تونس الصباح ... 917 قتيلا و16 جريحا، تلك هي الحصيلة التي دوّنتها تقارير موازية لحوادث الطرقات هذا العام في صفوف الحيوانات البرية.. لتكشف عن الوجه الآخر لضحايا الطريق... ضحايا قد لا يكترث لدمائهم النازفة أحد، وقد لا يعبأ بفقدانهم بشر.. ومع ذلك أحصتهم ادارة المحافظة على الغابات وواظبت على اعداد جرد مفصل لصنف الضحايا ونوعية الأضرار المسجلة.. الحصيلة الرسمية الصادرة في العدد الأخير من مجلة الفلاحة لفتت انتباهنا على خلفية أننا لم نتعوّد مطالعة مثل هذا الكشف لضحايا حوادث المرور التي طالما صدمتنا أرقامها المروعة بفداحة الخسائر في الأرواح البشرية، لنكتشف فظاعة الأضرار الحيوانية والتي عادة ما تكون قاتلة بطبيعة الحال.. حيث تسببت الحوادث المسجلة خلال موسم الصيد البري 20082009 والمصرح بها في وفاة 935 ما بين ثديات وزواحف وطيور، وجرح 16 حيوانا، علما أن فصيلة الثديات (من أرانب وقنفد وجرذان وابن آوى...) الأكثر عرضة للحوادث القاتلة برصد 532 وفاة تليها الزواحف 212 والطيور 191... وعلى أهمية الحصيلة المسجلة هذا العام فإنها تعتبر أدنى بكثير من تلك المدوّنة السنة الماضية باحصاء 1436 حادثا قاتلا... ومن يدري قد تكون حملات التوعية والتحسيس التي خاضتها جمعيات الرفق بالحيوان وراء هذا التراجع المحمود في عدد الحوادث، أو لعله الوعي ذاته قد انتشر في صفوف هذه الكائنات الحية فرشّدت سلوكها عند قطع الطريق وامتثلت لقواعد المرور ولتوصيات حمل الخوذة، متفوقة على بني البشر في مستوى الوقاية من الحوادث واحترام قانون الطرقات.. على كل، مهما كانت العوامل الكامنة وراء انخفاض عدد الضحايا فإن مدير المحافظة على الغابات المهندس عبد الحميد كارم دعانا خلال اتصال هاتفي أجريناه معه حول الموضوع الى لفت انتباه أصحاب السيارات الى هذا الصنف من مستعملي الطريق، والوعي بضرورة المحافظة على هذه الكائنات باعتبارها من العناصر الأساسية للحفاظ على توازن المنظومة البيئية. وبسؤاله عن الكيفية التي يتم بها احصاء عدد الضحايا أورد محدثنا أن ذلك يعود الى المعاينات التي يرصدها أعوان الغابات عندما يجوبون الطرقات ويقومون بالتصريح بالحيوانات الميتة أو الجريحة وحتى المريضة.. موضحا أن خطر الحوادث غالبا ما يستهدف الثدييات ومنها الأرانب أثناء متابعة سيرها لتقع ضحية قلة انتباه السواق أو تعمدهم ملاحقتها وصيدها فتدوسها عجلات السيارة. فما ضرّ لو تكرمت جمعية الوقاية من حوادث الطرقات بادراج محاور جديدة ضمن حملاتها التحسيسية والتوعوية الموجهة عادة لمستعملي الطريق تنبّه فيها السواق بملازمة الحذر عند مرور الحيوانات البرية حماية لأرواحها البريئة.