تونس الصباح نظمت الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي أمس ندوة بجامعة المنار بالعاصمة، خصصتها " لتقييم أولي لمنظومة "إمد". وقد شارك في هذه الندوة علاوة على الجامعيين التونسيين وفود من فرنساوالجزائر والمغرب، وذلك لإطلاع الوسط الجامعي في تونس على التمشي الحاصل في هذه البلدان بخصوص هذه المنظومة، وتبادل التجارب التي تحققت هنا وهناك. وقد إنطلق التقييم الأولي لمنظومة "إمد" في تونس، والذي تم عرض نتائجه خلال الندوة، من خلال دراسة ناتجة عن إستفتاء قامت بها الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، غطت فيه كافة فروع الجامعة التونسية، وشملت عينات من الأساتذة والطلبة في كل الاختصاصات الجامعية المعنية بنظام "إمد". وتفرعت الدراسة من خلال الإستفتاء الذي قامت عليه إلى 22 سؤالا، اتصلت بجوانب عديدة تهم مشاريع التخرج ومدى عمقها وملاءمتها مع تطلعات الطلبة، طبيعة الموضوع واختيار الطلب، ومدى توفر المؤسسة الجامعية على الإطار الكافي الملائم للتدريس والتقييم البيداغوجي المختص في كل اختصاص يتماشى ونظام منظومة "إمد". وشملت الأسئلة التي قامت عليها الدراسة أيضا الأبعاد المتصلة بتوفر الإطار الإداري القادر على توفير لوازم هذا النظام، وما إذا تعرض الطالب إلى صعوبات تخص التوجيه والتخصص، وهل يتوفر بالمؤسسة أو تم تدعيمها بلوازم البحث والعمل والدراسة الازمة، وهل تابع الأساتذة تكوينا خاصا للتدريس عبر نظام "إمد"، وهل تتلاءم حصص ساعات البحث مع حاجة الطالب، وما هي أبرز المشاكل الجامعية التي ظهرت مع هذا النظام؟ وإلى جانب جملة الأسئلة الواردة في الدراسة والاستفتاء جاءت الاجابات لتؤكد جملة من الصعوبات في مجمل الأسئلة المطروحة، حيث أبرز الاستبيان أن عدم الرضا كانت نسبته أهم، وتتجاوز على الدوام ال50 إلى 70 و80 في المائة. حول الإطار الجامعي المباشر ل«إمد» وأبرزت الدراسة في جوانب أخرى من نتائجها أن هناك نقصا واضحا في إطار التدريس والاقبال على العمل ضمن هذا النظام، كما أن عمل اللجان القطاعية ليس منظما طبقا لنظام وخصوصية الأهداف الموضوعة، وكذلك فإن محاور البرامج لا تتلاءم مع ما خصص لها من آجال وأوقات. كما أن البرامج الجديدة غير متوفرة للجميع ولا تخضع في توزيعها إلى نظام واضح وعام، وهي أيضا لا تراعي خصوصية المؤسسة الجامعية والمحيط الذي تنزلت فيه. وجاء في شرح جملة الأسباب التي قادت إلى ضرورة إجراء الدراسة، أنه تمر اليوم 3 سنوات على تطبيق منظومة إمد في الجامعة التونسية، وبدون العودة إلى ظروف تطبيق هذا الإصلاح، فإن التساؤلات ما انفكت تسجل حول محتوى الإصلاح وانعكاساته على برامج التكوين وظروف العمل أيضا. وجاء في الدراسة أنه تجاوبا مع التساؤلات تسعى الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي إلى سبر آراء العدد الأكبر من الأساتذة عن طريق الاستبيان الذي قامت به، والذي يهدف أيضا إلى ابراز آراء أكثر ما يمكن من الجامعيين لعدة جوانب من الإصلاح لعل أهمها يتمثل في: مسألة التشاور والتشريك في إعتماد الإصلاح درجة التمكن من مختلف أبعاده وانعكاساته. جاهزية المؤسسات الجامعية وإطار التدريس والسلك الإداري لتطبيق المنظومة. مدى إنخراط محيط المؤسسات الجامعية في الإصلاح. الإشكاليات الجديدة التي يطرحها الإصلاح. المهام الإضافية الجديدة