تونس الصباح تعيش بعض أوساط المحامين في جهة القيروان منذ بضعة أيام حالة من الغضب، على خلفية قرار هيئة الفرع الجهوي للمحامين بسوسة، إحالة عدد من المحامين على مجلس التأديب أو على عدم المباشرة.. وكانت هيئة الفرع قررت في وقت سابق من الاسبوع الجاري، عرض ملف محامين اثنين على مجلس التأديب، وإحالة محام ثالث على عدم المباشرة، بسبب قضية السمسرة التي تنخر قطاع المحاماة في تونس منذ فترة.. واعتبر بعض المحامين في القيروان (التي تعود تنظيميا إلى فرع سوسة للمحامين)، أن قرارات الاحالة التي اتخذت بشأن المحامين الثلاثة، قد تمت "بصورة عشوائية، لخدمة أغراض انتخابية"، وليست من أجل مقاومة ظاهرة السمسرة، كما تزعم هيئة الفرع الجهوي بسوسة، على حدّ تعبير أحد المحامين المعنيين بقرار الاحالة، والذي فضل عدم ذكر هويته.. وشهدت أروقة المحكمة في القيروان، تحركات لهؤلاء المحامين بغاية تحسيس زملائهم بقرار الاحالة، الذي وصفوه بكونه "غير منصف".. ليست إدانة.. وقال السيد هشام بن عبد الله، الكاتب العام لفرع سوسة للمحامين في تصريح ل "الصباح"، أن الفرع "تلقى شكاوى من المحامين بخصوص بعض الزملاء ممن استفادوا من السمسرة في حوادث المرور، فتحركنا وقمنا بالابحاث اللازمة، وتبيّن وجود ثلاث حالات ممن ارتكب أصحابها أخطاء في هذا السياق، فقرر الفرع إحالة اثنين منهم على مجلس التأديب، والثالث على عدم المباشرة.. ووصف بن عبد الله قرارات الفرع ب "الوقائية"، لكنه شدد على أن الامر يتعلق "بمجرد الاحالة التي لا تعني الادانة"، مشيرا إلى أن بوسع المحامين الصادرة في شأنهم هذه القرارات، استئناف القرار، قبل أن يضيف بأن "الفرع لا يعنيه اتخاذ العقوبات، وهو إذ يفعل ذلك فمن أجل مكافحة هذه الظاهرة التي باتت تهدد قوت العديد من المحامين".. وأوضح الكاتب العام للفرع الجهوي بسوسة، أن بعض الزملاء المحامين "استخدموا طرقا غير شرعية للحصول على قضايا وملفات في مجال حوادث المرور، ضمن ما يعرف ب "السمسرة في القطاع"، وهي مسائل يعاقب عليها القانون الداخلي لعمادة المحامين، قبل أن يضيف بأن المجموعة التي ارتكبت هذا الخطأ "قليلة ومحدودة".. ضدّ توسيع رقعة العمل ولفت هشام بن عبد الله إلى أن موضوع السمسرة في المحاماة، "من أكثر الملفات حساسية في القطاع، بل إنه أضحى مشكلة تهم القطاع بشكل عام.. ولاحظ الكاتب العام من جهة أخرى، أن الهيئة الوطنية للمحامين وفروعها الجهوية المختلفة، قررت منذ مدة مقاومة ظاهرة السمسرة، باعتبارها تحول دون توسيع مجالات العمل في القطاع، وهو المشكل الذي يقض مضجع غالبية المحامين.. ودعا هشام بن عبد الله الدوائر الحكومية المعنية في هذا السياق، إلى العمل على وضع قوانين لمنع هذه السمسرة في قطاع المحاماة.. الجدير بالذكر، أن تقرير هيئة فرع تونس للمحامين على سبيل المثال أشار إلى وجود ما يزيد عن 600 حالة عدم مباشرة وغلق مكاتب وتصفية البعض الاخر، بسبب موضوع السمسرة، ما يعني أن هذه الظاهرة شديدة التعقيد في قطاع حيوي مثل قطاع المحاماة.. واللافت للنظر، أن لبنان الذي يعدّ حوالي 4 ملايين نسمة، يتوفر على نحو 12 ألف محام، ورغم ذلك فمشكل السمسرة لم يطرح إطلاقا، بل إن المحامين يعدّون من أثرياء القوم هناك باعتبار أن توزيع القضايا يتم بعيدا عن أية محاباة أو أية اعتبارات شخصية أو انتخابية أو سياسية..