صدمة في كندار، حيرة في العاصمة وانتظار الحقيقة العائلة تدحض فرضية الانتحار لأسباب مادية والنار لم يسلم منها سوى مصحف القرآن فتح تحقيق في الغرض وخبير يعاين السيارة الأسبوعي القسم القضائي خيّمت طيلة الأسبوع المنقضي أجواء الحزن والوجع على منطقتي كندار بولاية سوسة والحي الأولمبي بالعاصمة إثر الوفاة المفاجئة والغامضة لرجل الأعمال والمهندس في الصناعات الغذائية الهادي شلبي (48 سنة) الذي عثر عليه محترقا داخل سيارته الملتهبة بمسقط رأسه «البلالمة» بأحواز كندار. مشاعر الصدمة والألم والحيرة ارتسمت على وجوه أقارب وأصدقاء المأسوف عليه أثناء زيارة قمنا بها الى موطن الواقعة بعد يوم واحد من تشييع جثمان المأسوف عليه الى مثواه الأخير.. الكلّ يسأل ويتساءل.. الكلّ يترقب الحقيقة.. حقيقة مصرع الهادي ذلك الرّجل الطيب الذي يشهد له جميع من تحدثنا إليهم سواء من أفراد أسرته أو أجواره بمسقط رأسه أو أقاربه بالحي الأولمبي بالعاصمة بدماثة أخلاقه وسلوكه الحسن..دموع الأسى تسللّت وتتسلّل في عيون الجميع.. حتى الرجال بكوا فراق الرجل ألما على رحيله الفجئي ونهايته التراجيدية.. المأساة حطت أوزارها بين الجميع فأصبحت حديثهم اليومي، البعض يحاول معرفة ما حصل.. البعض الآخر يرجح فرضية دون أخرى ولكن دون الوصول الى كشف اللغز لتظل عدة احتمالات واردة.. صدمة وانتظار في سياق الحديث عن الواقعة أفادنا عمّ المأسوف عليه أن الكلّ مصدومون مما حدث وبعض أقارب الهادي لم يصدّقوا بعد، أنه مات ورحل وتمّت مواراة جثته الثرى.. «كما ترون لا ندري ما الذي حصل وكيف مات ابن شقيقي الذي هو بمثابة ابني وما سرّ اندلاع النار في سيارته» ثم تابع: «نحن ننتظر الاطلاع على حقيقة ما جرى وثقتنا في السلط الأمنية والقضائية التي تعهدت بالبحث في القضية للتوصل الى ما نصبو إليه ف «القلب يوجع والكبدة مشوية».. والمصاب جلل ولن يهدأ لنا بال إلاّ بظهور الحقيقة». الخبر الأليم شقيق المأسوف عليه الذي رافقنا الى موطن الواقعة وهو يبعد عن منزل العائلة زهاء الأربعة كيلومترات حدثنا بدوره عمّا علم من أطوار الواقعة في انتظار معرفة ما خفي منها فقال: «اتصل بي في صباح ذلك اليوم قريب لي وأعلمني بوفاة شقيقي الأكبر حرقا داخل سيّارته.. تقبّلت النبأ الأليم بحرقة في القلب.. تحاملت على نفسي وسارعت بالتوجه الى مسقط رأسي باعتبارى أقطن بمدينة سوسة». تعلّق بالأرض وأضاف محدثنا: «لقد جاء أخي يوم السبت قبل الفارط لزيارة العائلة مثلما جرت العادة وفي صباح اليوم الموالي استقل سيّارته وسلك الطريق المؤدية الى أحد حقوله لتفقده.. فباعتبار تخصّصه في الصناعات الغذائية كان شديد التعلق بالأرض والفلاحة ومولعا بتربية الماشية وبتفقدها باستمرار.. ولكننا لا ندري ما الذي حصل إثر وصوله الى الحقل وكلّ ما نعلمه أن النيران اشتعلت في السيارة وتسبّبت في احتراقه بالكامل». دخان ونيران تتصاعد وفي ذات السياق علمنا أن بعض الفلاحين تفطنوا في حدود الساعة الثامنة والربع من صباح يوم الأحد الفارط لتصاعد سحب من الدخان الكثيف في المنطقة الغابية فهرعوا نحو موطن الواقعة ليفاجأوا بالنيران تشتعل في سيارة أحد أبناء المنطقة فحاولوا بكلّ ما أوتوا من جهد إطفاء الحريق بواسطة التراب ولكن دون جدوى فالنيران انتشرت في كامل زوايا السيارة وانفجار العجلات تتالى.. سارع حينها أحد المواطنين الى الاتصال بأعوان الحماية المدنية والحرس الوطني الذين حلّوا بموطن الواقعة ونجحوا في إخماد ألسنة اللهب التي حولت في دقائق السيارة الى كوم من الحديد قبل أن يكتشف المحققون هول ما حدث. احتمالات وفرضيات لقد احترق الهادي وغابت ملامحه.. صدم الجميع وتألم حتى من لم يكن على قرابة بالرجل ولكن.. عدّة تساؤلات طرحت في الحين حول سيناريو الواقعة الأليمة.. كيف مات الهادي؟ ما سرّ اشتعال السيارة وصاحبها في داخلها؟ عدة فرضيات طرحت.. عدة احتمالات رجّحت ولكن الغموض ظلّ سيّد الموقف في انتظار ما ستكشف عنه التحريات الأمنية التي تولتها مصالح الحرس الوطني والتحقيق القضائي الذي فتحه حاكم التحقيق بابتدائية سوسة .2 العائلة تفند وفي انتظار الحقيقة فنّدت عائلة المأسوف عليه فرضية انتحاره لأسباب مادية بحتة وأكد لنا شقيق الهادي وأحد أقاربه أن هذه الفرضية «لا أساس لها من الصحّة ولا تعدو أن تكون سوى إشاعة بغيضة فالرجل كان تقيا ومؤمنا باللّه» يتابع محدّثنا «لقد كان يحتفظ بالمصحف الشريف في سيارته ومن معجزات الله أن الحريق أتى على كل شيء داخل السيارة وحوّلها الى كوم من الحديد ولكن النار لم تطل المصحف الشريف الذي عثر عليه في حالة حسنة». الخلل الفني..؟ كما استبعدت (العائلة) احتمال استهداف الهادي لعمل إجرامي وهنا قال والده «الجميع يحبّونه هنا.. ويحترمونه وعلاقتهم وطيدة به.. ابني محبوب من كل الأهل والأقارب والأصدقاء لتواضعه وطيبة قلبه ولا يمكن أن يكون أحدهم غدر به..». ورغم استبعاد العائلة لهذه الفرضية فإن الأبحاث الأمنية تعمل على كل الاتجاهات بما فيها احتمال استهداف الضحية لاعتداء إجرامي من قبل أكثر من شخص. كما تبقى فرضية الخلل الفني للسيارة واردة وهو ما دفع بالسلط القضائية الى تعيين خبير لمعاينة العربة ورفع تقرير في الغرض. وأكيد أن التحريات الأمنية ستكشف الحقيقة. حقيقة مصرع رجل الأعمال الهادي شلبي.. حقيقة ينتظرها الأهل والأصدقاء على أحرّ من الجمر. متابعة: صابر المكشر