بالنسبةلإطار التدريس. ولفتت الندوة الاهتمام بالخصوص إلى الإجراء الأخير الذي اتخذته وزارة الإشراف والمتعلق بتقليص التكوين الأساسي على حساب المهنية المفرطة للتكوين الجامعي، وكذلك عن انعكاسات المنظومة الجديدة على القوانين الأساسية لمختلف الأسلاك وعن مدى إقرار سلطة الإشراف بالحق في مجازاة المجهود الإضافي الذي يبذله الإطار التربوي بعنوان المهام الإضافية المترتبة عن الإصلاح. «إمد» في تجارب بعض البلدان الحاضرة في الندوة واتسعت الندوة من جانب آخر منها ليستمع من تابعها من الجامعيين والمدعوين إلى تجارب كل من فرنسا والمغرب والجزائر بخصوص هذا النظام الجامعي الجديد.حيث حاضر فيها الجامعي الفرنسي جاك دوقوي مشيرا من جانبه إلى أن "إمد" في فرنسا تعيش هي الأخرى صعوبات متعددة ومتنوعة، حيث سجل فشل 52 في المائة من الطلبة الموجهين إليها في سنتهم الأولى. كما بين أن نظام "إمد " في فرنسا مازال يشكو من تنطيم ونقص وعدم وضوح التقسيم على مستوى الاختصاصات. وبين أنه على الرغم من هذا فقد إنطلقت مرحلة "إمد 2" التي تدعو إلى أوروبية النظام التربوي العالي، وأشار إلى أن هذا يمثل أيضا إشكالا كبيرا مادام النظام الفرنسي الخاص بهذا البعد لم تتضح معالمه بعد؟ أما الجامعية المغربية نبيلة منيب فقد أفادت أن نظام "إمد" بالمغرب يعتبر حديثا حيث لم يمض عليه سوى سنتين، لكن مع هذا فقد أفادت أنه غير واضح ولم تضع سلطة الإشراف عليه في المغرب خطة سياسة تربوية لتطبيقه. كما أشارت إلى أن التعليم في المغرب تغلب عليه الخوصصة في مراحله الابتدائية، وهو أمر مثل حاجزا كبيرا لدى الفئات الواسعة من عموم التلاميذ، ولعل هذا الواقع بدأ يتسرب أو ينعكس على التعليم الثانوي، وهو ما يجعل الجامعة عامة ونظام "إمد" الجديد، يتطلب وقتا طويلا لتركيزه على أسس جديدة لا علاقة لها بالنظام التربوي التقليدي في المغرب. واختتم الأستاذ الجزائري عبد الملك الرحماني آخر التدخلات ليشير إلى أن نظام "إمد3 مازال متعثرا بالجزائر رغم انطلاقه منذ سنة 2004، حيث استقبل بشيء من الاحتجاج والمقاومة من قبل الأساتذة والطلبة. وأشار إلى أن السبب الأساسي في ذلك يعود إلى عدم وجود استعداد مسبق له على مستوى البنية الأساسية للجامعة وأيضا بخصوص البرامج. وبين أنه تجرى الآن محاولة لتأهيل الجامعة ووضع سياسة تربوية أصلاحية شاملة، وذلك بمراجعة جذرية للبرنامج الجامعي التقليدي. وبين أن هذا الاصلاح يتطلب وقتا طويلا وهذا ما جعل النظام الجامعي حاليا في الجزائر أزدواجي بين "إمد" والتقليدي القديم. علي الزايدي تحسين ظروف دراسة الطلبة إختتمت الندوة بتقرير تطرق إلى إبراز جملة المشاغل والمشاكل العالقة بالجامعة والناتجة عن نظام "إمد" بخصوص البرامج وتوجيه الطلبة والبنية التحتية، وغيرها من الجوانب التي أثارها العديد من الأساتذة في تدخلاتهم. ولئن يطول أن نأتي على كل ما جاء في التقرير الختامي ونكتفي بأبرز المطالب التي جاءت في التقرير على لسان كاتبها العام الأستاذ سامي العوادي والمتمثلة خصوصا في الدعوة إلى ضرورة: القيام بتقييم مستقل حول التمشي الحالي للمنظومة. إعادة النظر في تركيبة وصلوحيات اللجان القطاعية. مكافأة المجهودات الإضافية للأساتذة المنجرة عن تطبيق المنظومة. تحسين ظروف دراسة الطلبة. بعث مجلس أعلى للتعليم العالي ذو تركيبة تعددية.