صفاقس الصباح: احتضنت قاعة الفنان «محمد بودية» بالمعهد العالي للموسيقى بصفاقس لقاء مع علي اللواتي في إطار الحلقة الثانية من التظاهرة العلمية: «مجالس الفكر والأدب» اللقاء نظمته جمعية قدماء المعهد العالي للموسيقى بصفاقس. بالتعاون مع المعهد وفرع اتحاد الكتاب التونسيين بحضور نخبة من المثقفين وطلبة المعهد، فكان ممتعا، دام زهاء الساعتين. انطلق بالموسيقى وانتهى بالموسيقى.. عرض. في البداية وضع الأسعد الزواري، مدير المعهد اللقاء في إطاره وذكر بأنه يندرج في إطار الاحتفال بعشرية المعهد، بعدها سلط عبد الله العيادي الضوء على نشاط الجمعية وذكر أيضا بأن الحلقة الأولى من هذه التظاهرة كانت مع صالح المهدي وستتلوها حلقات عديدة من كل من مراد الصقلي وعبد الواحد المكني والناصر البقلوطي وغيرهم. إثر ذلك تولى الدكتور خالد الغريبي تقديم الضيف بكلام نثري له نفس شعري جميل، فقال فيه بالخصوص: «من العسير أن يتجمّع هذا الحشد من المبدعين في واحد. لعلّ ذلك يحتاج منّا الى صياغة أسطورية لكائن قدّ من لون وصوت وصدى ونسيج ذاكرة موشومة بالشعر ومسرحة الضوء على قباب المدن الراعشة: «فتحدّث عن علي اللواتي الشاعر والرسام والمسرحي وكاتب الدراما التلفزية والناقد والمنظر في الفنون والآداب والمترجم، فقال عنه كذلك: «له في أدقّ النصوص شعرا ونثرا صولات العارف المجيد لفنّ الترجمة. «وقام الغريبي بجولة عبر النصوص التي ترجمها والقصائد التي ألفها في الفصيح والعامية وخلص الى الحديث عن أعماله الدرامية التي كتبها واخرها «عاشق السراب» ثم تطرق التي روائعه الغنائية التي أنتجها فلحّنها أنور إبراهم وغنّاها لطفي بوشناق: هؤلاء قال عنهم الغريبي: «عمالقة ثلاثة يلتقون فيحوّلون حياتنا بالموسيقى غبطة ومتعة وذوقا رفيعا. «وجال بنا الغريبي في مختلف الفنون التي طرق علي اللواتي بابها مضيفا: «هو مبدع متوحّد بذاته في تعدده. يدخل بيتك وقلبك وروحك وعقلك وصحوك وجنونك بلا استئذان يجعلك مشدوها ومشدودا الى حلمك المشتهى ويبعث في المدن آيات من الضوء والحكايا، حكايا القيروان والحلفاوين وباب سويقة وغيرها من الأماكن التي تعرّش في روحك وتسكن وجدك ووجودك».: ذلك هو علي اللواتي كما رآه خالد الغريبي. فنان مسكون بالقلق بعد هذا التقديم شاهد الحاضرون فيلما عن أعمال علي اللواتي، ثم تحدّث الضيف الى الحاضرين عن تجاربه المختلفة والثرية وعلاقته بالفنّ بشكل عام. هذا التنوّع في الفنون لعله يعود الى نوع من القلق، فيه بحث متواصل عن التوازن ومحاولة للفهم وفيه كلف بالجمال مما يفسّر هذا التشعّب في التجارب وهذا الترحال من مجال الى آخر. وقال في هذا الخصوص «عندما تكون رساما وشاعرا وموسيقيا ورجل مسرح فأنت تطرح مشكلة واحدة هي مشكلة الفن..» ثم أضاف: «أنا شاعر قبل كلّ شيء.. الشعر يسكنني، فهو مفتاح لكلّ الفنون الأخرى». وخلص الى الحديث عن تجربته كرسام فقال: «لم أطرح صفتي كرسام، فتجربتي في هذا المجال تريحني من عناء الكتابة». وتعود تجربته في كتابة الأغنية الى سنة 1986 ذات يوم طلب منه أنور إبراهم أن يكتب أغاني بالعامية، فلم يعجبه هذا الاقتراح وواصل الكتابة بالفصحى فكتب «طيور على جسد الليل» ثم «القدس» فلحنهما ولكنه ألح عليه ثانية كي يكتب بالعامية فكتب: «في الليل تحكي الأوراق». عندها اكتشف جماليات الفن الشعبي واعتبر العامية بنت الفصحى باعتبارهما لغة واحدة، وتحدّث بإسهاب عن تجربته في الترجمة ثمّ خلص الى النقد فقال في هذا الباب: «الناقد لديه مشرط فكأنّه طبيب شرعي..» وخلص الى الحديث عن النقد العاشق، وعن ممارسته للنقد، فذكر أنه عندما يبدي رأيه في هذا الفنان أو ذلك، فإنّ ذلك يسبّب له بعض المشاكل وقال متحدثا عن فنّه: «لا أعيش من فنّي، أنا رجل بسيط، مستور. وصحيح أن التلفزة أتتني ببعض الأموال».. من خلال شهاداته بدا رجلا متواضعا الى أبعد الحدود، فتحدّث بتلقائية وقلق كبيرين، ذلك هو الفنان المبدع علي اللواتي الذي اكتشف فيه جمهور اللقاء بصفاقس جوانب خفية من حياته.