تونس الصباح الاستعداد لشهر رمضان في هذه مؤسسة «سيغما» يختلف عن استعداداتها لسائر اشهر العام، لان المكتب يتحول الى خلية نحل مكتظة بالحركة والارقام والمعطيات والاتصالات. ذلك ان التغيرات الحاصلة على المستوى الاعلامي والاقتصادي تفرض على هذا المكتب الاستفادة الى حد غير محدود من هذه المناسبة. أسس السيد حسن الزرقوني هذا المكتب سنة 1998، واختص في الاحصاء والاستبيانات الميدانية التي تتصل باستهلاك التونسي للمنتوج الاعلامي (او التلفزي) الى جانب المواد الاستهلاكية الاخرى التي يتعامل منتجوها مع هذا المكتب لتقييم مردودية عملهم وما يوفره لهم جانب الاستشهار من مرابيح. «الصباح» زارت مكتب «سيغما» للاحصاء وعاينت العملية اليومية التي يتم من خلالها تقييم اجتهادات القنوات التلفزية المحلية لجذب المشاهد وتابعنا مهمة العاملين لاخذ كل الاستبيانات مباشرة وعبر الهاتف مع عدد من العائلات والافراد الذين تتوفر فيهم الشروط حتى يكونوا ضمن العينة. ليست عشوائية! لا يتم اخذ عينة مصغرة من المجتمع التونسي بطريقة عشوائية كما يعتقد البعض، اذ انها بالاساس صورة ممثلة لتونس بشمالها ووسطها وجنوبها، برجالها ونسائها بمختلف طبقاتها الاجتماعية. وبذلك يكون هامش الخطأ في الارقام التي تتحصل عليها «سيغما» ضئيلا جدا. وعبر الهاتف تتصل «سيغما» بالتونسي الذي ينقسم الى 3 مجموعات اساسية حسب المستوى المادي والمعيشي فال10 في المائة هي من الطبقة الثرية اما ال65 في المائة فهي تمثل الطبقة المتوسطة التي بدورها تنقسم الى متوسطة عليا ومتوسطة سفلى، ثم تبقى لدينا ال25% وهم للطبقة الشعبية. كذلك يؤخذ بعين الاعتبار عامل السن وتقسيم التوانسة الى من هم دون سن ال10 سنوات ثم بين ال10 و20 واولئك الذين يتجاوز سنهم ال20.. توظف كل هذه المعطيات لتقسيم العينة التي يقع الاشتغال عبرها والمتكونة من 2400 شخص والعينة متحركة بمعنى ان المكتب لا يركز على الاشخاص انفسهم في كل مرة، بل يغير يوميا الافراد حسب المعطيات العامة المتفق عليها. هؤلاء منقسمون الى 1200 ذكر و1200 انثى منهم 10% (240 ثري) من الاثرياء، الى جانب ال65% (الطبقة المتوسطة) وال25% في المائة (600 شخص من العمال والعاطلين عن العمل وغيرهم..) ويطبق مع هذه العينة مقاييس معمول بها في العالم وتتصل بمكان السكن والجنس والعمر والطبقة الذي تنتمي لها العينة، وتتعامل «سيغما» مع 6000 عائلة ويتم الاتصال بها هاتفيا وبصورة يومية منذ الساعة الثامنة صباحا وليتواصل الى حدود الساعة الخامسة مساء) لطرح اسئلة يعرف من خلالها (مدى تفاعل المشاهد مع ما تقترحه التلفزات (وهنا نحن نتحدث عن قناتي تونس 7 و21 وقناة حنبعل وقناة نسمة اساسا) من انتاجات درامية وتنشيطية وما يحرص هؤلاء على حفظه في الذاكرة من لقطات اشهارية للماركات التجارية الاستهلاكية المعروضة يوميا وفي كل لحظة بث. متغيرات رمضانية واكد السيد حسن الزرقوني على ان عادات التونسي تتغير لصالح القنوات المحلية في شهر رمضان وهو ما تبرزه نسبة قسط المشاهدة للقنوات المحلية بصورة جلية، اذ ان 92% من قسط المشاهدة (ونحن نقصد هنا الفترة