تونس الصباح: شاب، العمر 20 سنة شاء القدر ان يقضي بقية حياته في كرسي متحرك، فتاة في ربيعها الخامس تفقد نور بصرها وجميع افراد عائلتها.. وقائمة المآسي تطول..! نحن لا نتحدث عن ضحايا الحروب بل عن ضحايا حوادث الطرقات. «الصباح» بحثت في هذا الصدد فكان لنا التحقيق التالي: تتسبب حوادث الطرقات في اعاقات مستديمة خاصة بفئة الشباب فحسب معطيات الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ووفق آخر الاحصائيات يقدر العدد الجملي للجرحى من فئة الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 20 و29 سنة 1001 جريح. ويصاب عدد هام منهم باعاقات مستديمة وطبقا لاحصائيات الادارة العامة للحرس الوطني بلغ عدد ضحايا حوادث المرور في تونس العام الماضي 1530 قتيلا، وسجلت زيادة ب33 قتيلا مقارنة بسنة 2007 في حين ارتفع عدد الجرحى لسنة 2008 الى 14085 جريحا. أضرار جسيمة يؤكد السيد فيصل العويديدي مدير مركز التأهيل المهني للقاصرين عن الحركة العضوية والمصابين بحوادث الحياة بمنوبة انه من بين 160 حالة اعاقة هناك 30% من المعوقين نتيجة حوادث الطرقات وتعد هذه النسبة من اهم النسب المسجلة بالمركز ويضيف السيد فيصل ان ثلث المعوقين يعانون من شلل الاطراف السفلى وتقدر النسبة ب33.3% وهي حالات شلل ناجمة عن اصابات خطيرة بالعمود الفقري. حدثتنا السيدة فاطمة والدة نزار ان ابنها ذو 20 ربيعا تعرض لحادث مريع بدراجته النارية جعله يصاب بشلل في الاطراف الاربعة وتؤكد السيدة فاطمة ان السبب الرئيسي لهذا الحادث افراط ابنها في السرعة وتحمل نفسها كذلك مسؤولية هذه المأساة. اذ ترى السيدة فاطمة انه كان من واجبها توعية ابنها بمدى خطورة الدراجات النارية وما يمكن ان ينجر عنها وفي هذا الاطار يشير السيد فيصل مدير مركز التأهيل ان 5% من الحالات بالمركز يعانون كذلك من اصابات بالرأس وما يعرف بارتجاج الجمجمة. وهذا ما يعاني منه الشاب سفيان البالغ من العمر 21 سنة، تعرض لحادث اثناء عودته من احد المراقص الليلية فأصيب بارتجاج في الجمجمة افقده القدرة على النشاط الفكري كالحساب مع اضطرابات في الذاكرة. وقد اعلمتنا السيدة امال والدة سفيان ان سبب الحادث يعود الى القيادة في حالة سكر. من جهته يضيف السيد فيصل مدير مركز التأهيل ان حالة ارتجاج الجمجمة تعد من الحالات المستعصية والصعبة الناتجة عن حوادث الطرقات يتحول فيها الشاب المصاب الى طفل يخطو خطواته الاولى نحو الحياة، خاصة وان مثل هذه الاصابات تفقده جميع ملكاته الفكرية، ويضيف السيد فيصل ان قرابة 80% من الشباب المنخرطين بمركز تأهيل المعوقين تتراوح اعمارهم بين 15 و30 سنة. الاندماج لبعث الأمل بالحياة وفي هذا الاطار يؤكد السيد مقداد عضو المكتب الوطني التابع لجمعية الوقاية من حوادث الطرقات ان الدولة تسعى جاهدة الى ادماج هؤلاء المعوقين لبعث الامل في الحياة من جديد. ويحدثنا السيد مقداد عن مبادرات الجمعية للحدّ من حوادث الطرقات اذ يوجد اعضاء موزعون باستمرار بالمراقص الليلية لتوعية الشباب في عملية الوقاية في حوادث الطرقات. ويفسر السيد مقداد أن العملية تتم بملازمة احد اعضاء الجمعية مجموعة معينة من الشباب بالمرقص واختيار فرد منها تتم مقايضته بدفع تكاليف المرقص مقابل عدم شرب الكحول وذلك كي يكون هذا الشاب او الشابة قادرا على قيادة السيارة ببقية افراد المجموعة. وتساعد هذه المبادرة رغم طرافتها بشكل هام في وقاية الشباب من حوادث الطرقات خاصة وان السياقة في حالة سكر تعد من اهم اسباب هذه الحوادث. وفي هذا الاطار يؤكد السيد فيصل مدير مركز التأهيل المهني ان تونس حققت عديد المكاسب لتأهيل الاشخاص المعوقين نتيجة حوادث الطرقات، خاصة وان الادماج هو الخيار الامثل الذي يمكن هؤلاء الشباب الذين سقطوا ضحية هفوات المراهقة والاندفاع. او نتيجة تقصير او غياب الحرص من قبل الوالدين. بدرية فتاة في الخامسة عشر من عمرها فقدت نعمة البصر وفقدتا والدتها في حادث مرور ورغم صعوبة الحياة في الظلام فانها تؤكد انها لم تفقد الامل بالحياة خاصة بعد انخراطها بجمعية تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة لقيت فيها بدرية الرعاية الانسانية اللازمة وتضيف ان الجلسات النفسية التي خصصتها لها الجمعية ساعدتها في تجاوز ازمتها والتعايش مع اعاقتها. ومن جهته يؤكد السيد فيصل العويديدي مدير مركز التأهيل المهني ان الدولة توفر الرعاية النفسية اللازمة وذلك بتكريس فريق مختص من اطباء نفسانيين وعلماء اجتماع لمساعدة المعوقين على تجاوز الخدمات. ويضيف السيد فيصل ان مركز التأهيل المهني للقاصرين عن الحركة العضوية يخصص ورشات مهنية مختلفة في جميع الاختصاصات كالاعلامية الصناعات التقليدية..) ويساعد كذلك على بعث المشاريع الخاصة بتمويل من الدولة قصد بعث الامل في الحياة من جديد خاصة للاشخاص الذين اضطروا الى الانقطاع عن مهنهم بعد اصابتهم باعاقة. رغم الجهود المشكورة للدولة في مساندة معوقي حوادث الطرقات، تبقى التوعية والوقاية واجب كل الافراد لمواجهة آفة حوادث الطرقات ويذكر ان مجلس النواب كان قد صادق في جويلية الماضي على قانون جديد يقضي بسحب رخص القيادة في حالات القتل والجرح على وجه الخطأ. وتشدد العقوبات في عملية القيادة تحت تأثير الكحول والسير في الاتجاه المعاكس بالطرقات السيارة.