تونس الصباح إلى غاية موفى أكتوبر بلغ عدد مطالب الاسترخاص لتقديم الدروس الخصوصية 570 مطلبا فحسب. وهو رقم محتشم بالنظر إلى الكم الهائل من" الدروس" المتداولة بالسوق التربوية الموازية التي تحولت إلى ظاهرة الكلّ يتذمر منها والكل ينتقدها والمفارقة أنّ الكل يتعاطاها... ورغم مبادرة وزارة التربية والتكوين بإعادة ترتيب بيت هذا النشاط ودعم تقنينه وتنظيمه لتجنب التجاوزات والتقليص من المخالفات بالتذكير بالإجراءات المنظمة والحرص على تفعيلها والحثّ على احترامها تبقى حصيلة التفاعل والانخراط في التمشي الجديد لإعادة ترشيد هذه الظاهرة دون المستوى المؤمل والمنشود إلى حدّ الآن فهل ينطبق على هذا الاستنتاج مقولة" أصعب الأمور مبادئها" وبالتالي توقع تجاوب أكبر مستقبلا مع إجراء الاسترخاص؟ يبدو أنّ التفاؤل بتحسن التفاعل من قبل معشر المربين المتعاطين لهذا النشاط انطباع يحدو الوزارة التي تأمل في تطور مؤشر التزام الراغبين في القيام بهذه الدروس الفترة القادمة - وفق ما أوردته بعض المصادر- مع تكثيف عمليات التحسيس والإعلام صلب المؤسسات التعليمية في هذا الغرض. وهكذا يتوقع أن تتصاعد وتيرة هذه الحملات عسى أن يعطي إجراء الاسترخاص الإجباري أكله والتعويل أساسا على تفهم المربين وانخراطهم في هذا التمشي بما يقلص من التجاوزات المسجلة. "وإن تعول وزارة التربية والتكوين على وعي المدرسين القائمين بهذه الدروس وتفاعلهم التلقائي مع المبادرات الرامية إلى ترشيد الظاهرة فإنها في المقابل لن تتردد في الاضطلاع بدورها الرقابي على ظروف سير هذا النشاط والتصدي للمخالفات" تبعا لما أفاد به مصدرملم بالملف معتبرا أنّ كل من لا يلتزم بمطلب الاسترخاص مخالف ويخضع بالتالي إلى المساءلة وتطبيق القانون. الوزارة لا تعارض موقف وزارة الإشراف من الدروس الخصوصية سبق لوزير التربية والتكوين في عديد المناسبات التذكير به وهو موقف يستند إلى القبول بها وعدم معارضة مبدإ تقديمها مادامت منصهرة ومتناغمة مع الأبعاد التربوية والبيداغوجية ومحترمة لشروط تنظيمها وما يعزز هكذا موقف رصيد الثقة الهام في المربي. إلا أنّ الاحترازات والاعتراضات تسجل حضورها وتطرح بقوة عند خروج الدروس عن أهدافها وتتحول إلى ابتزاز للتلميذ والولي وتنقلب إلى تجارة مربحة للقائم بها مربكة لميزانية العائلة وخطرة على مردود التلميذ وحقيقة مستواه. في هذا السياق تندرج الخطة التي وضعتها الوزارة والتي تجمع بين تفعيل أحكام تنظيم الدروس الخصوصية والتصدي للتجاوزات وترشيد ظاهرتها.وتم منذ شهر جانفي2009 إصدار منشور لتذكير الأسرة التربوية بالتراتيب المنظمة لهذا النشاط وأعدت وزارة التربية والتكوين مطلع السنة الدراسية أنموذجا من مطلب الاسترخاص وضع على ذمة المربين لاعتماده وجوبا من قبل كل من يروم تقديم هذه الدروس وتحتوي مطبوعة المطلب بيانات حول الضوابط والشروط التنظيمية منها ما ينص على منع المدرس من تقديم الدروص الخصوصية لفائدة تلاميذه وتمكين الإدارة الجهوية العائد لها بالنظر من عنوان المحل المعد لهذا النشاط والإلتزام بقبول زيارات التفقد الإداري والبيداغوجي للتحري من مدى احترام التراتيب المقرة. ولأن التشاريع تبقى قابلة للتطوير والمراجعة بما يتلاءم والمستجدات تنكب وزارة التربية على إعداد مشروع أمر لمزيد إحكام تنظيم الدروس الخصوصية بالنظر إلى أن الأمر المعتمد حاليا في تقنين الدروس يعود إلى سنة 1988. نرجو أن تساهم عملية نفض الغبار عن النص المنظم في التصدي للتجاوزات بصفة فاعلة وناجعة ولن يتم ذلك إلا بانخراط الأولياء أنفسهم وضبط النفس عن الانقياد الأعمى لهذه الدروس التي يرون فيها حبل النجاة والنجاح لمنظوريهم والغاية تبرر الوسيلة.