الزمنية الاهم من الحيز الزمني الذي يقضيه التونسي امام التلفاز) هذا القسط يناهز ال92% الى القنوات المحلية (تونس 7 وتونس 21 وحنبعل ونسمة) وعلينا هنا والقول لمحدثي «ان نقيم التفرقة بين نسبة المشاهدة والقسط في المشاهدة فنسبة المشاهدة (او الاقتحام) متعلقة اساسا بعدد الذين شاهدوا القناة ولو لمدة 5 دقائق في اليوم وقد احتلت تونس 7 يوم 24 اوت المركز الاول في نسبة المشاهدة ب70.1 في المائة، تلتها قناة حنبعل ب40.6 في المائة، ثم تونس 21 ب20.9 في المائة واخيرا نسمة ب15.5 في المائة. اما بالنسبة لقسط المشاهدة فمتعلق بالزمن الذي قضاه كل فرد من العينة الاساسية (2400 فرد) امام التلفزة من جهة وقناة معينة بالذات ثم نجمع الحصيلة الزمنية لكل فرد ولكل قناة لنستنتج بعض المعطيات الرقمية، وقد اشارت الارقام الى ان 45% من وقت التونسي الذي قضاه في المشاهدة في الايام الاربع الاولى من رمضان خصصه لقناة تونس 7 وان 25% كان لقناة حنبعل فيما تناصفت النسبة المتبقية بين تونس 21 ونسمة ب15% لكل واحدة منهما. «عجبك والا ما عجبكش» واكد السيد حسن الزرقوني على نقطة هامة تخص طبيعة عمل مكتبه (سيغما) الذي يملك فروعا في كل من المغرب والجزائر وليبيا. فطبيعة العمل تحتم على المكتب تقديم الارقام والاستبيانات العلمية بمنآى عن الانطباعات والآراء الذوقية في هذا العمل او المنتوج، لان التعامل بين المكتب والشركات المنتجة للمواد الاستهلاكية مثلا يطلب من الطرف الاول احترام جانب الالتزام بالارقام ولاشيء غير الارقام، وقد يتجاوز المكتب هذا المعطى حين يطلب منه الطرف المقابل ذلك، لغاية معرفة النجاعة التسويقية لبعض البرامج او المنتوجات، وهنا تتغير الاسئلة المطروحة ويسمح المكتب لنفسه بالقاء اسئلة من نوع «عجبك والا ما عجبكش»! أرقام وصدامات حدث وان تعرض مكتب «سيغما» الى الانتقاد في السنة الماضية من قناة حنبعل التي «رفضت» الارقام الاحصائية التي قدمها والتي لم تكن تخدم مصالحها الاشهارية اساسا مما دفع الزوبعة الاحتجاجية الى التنامي بصورة لاحظناها جميعا. وهنا علق محدثي: «درست علم الاحصاء لسنوات طويلة واحمل شهادات علمية تخول لي فتح هذا المكتب والعمل فيه باجتهاد طيلة ما يزيد عن ال10 سنوات وقد اسمح لنفسي بدخول غمار الجدال الذي حدث لو قدم لي الطرف المقابل دراسة احصائية علمية اخرى تبرهن على عكس ما قدمناه نحن مع العينات المذكورة التي نعمل من خلالها بصورة تطبيقية نزيهة ومنظمة». ماراطون يومي في ممكتب «سيغما» اثناء جولتنا في مكتب «سيغما» تسنى لنا الاطلاع على مكاتب الاستبيان التي يشغلها 24 فردا من دارسي علم النفس او الاجتماع او الاحصاء، هؤلاء يجلسون الى مكاتبهم للاتصال ب50 عينة لكل فرد منهم وسؤالهم حول ما شاهدوه من برامج وما رسخ لديهم من اسماء لماركات استهلاكية، ويتداول على هذه المهمة 48 فردا طيلة اليوم لتكوين الآراء والاستناجات عبر ما حصلوا عليه من معلومات اساسها العينة التي يشتغلون عليها والمتكونة كما ذكرنا من 2400 شخص هم تونس المصغرة ومجمل الآراء والممارسات التي نستطيع معرفة سلوك المشاهد (المواطن) من خلالها.