تونس الصباح الى حدود يوم 26 اوت الجاري لم يفرغ المخرج مديح بلعيد من انهاء عملية التوليف لمسلسله الاول مع حنبعل «نجوم الليل» اذ يسهر و«يصبّح» في القناة الى حدود السادسة صباحا متحديا الوقت والضغط النفسي ليشاهد المواطن التونسي حلقة طازجة كل ليلة دون ان يدرك ان وراء الصورة.. معاناة يومية.. يقول مديح بلعيد «للأسف اضطرنا عامل ضيق الوقت الى انهاء التصوير يوم 2 اوت بعد ان انطلقنا يوم 5 جوان. واستغرقت العملية بذلك شهرين من التجسيد الفعلي للمشاهد والاحداث وقد تسلمت نص المسلسل وانا خارج تونس قبل شهر من ذلك.. يعني ان 3 شهور حتمت علي ان اكون اولا اكون.. فالتحدي كبير ومهدي نصرة يشجعني ويردد دائما نحن نعول عليك ونترك لك الفضاء حرا واسعا لتنتج لنا عملا يصنع المفاجأة ويحقق الانتشار. في ظل هذه المعطيات كان على مديح بلعيد ان يصنع من الضعف قوة ويرى محدّثي ان مهمة انجاز مسلسل في 15 حلقة ممكن في 5 اشهر او 6او عام فهذا هو الوضع الطبيعي لانجازه. ولكن ان ينحسر الزمن وتتقلص المساحة الى شهرين، فهذا هو التحدي الحقيقي.. وقد اضطرنا ذلك في البداية الى اتمام «الكاستينغ» واللقاء بالممثلين واختيار اماكن التصوير في زمن لم يتجاوز ال3 اسابيع.. ثم انطلقت عملية ادارة الممثلين، وهي الاهم بالنسبة لبلعيد، اذ عليه ان يؤطر فريقه ويقترب منهم اكثر ويطلعهم على «حلمه» كمخرج.. ثم اشار مديح بلعيد الى عملية اخرى تعرف «بالكوتشينغ» لا يعترف بها «كبار» المخرجين كثيرا في تونس ولكنها ذات نجاعة عظمى حسب قوله ويعمل بها عديد عظماء الاخراج في الخارج تشبه هذه العملية الى حد ما.. الاستجواب الطبي الذي يجريه مختص نفساني لمعرفة باطن الجالس قبالته ليطلع على عالمه الخاص.. لا تختلف العملية كثيرا عن هذا التشبيه، اذ على المخرج ان يجتمع بالممثلين في جلسات مصارحة وتعارف واقتراب، يحاول في الاثناء، ان يكسب نفسية الممثل ويقنعه بانه الاقدر على تجسيد دوره لو اتبع كذا.. وكذا.. هذه الطريقة ناجعة في العالم الغربي وفي الصناعة الدرامية والسينمائية في الغرب، ومديح بلعيد درس تقنيات كتابة السيناريو والتوليف وادارة الممثل بين المغرب وفرنسا والمانيا، كما درس الاخراج في تونس قبل ان يقرر السفر ليواصل دراساته ويتعمق فيها. عمل مديح بلعيد كمساعد مخرج في اكثر من عمل سينمائي اجنبي، ولكنها المرة الاولى التي يخوض فيها غمار تجربة الاخراج الدراسي في تونس. من 30 إلى 15 حلقة وفي هذا الاطار يقول مديح بلعيد «انا مدين لادارة قناة حنبعل بالكثير فقد راهنت على مخرج شاب مغمور ومكنته من آليات العلم ودفعته الى الفضاء.. الى النجوم.. فكانت النتيجة «نجوم الليل» الذي يتابعه عدد هام منكم.. تقلص عدد حلقات مسلسل «نجوم الليل» الى النصف بعد ان كتبت سامية عمامي في البداية 30 حلقة ولان امكانية تصوير هذا الكم من الحلقات قبل حلول شهر رمضان كانت شبه مستحيلة فقد اعيدت الكتابة واختصرت المشاهد بصعوبة قصوى ليختصر العمل في 15 حلقة. وهنا اشار المخرج انه كان يصور ما يقارب ال16 مشهدا في اليوم وهو المعدل طيلة شهرين من العمل مع اضطراره للاكتفاء بتصوير مشهد واحد في اليوم اضافة الى بعض المشاهد التي احتوت على اشكاليات وظرفيات خاصة.. تعامل الممثلون الكبار في هذه التجربة على غرار علي بنور وهشام رستم وغيرهم مع مديح بلعيد بحرفية ملحوظة. وقد اسعد ذلك المخرج الشاب الذي اشاد بقدرتهم على التنفيذ الصحيح لما يطلبه منهم دون احكام مسبقة او «عقد»! حرب «الفيسبوك» وقد صور مديح بلعيد «نجوم الليل» بتقنية تلفزية مستعملا 3 كاميرات للمشهد الواحد من زوايا مختلفة مركزا على الحركة والمفاجأة والتشويق.. ويقول «انا ضد الصورة الجامدة، والكلام المطول واسلوب «أمي سيسي» في الرواية.. واعتبر الصورة الوسيط الابرز والاهم بيني وبين المتقبل. جمالية الصورة هي المحرك والدافع كي يتفاعل معي المشاهد، لذلك اعتبرها الاساس» عن مدى تفاعل المتلقي مع مسلسل «نجوم الليل» نقول اكتشفوا ذلك بانفسكم على «الفايسبوك» الدنيا مقلوبة هناك.. وانا سعيد بما يحققه هذا العمل من شعبية وارجو ان يتواصل هذا التفاعل الى النهاية.