسط وما تلا خطاب الرئيس الأمريكي الأخير حول عقد مؤتمر السّلام من زخم ديبلوماسي وزيارات مكوكية لوزيرة الخارجية الأمريكية للمنطقة ولبعض الدّول المعنية بهذه المسألة لتقريب وجهات النظر حول خلافات جوهرية بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني وللتمهيد لهذا المؤتمر الدّولي المرتقب في الخريف القادم. ولئن يعتبر متتبعو الشأن الفلسطيني أنّ هذا المسعى الأمريكي لتحريك مفاوضات السّلام يحمل في طياته قدرا من الجدّية قد يؤدي مع نهاية السنة الجارية إلى بلورة مبادئ جوهرية حول قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة فإنّ بعض الملاحظين يرون أنّ هذه الإلتفاتة للنزاع الشرق أوسطي في هذه الآونة بالذات من قبل إدارة بوش جاءت كنتيجة مباشرة للإخفاقات التي لازمت سياسة الإدارة الأمريكية في العراق... والمأزق الذي تردّت فيه القوات الأجنبية في هذا البلد بعد أكثر من أربع سنوات من سقوط النظام السابق وهو ما من شأنه أن يغطّي على هذا الفشل العسكري الذريع ويوحي للرأي العام الدّولي بأنّ البيت الأبيض حريص على المساعدة في حلّ قضية مطروحة منذ أكثر من خمسة عقود، كما هو حريص على استتباب الأمن والسّلام في هذه المنطقة. إنّ قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة أمر حيوي للشعب الفلسطيني الذي قدّم تضحيات جسيمة على امتداد عشرات السنين من أجل ذلك كما أنّه امر ضروري للشعوب المجاورة من أجل ديمومة الإستقرار والتنمية. ولعلّ في هذه المبادرة الأمريكيةالجديدة ما يحيل إلى الإعتقاد بأنّ تحريك عملية السّلام قد تؤدّي فعلا إلى نتائج ملموسة على الأرض بعد أن اقترنت عديد المؤتمرات السابقة وعشرات القرارات الأممية والإتفاقيات الثنائية بالفشل والاخفاق.