تونس - الصباح مرّة أخرى أثبتت أمينة فاخت أنها «خارقة» فنية متفرّدة بذاتها، ولا تنطبق عليها المقاييس أو النواميس المتعارف عليها في الميدان الفنّي لضمان النجاح المطلوب لا سيما بعد الانتقادات والاحتجاجات التي وجهت إلى إدارة المهرجان إبّان الإعلام ببرمجة عرض لها في الدورة الحالية لمهرجان قرطاج لأنّه ليس لها أعمال جديدة أو هي لا تبالي بانتاج الجديد.. كل الظروف الحافة بسهرة أوّل أمس على ركح المسرح الأثري بقرطاج كانت شبيهة بتلك التي رافقت عروضها السابقة تقريبا. والاستثناءات الوحيدة هي أمينة والجمهور. ولعل المعطى الأخير يعدّ العامل المحرك للحدث نظرا للتزايد المطرد لأعداد الجماهير من مختلف الأعمار والجهات وحتى الجنسيات التي جاءت لحضور العرض إذ أنّ أعدادا كبيرة منها لم يتسنّ لها إيجاد أماكن تخوّل لها مشاهدة أمينة فاكتفت بالسماع. بداية العرض كانت بتقديم الفرقة الموسيقية التي يقودها المايسترو عازف الكمنجة نبيل زميط، رفيق درب أمينة فاخت في أغلب عروضها، بتقديم معزوفة موسيقية عنوانها: «سمو أمينة». وحافظت أمينة على دأبها في الدورات السابقة التي اعتلت فيها ركح هذا المهرجان بمنح فرصة الصعود عليه لأسماء متميّزة، فكان أن حظيت الموهبة «آية» بفرصة دعم صاحبة الصوت الساحر كما يلقبها عبد الحميد بن علجية ومشاركتها في تكريم إثنين من رموز الأغنية في تونس حيث أدت بامتياز أغنيتين في مستهل السهرة الأولى «ترجيتك» للفنانة نعمة والثانية « علّي جرى» للراحلة علية. مدّة العرض تجاوزت الساعتين والنصف، وكانت كفيلة لأمينة فاخت لتقدّم «إبداعاتها» وتشدّ الجمهور إلى آخره رغم أنها لم تؤدّ سوى 11 أغنية قديمة تفنّنت في «تمطيطها» بدءا بأغنية «بحبّك» مرورا «بمستغربين» و«يا غرام الماضي» التي لحّنها لها نورالدين الباجي، ف«الحب كده» لأم كلثوم و«سلطان حبّك» و«هذي الليلة يا منّة» و«سؤالك عليّ» وصولا إلى «على الله» و«شوفوشو» و«على الجبين عصابة». أمينة التي خبرت ركح قرطاج ومطالب جمهورها وانتظاراته منها تعاملت بذكاء مع هذا العرض. فكان أن حوّلته إلى عرض فرجوي ساهمت «تخميرتها» في الفنيّة تأجيج فضول وحب الجماهير لتشاركها الرقص والصراخ وأحيانا «الهستيريا» فغنّت.. وتحدّثت.. ورقصت.. وجثت على ركبتيها وانبطحت على الركح، لتعيد إلى الأذهان أمينة التسعينات بما تميّزت به من خفّة و«جنون فنّي» استحسنه الجميع فيها. فكان الإقناع رغم غياب الجديد أو الإبداع الفنّي، باعتبار أنّ التعب بسبب المجهود الذي بذلته على الركح أثّر سلبا على الإمكانيات الصوتية لأمينة لكنّها في كلّ مرّة تعرف كيف تتعامل مع الموقف وتنقذ نفسها من الهنّات على طريقتها وبأسلوبها المقنع! حتى أنّ مشاكل الحفل التقنية لم تؤثر على أمينة التي حافظت على تركيزها وتجاوبها مع تفاعل الجمهور. وهو ما يحسب للعرض.