تونس-الصباح رغم تيسيرها لنسق نمو الأنشطة التجارية والاقتصادية لوحظت تجاوزات عديدة في تنفيذ بنود كراسات الشروط في بعض القطاعات نتيجة لأسباب مختلفة قد يتحمل بعض باعثي المشاريع المسؤولية عنها خاصة في قطاع الخدمات.. لا يشك اثنان في أهمية الايجابيات العديدة للتراخيص الإدارية من ذلك دورها في دعم مبدأ الشفافية وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتسريع نسق النمو في عديد القطاعات التجارية والاقتصادية وخلق مواطن شغل اضافية والتشجيع على مبدأ المبادرة في بعث المشاريع والانتصاب للحساب الخاص، إلا أن بعض المظاهر السلبية رافقت تنفيذ بعض المشاريع التي تخضع لكراسات شروط وشجعت على بروز الفوضى بسبب عدم احترام بعض البنود الواردة بكراسات الشروط خصوصا في بعض القطاعات التجارية على غرار المقاهي والقاعات الرياضية.. فلا يخلو شارع اليوم في مختلف جهات الجمهورية وخاصة بالمدن من ظاهرة الانتصاب العشوائي للمقاهي. يهدف كراس الشروط الذي صدر لتنظيم وتوضيح شروط استغلال المقاهي من الصنف واحد، ليس فقط إلى تأمين جودة الخدمات بالمقاهي ولكن أيضا محاربة ظاهرة الاحتكار ومظاهر المنافسة غير الشريفة على غرار احترام مسافة لا تقل عن 100 متر عن المحلات ذات النشاط التجاري المشابه، ومسافة لا تقل عن 150 مترا عن المؤسسات التربوية أو الصحية أو الدينية..لكن المتمعن في الأمر يلاحظ بوضوح أن انتصاب المقاهي بجوار مؤسسة تربوية أو صحية بات أمرا شائعا. كما أن عديد المقاهي المنتصبة حديثا لا تحترم شرط المسافة القانونية اللازمة بين المقاهي.. وتنسحب هذه الظاهرة أيضا على بعض القطاعات الأخرى كقاعات ألعاب الفيديو. لكن من المسؤول عن الفوضى في مثل هذه القطاعات التجارية التي تخضع لكراسات شروط، أهي الإدارة أم المواطن أم الاثنين معا.؟ وتفيد مصادر من مواقع إدارية في هذا الشأن أن من بين القطاعات التي لا تحترم كراسات الشروط المقاهي والقاعات الرياضية، صحيح أن دور الإدارة يظل أوليا في السهر على حسن تطبيق بنود كراسات الشروط لكنها أوضحت أن الإدارة أصبحت اليوم تمارس الرقابة اللاحقة وتخلت عن المسبقة ومع ذلك فهي تواجه صعوبات في مراقبة احترام بنود كراسات الشروط. وترمي ذات المصادر على عاتق المواطن وبعض باعثي المشاريع واتهمتهم بعدم احترام كراسات الشروط. فبعض الراغبين في تعاطي نشاط تجاري معين يشيدون المحل المعد للغرض ويجهزونه، وينفقون أموالا كثيرة تتفاوت قيمتها وحجم المشروع وكلفته، لكنهم يغفلون عن بنود كثيرة بكراس الشروط إما عن جهل أو عن تجاهل. ويؤكد بعض المسؤولين الإداريين في هذا السياق أن الإدارة تجد نفسها في حالات عديدة في وضع صعب للغاية وأمام معادلة صعبة فإما تطبيق القانون في صورة وجود مخالفات قانونية التي تصل إلى حد غلق المحل وإما التريث في ذلك في صورة ثبوت تدهور الوضع الاجتماعي لصاحب المحل الذي يسعى إلى كسب رزقه من خلال اقامة مشروعه. ولم تنف مصادرنا سعي هؤلاء المخالفين لكراسات الشروط إلى التشكي والتباكي واستعطاف المسؤولين بعدم غلق محلاتهم وربما يلجأ بعضهم إلى "التدخلات" ويجندون الأصدقاء والأحباب للتدخل لفائدتهم متعللين بأنهم تكبدوا خسائر مالية كبيرة لإنجاز المشروع أو تورطوا في ديون بنكية أو أن حاجتهم الاجتماعية كانت سببا قويا في تشييد محل مخالف لكراس الشروط وغيرها من التعاليل العديدة. لكن لسائل أن يسأل، ماهي دوافع راغب في الانتصاب للحساب الخاص إلى مخالفة بنود كراس الشروط عند عزمه القيام بنشاط تجاري معين؟ ولماذا يشيد آخر مقهى على بعد أمتار من مقهى مجاور؟ وهل كل من يخالف القانون هو بالضرورة في وضع اجتماعي صعب يلجأ إليه كل مرة لتبرير المخالفة.؟ وهل أن الإدارة ملزمة بالرضوخ إلى ضغوط "التدخلات" للعدول عن قرار غلق المحلات المخالفة؟ جدير بالذكر أن برنامج تعويض أو حذف التراخيص الإدارية بلغ أشواطا متقدمة إذ تم إلى حد الآن حذف أو تعويض أكثر من 400 ترخيصا من جملة 490 ترخيصا إداريا أي بنسبة تصل إلى قرابة 85 بالمائة. تنفيذا للبرنامج الرئاسي الذي نص على حذف 90 % من التراخيص الإدارية مع موفى 2009. يذكر أن 10 بالمائة المتبقية من التراخيص الإدارية لن يتم تعويضها بكراسات شروط فبعض التراخيص ضرورية للأمن العام على غرار رخصة صيد، رخصة استخراج جثة ميت، رخص نقل المفرقعات، الرخص المتعلقة بمشاريع البيئة، كما أن استعمال بعض التجهيزات في الصحة يعتبر الترخيص فيها أساسيا. علما وأنه تم نشر كل كراسات الشروط على الخط وذلك في بوابة الإدارة "سيكاد" ويمكن للمواطن الاطلاع عليها واستخراجها في أي وقت.