لم يسلم اي قطاع ولا اية دولة من دول العالم من مخلفات الازمة الاقتصادية التي رفضت كل الحلول. من سيحكم الاقتصاد العالمي بعد الازمة؟ قطب واحد ام عدة اقطاب هل هي الدول الصاعدة ام دول اخرى ستظهر بعد الأزمة؟ اي نوع من المبادلات سيتم وماهي الفرص التي ستتاح في ظل ازمة ضربت مخلفاتها واثارها كل القطاعات؟ كانت هذه اهم التساؤلات التي طرحها السيد الشاذلي العياري خلال مداخلته التي قدمها لدى حضوره فعاليات المؤتمر الدولي الحادي عشر لهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية والذي التأم تحت اشراف رئيس الدولة تحت عنوان «الفرص المتاحة للبلدان الصاعدة في ظل الظرف الاقتصادي العالمي». وقد اشار الى ان خسائر الازمة واضرارها لم تنته بعد وتزداد يوما بعد يوم وبرامج الاصلاح المالي مازالت الى اليوم غير واضحة والعديد من المؤشرات التي يصعب فهم تفاصيلها تعترض الاجابة عن هذه الاسئلة وللخروج من هذه الازمة باخف الاضرار يجب اعداد الاقتصاد الوطني الى مرحلة ما بعد الازمة التي لا احد يعرف ما ستفرزه لاحقا ومن سيحكم بعد زوالها معطيات لم يحدد مداها تجعل اي عمل استشرافي هو عمل صعب جدا رغم ان بعض الدول يبدو وضعها الاقتصادي منفرج نسبيا. الفرص الحقيقية تكمن في التركيز على التعليم وفي نفس الاطار وفي الكلمة التي افتتح بها المؤتمر تحدث السيد رشيد كشيش وزير المالية عن اجابة تونس عن الازمة الاقتصادية والتي لم تتأخر ولم تؤثر على صواب التوجهات نحو الانفتاح الاقتصادي والاندماج والمفاوضات مع الاتحاد الاوروبي هذه الاجابة التي ارتكزت على عنصرين اساسيين هما اولا الاجراءات الظرفية والهيكلية التي تهدف الى تعصير الاقتصاد الوطني وتحضيره لما بعد الازمة وثانيا مساعدة المؤسسات التي تأثرت من مخلفات الازمة وخاصة منها المصدرة ومنحها امتيازات جبائية تفاضلية وتحمل بعض الاعباء المتعلقة بالضمان الاجتماعي مشيرا الى ان الازمة لا تميز بلدا على آخر وبالتالي فان الفرص المتاحة في ظل هذه الازمة ستؤدي الى اكثر عقلانية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار والتمويل عن طريق البحث عن الامتيازات التفاضلية للبلدان والانتفاع بالفرص التي تتيحها الازمة يستوجب التصرف بحكمة واحترام المقاييس والقوانين واعتماد الشفافية في التصريح بالمعلومات المالية من قبل وحدات الانتاج وبين الوزير ان الفرص الحقيقية لتونس تكمن في التركيز على التعليم والمعرفة كأولوية مطلقة واكد على ان الاصلاحات المتتالية التي اتخذتها تونس خلال المرحلة الاخيرة قصد تعزيز المشهد الاقتصادي الوطني وتحقيق هامش مرونة على مستوى التحكم في التوازنات المالية العمومية مكنت من سرعة التصدي للازمة مشيرا الى ما تضمنه مشروع قانون المالية من اجراءات ترمي الى تشجيع الاستثمار العمومي وتنشيط الحركية الاقتصادية في عملية دفع متواصلة للاقتصاد الوطني. واوضح الوزير ان تونس بحكم انصهارها داخل المجموعة الدولية وانفتاحها على الخارج لم تكن في منآى عن تأثيرات الازمة خاصة على مستوى القطاعات المصدرة التي شهدت انخفاضا في حجم صادراتها اساسا في مجال النسيج والصناعات الميكانيكية والكهربائية وبين الوزير ان انخراط تونس في برنامج الدفع والمساندة لا يحول دون مواصلة الاصلاحات الهيكلية كوسيلة اساسية للاستعداد الامثل الى فترة ما بعد الازمة. ومن جهته تطرق السيد منصف بن سلامة في مداخلته التي اندرجت في الجزء الاول من المؤتمر والذي حمل عنوان انزلاقات الرأسمالية الى ثلاثة عناصر هامة وهي أسباب وانعكاسات الازمة الاقتصادية وارساء ضوابط جديدة والمزيد من التسيير الرشيد مبيّنا ان الوضع الاقتصادي الراهن يتسم بركود متصاعد رغم بعض المؤشرات الايجابية التي تلوح في الافق بغضّ النظر عن مؤشرات البطالة التي ترتفع باستمرار.