تونس- الصباح نظرت الدائرة الجنائية الأولى بالمحكمة الابتدائية بتونس أول أمس في قضية قتل حارس مصنع العلف بشواط التي تورط فيها أربعة متهمين أفرد أحدهم بالتتبع لأنه حدث فيما أحضر الثلاثة الآخرون أمس موقوفين وتتراوح أعمارهم بين 21 و34 سنة. شهيد الخبزة تفيد تفاصيل هذه القضية التي كنا تعرضها لها إبان وقوعها أنه خلال الليلة الفاصلة بين 1 و2 ماي من سنة 2008 توجه حارس مصنع العلف بشواط الى عمله بعدما ودّع زوجته وأطفاله ولما وصل الى المصنع وضع طعامه بجانبه ثم أشعل «كانون فحم» ووضع عليه إبريق الشاي وراح يستمع الى المذياع غير عابئ بهموم الحياة ولم يكن يعلم أنه على قاب قوسين أو أدنى من الموت.. وفجأة سمع ضجيجا ولما وقف لاستجلاء الأمر لمح شخصين فناداهما محاولا معرفة هويتيهما فما كان منهما إلا أن ارتميا عليه وخلع أحدهما قميصه الداخلي (مريول خلعة) ولفه على رقبة الحارس فيما أمسكه مرافقه من رجليه بقوة وأخذ الأول يخنقه حتى «شخر» وفارقت روحه جسده وبعدها جراه ووضعاه داخل غرفة قيادة شاحنة ثم تركاه وتوجها الى مكتب بالمصنع حيث يوجد شريكان لهما في انتظارهما فتولوا خلع الباب واستولوا على حوالي 7 آلاف دينار، ثم غادر الأربعة المكان. جثة وأبحاث في صبيحة يوم الغد 2 ماي 2008 اكتشف بعض العمال جثة آدمية داخل شاحنة تابعة لديوان تربية الماشية بمصنع العلف، فتم إعلام السلطات الأمنية وبمعاينة الجثة تبين أن يدي الضحية كانتا مقيدتين الى الخلف وأن قطعة قماش أبيض تحيط برقبته وأن زرقة تكسو كامل وجهه وآثار دماء عالقة بفمه. وبالجهة الأخرى من المصنع كانت آثار الخلع بادية على الباب الرئيسي للإدارة وآثار خلع بمكتب القابض وباب خزينته. وبإجراء المعاينات من قبل الشرطة الفنية تم رفع البصمات وانحصرت الشبهة في أربعة شبان من بينهم شقيقان فألقي عليهم القبض الواحد تلو الآخر فاعترفوا بارتكابهم للسرقة والقتل. وادعى أحدهم أنه احتفظ بالمبلغ المستولى عليه لديه ولكنه سرق منه. المحاكمة بعد انتهاء مراحل البحث الأمني والتحقيق أصدرت النيابة العمومية بطاقات إيداع بالسجن ضد المظنون فيهم الأربعة فأحيل أحدهم على قاضي الأطفال فيما أحيل الثلاثة الآخرون أول أمس على ابتدائية تونس ولما استنطقتهم المحكمة صرّح المتهم الأول أنه توجه خلال الليلة الفاصلة بين 1 و2 ماي 2008 الى مصنع العلف بشواط لسرقته ورافقه ثلاثة أخرون وقسّموا الأدوار فيما بينهم حيث توجه هو وشخص آخر الى الحارس لمشاغبته وتحويل انتباهه فيما توجه الإثنان الآخران الى مقر إدارة المصنع، ولما اقتربا من مكان الحارس أحدثا ضجيجا فتفطن لهما آنذاك ارتميا عليه وقام مرافقه بتطويق رقبته وخنقه فيما شده هو من رجليه كما قيده من يديه، وظل مرافقه يخنق الحارس حتى خارت قواه وتيقنا عندها أنه هلك فجرّا الجثة ووضعاها بغرفة قيادة إحدى الشاحنات. وأضاف أنهما توجها بعد ذلك الى مقر الإدارة حيث خلعا مكتب القابض بمساعدة الشخصين الآخرين واستولوا من داخل الخزينة على المال. أما المتهم الثاني فاعترف باتفاقه مع البقية على سرقة المعمل الا أنه نسب بدوره الى شقيقه تهمة خنق الحارس مصرا على أن دوره في الجريمة تمثل في تقييد رجلي الضحية ولما أيقنا أنه فارق الحياة ألقيا بجثته داخل غرفة قيادة الشاحنة وإلتحقا بشريكيهما وخلعوا مكتب الادارة واستولوا على المال. المتهم الثالث ذكر أنه غادر يوم الحادثة السجن وفي تلك الليلة نفذ عملية سرقة أنابب من شركة بشواط ونفى مشاركته في جريمة القتل أو السرقة من المصنع وأصرّ على أنه لم يجن أي مبلغ مالي من العملية. ورغم مواجهة المحكمة للمتهمين بتضارب أقوالهم إلا أن كل واحد منهم تمسك بتصريحاته. وبإعطاء الكلمة للمحامين رافعوا عن منوبيهم فرأت محامية المتهم الأول أن دور منوبها في العملية انحصر في وثاق الحارس من يديه ومن رجليه ورأت أن نيته لم تكن متجهة الى قتله وطلبت اعتبار ما صدر عنه من قبيل الاعتداء بالعنف الناجم عنه الموت طبق أحكام الفصل 208 من القانون الجنائي. ورأى محامي المهم الثاني أن منوبه لا علاقة له بعملية القتل وانحصر دوره في السرقة ولذلك لا يمكن أن يطبق عليه الفصل 204 المتعلق بالقتل المتبوع بجريمة أخرى وطلب محامي المتهم الثالث تبرئة منوبه، وبعد المفاوضة قضت المحكمة بسجن كل واحد من الشقيقين مدى الحياة وسجن شريكهما مدة 10 سنوات.