الزيارة التي يؤديها رئيس الحكومة العراقية الى العاصمة السورية بغداد بعد اسابيع قليلة من زيارته الى طهران تؤكد اقتناع القيادة العراقية الحالية ومعها السلطات الامريكية التي تحتل بغداد منذ أعوام ان لا سبيل لتسوية مشاكل المنطقة معزولة عن بعضها.. وأن جيران اي بلد لا يمكن ان يقع اقصاؤهم من اي مشروع تسوية سياسية امنية دائمة اذا تعلق الامر بملف دولي مثل الملف العراقي او الملف الفلسطيني.. لقد تبين خطا الموقف الرافض للانفتاح على دمشقوطهران وعلى الجامعة العربية.. الذي تمسكت به طويلا قيادات سياسية عراقية كثيرة وزعامات في الادارة الامريكية وفي القوات الاجنبية التي تحتل العراق.. وتبين للجميع ان مشاكل المنطقة متشابكة ومتداخلة، لا سيما عندما يتعلق بدول تجمعها حدود مشتركة.. ومصالح متشابكة وعلاقات قربى وجوار واخاء تعود الى الاف السنين.. وبصرف النظر عن التقييمات المتباينة عراقيا لاداء حكومة المالكي فان تطور علاقات هذه الحكومة ايجابا مع كل دول الجوار.. بما فيها ايران وسوريا ودول مجلس التعاون الخليجي معطى سياسي وامني يمكن ان يساهم في تحسين المناخ السياسي والاوضاع الامنية والحد من التحريض المباشر وغير المباشر على العنف والارهاب داخل العراق من قبل بعض وسائل اعلام عدد من دول الجوار.. اذ تاكد ان ما تبثه يؤثر حاليا سلبا على جهود التسوية السياسية والمصالحة الداخلية بين الفرقاء العراقيين.. خاصة منذ تفجير جهات داخلية وخارجية مشبوهة لورقة الاختلافات المذهبية والطائفية.. في مسعى لاستبدال الصراع بين المحتل والمقاومة الوطنية بصراعات ذات الوان اخرى.. لقد تقدمت المفاوضات العلنية بين واشنطنوطهران عبر سفيريهما في بغداد.. وتاكد وجود محادثات امريكية ايرانية وامريكية سورية حول ملف العراق.. ولا احد يعلم الى حد الان كل حيثيات تلك المحادثات والمفاوضات، بل ان بعض الجهات تحاول التشويش على تلك المحادثات وتمارس ضغوطات على كل الاطراف بما فيها الادارة الامريكية لعرقلة سيناريوهات التقارب الامريكي الايراني السوري.. لكن يبدو ان جل العواصم المؤثرة على الساحة الميدانية بما فيها طهرانودمشقوواشنطن تعتقد ان تسوية مشاكل العالم يحتاج مشاركة من قبل اطراف عديدة وانه لا يمكن لاية قوة مهما كانت اوراقها التحكم لوحدها في مجرى الاحداث.. خاصة اذا كانت تهم نزاعات لها ابعاد استراتيجية وحضارية الى جانب ابعادها الاقتصادية والسياسية الظرفية.. فعسى ان لا تختزل مثل هذه المحادثات والتحركات في خطوات اعلامية واتفاقيات ثنائية، وان تسفر عن تطبيع الوضع في العراق وبالتالي تسوية أزمات المنطقة بما فيها الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والجولان السوري واجزاء من لبنان.