أثبت الجمهور التونسي الذي أقبل بنهم شديد على تذاكر الفنان الكبير شارل آزنافور رغم ارتفاع ثمنها نسبيا (بين 75 و130د وهي أسعار غير مألوفة بمهرجان قرطاج الدولي إذ عادة ما لا يتجاوز ثمن التذكرة 30 د) - حتى أن كل التذاكر قد نفدت قبل حوالي خمسة أيام على موعد السهرة حسب تأكيد إدارة مهرجان قرطاج الدولي، أنه يؤمن بأن الفنانين من خامة آزنافور هم تماما كالمعادن النفيسة تتعتق مع توالي السنين. ولا شك أن جمهور مهرجان قرطاج الدولي وهو يستقبل الليلة الفنان الكبير شارل آزنافور ويحتفي بنجم من طراز عالمي وبهرم فني حقيقي سيكون على موعد مع حدث فني تاريخي واستثنائي. ربما لم يلتق الجمهور التونسي بشارل آزنافور منذ 40 تقريبا سنة لكن أغاني آزنافور العابرة للقارت تصل الجمهور أولا بأول حتى أننا نراهن الليلة على أن آزنافور لن يغني لوحده بل ربما يجد نفسه أمام كورال من آلاف الحناجر يردد معه كلمات الاغاني التي يحفظها الجمهور التونسي عن ظهر قلب. من لا يحفظ كلمات أغنية " لابوهام " وغيرها وغيرها من الاغاني الكثيرة التي ألفها وغناها أزنافور منذ العقود المبكرة من القرن الماضي. هناك من يحصي ألف أغنية في رصيده. ألف أغنية بلغات خمس على الاقل. الفرنسية والانقليزية والالمانية والاسبانية والايطالية. الاستعدادات لحفل آزنافور بمسرح قرطاج لم تكن عادية ولا ينبغي لها أن تكون كذلك كلما كان العرض بامضاء قيمة فنية مؤكدة. الفريق التقني الذي يرافق هذا الفنان يشتغل منذ الوصول ومن المفروض أنه واصل عمله كامل ليلة أمس لتستغرق الاستعدادات كامل نهار اليوم بالتعاون مع الفريق التقني التابع لادارة مهرجان قرطاج الدولي حسب ماأكده مصدر من الادارة. الاستعدادات شملت كذلك موعد الدخول للمسرح حيث ينتظر أن تفتح الابواب في ساعة مبكرة مساء الليلة. وقد أوضح لنا نفس المصدر أنه "تم احترام طاقة استيعاب مسرح قرطاج الاثري". وكما هو معلوم فقد أعلنت إدارة المهرجان أن مختلف البطاقات سواء كانت بطاقة الصحفي أو الاشتراكات لا تخول لاصحابها حضور السهرة ووقع استبدالها فيما يخص الصحافة مثلا بدعوات خاصة بالعرض. قد لا ينبغي أن لا نستبق الامور لكن ينتظر أن تكون سهرة الليلة سهرة تغن بالمشاعر الرقيقة. ينتظر أن تكون سهرة الحنين بامتياز لان شارل آزنافور يعرف جيدا كيف يدق على أبواب القلب وكيف يثير الشجن وبكلمة منه تبدو عفوية وبسيطة جدا أحيانا, بلحن شجي وبصوته المألوف الذي ترتاح له الاذن يثير في الواحد منا عاصفة من المشاعر ومن الذكريات التي نخالها قد تكلست وتيبست... شارل آزنافور يقف الليلة في مواجهة جمهور خبير بالفن يميز بين فنان وفنان ويدرك جيدا كيف يحفظ للفنان مكانته. جمهور هزّه الحنين وحركه ذلك الفضول لحضور سهرة من نوعية السهرات التي لا تتكرر. لا نخال شارل آزنافور وهو الفنان المتكامل الذي تمكن في يوم ما حتى من تهديد الملك "بريسلي" في عرشه عندما صنفته قناة "السي.آن.آن" الامريكية في أواخر القرن "فنان القرن" لا نخاله وهو الفنان المحترف الذي يعرف كيف يجعل من كل موعد مع الجمهور حدثا ولحظة استثنائية، لا نخاله لا يستجيب لطلبات الجمهور التونسي في الاستماع لاغانيه التي يحبذها وهي كثيرة. آزنافور الذي حل بتونس منذ صبيحة الاحد ضيفا مرموقا وفنانا يسعد الآلاف من محبيه ينتظر الليلة بقرطاج في سهرة ترقص لها القلوب وتهفو في فرح لمجرد أن تعي اللحظة, لحظة الوقوف في حضرة فنان بكل ذلك الصيت وبكل ذلك الاحترام الذي يفرضه على كل ذواق للفن محب للطرب.