لا يخفى على أحد ما قدمته «الكنام» من خدمات جليلة لما لا يقل عن المليوني عائلة كانت تعاني من تعقيدات وتعطيلات وتكاليف العلاج على امتداد عقود عديدة. تحوّل خلالها النظام الصحي الى نظامين واحد لمن في استطاعته تسديد الثمن الباهظ فيحظى بالعناية اللازمة وثان لمن لا حول له ولا قوة فاستوجب عليه الانتظار وتحمل مسؤولية ما ينجم عن ذلك من مضاعفات صحية. ولم تقتصر جليل خدمات «الكنام» على المضمونين الاجتماعيين بل جاوزتهم لتشمل سلك الأطباء الذين مع ارتفاع عددهم باتوا في حاجة الى من يشدّ أزرهم لضمان مستوى عيش مقبول بعد أن بذلوا جهودا مكنتهم من اقتلاع شهائد الكفاءة اللازمة التي تؤهلهم من مواقعهم للائتمان على حياة الناس. لكن يبدو أن البعض اعتقد أن ما عرضته «الكنام» كعكة ضخمة عليه أن ينال منها أكبر قدر ممكن ويحظى كما كنت قد ذكرت في نفس هذا الركن بالزبدة وثمن الزبدة فطفق يحدد تعريفات خاصة به ويستغلّ ضعف المواطن وصمت مسؤولي «الكنام» ليحصل على التعريفة وما فوق التعريفة وليتلاعب بأعصاب المواطن ويستنزف مقدرته الشرائية بوصف أدوية لا يعوّضها الصندوق ثم لا يتوانى في التصريح بأن مآل هذا المشروع الفشل ، وقس على هذا المنوال من وابل التهم التي تعزز الشكوك لدى المواطن البسيط... إن ما يحدث اليوم يستوجب وقفة حازمة من الإدارة العامة للصندوق الوطني للتأمين على المرض تبدأ بإصدار بلاغات رسمية توضّح ما يفترض أن يسدده المضمون دون زيادة أو نقصان أو احتساب للأداءات تحت الطاولة وأن تجعل تعليقها في عيادات الأطباء شرط تجديد التعاقد معها وأن تحثّ منظوريها على المبادرة بالتبليغ عن كل تجاوز حتى لا يتّهم الصندوق بأنه يفضّل من يقبض منه على من يدفع له فهو من مال المنخرط وخدماته إليه تعود وليس من المعقول أن نغضّ الطرف عن المخالف ونتشدد مع الضحية!