صفاقس- الأسبوعي ... أمر غريب حصل في الآونة الأخيرة يتمثل في منح ترخيص لشركة عقارية تابعة لشركة صفاقسالجديدة بإقامة عمارة ضخمة ذات عشرة طوابق في المقسّم عدد 23 أي في الساحة الموجودة حيث مأوى السيارات وتحديدا بين جامع اللخمي وطريق قرمدة بمنطقة باب الجبلي قرب السمك بباب الجبلي، وقد علمنا أن هذه الشركة قد تحصلت على رخصة البناء من المصالح المختصة ببلدية صفاقس: هذه العمارة ستشوّه كل المعالم الموجودة بالمنطقة حسب شهادة المختصين بل وستخفض من قيمتها وجمالها وستفقد المكان التناغم الموجود بين مختلف الأنماط العمرانية... ويبدو أنه بالرغم من أن أيّ بناء يقام في هذه المنطقة ينبغي أن يكون منخفضا عن أعلى سور المدينة فإن العمارة بطوابقها العشرة ستعلو السور وتشوّه جمالية المدينة العتيقة. ومن هذا المنطلق تحرّكت العديد من الجهات التي تنشط في النسيج الجمعياتي منها جمعية حماية البيئة والطبيعة بصفاقس أو غيرها إضافة للتحرّكات الفردية وقد وجّهت هذه الأطراف رسائل في الغرض للجهات المعنية وعريضة في الغرض ممضاة من قبل العديد من الأشخاص لإبطال هذا المشروع الذي يسىء إلى المعالم التاريخية... وطالبت بسحب الرخصة فورا. ... وحسب متابعين للتطور العمراني فإن شركة صفاقسالجديدة ارتكبت منذ تأسيسها إلى اليوم عديد الأخطاء تسبّبت في العديد من المشاكل للمدينة ومتساكنيها على مستوى الجولان والنقص في التجهيزات والبنى التحتية والمساحات الخضراء، هذا إلى جانب إزالة الخط الحديدي الذي كان يعبر منطقة صفاقسالجديدة بالرغم من تحذير المتخصصين، وقد ندم المسؤولون على هذا الصنيع، فمنذ إنشائها قبل ستّ وعشرين سنة كانت الشركة مطالبة بإقامة منشآت إدارية وثقافية وتعليمية على مساحة تغطي 12 هكتارا من مجموع 66 هكتارا و23 هكتارا مساحات خضراء وشبكة طرقات وأرصفة و30 هكتارا محلات سكنية وتجارية، لكن ذلك لم يحصل إذ لم تنجز ما كانت مطالبة به، هذا فضلا عن أن قنوات التطهير بمنطقة صفاقسالجديدة ليست محيّنة باعتبار أن البناءات قد تضاعفت عديد المرات، كما أنه توجد بها 2000 مكان لإيواء السيارات في حين أنها مطالبة بتوفير 20 ألف مكان نظرا لارتفاع حجم أسطول السيارات من جميع الأصناف، وكان من المفروض إيجاد محطات عديدة تحت أرضية ومحطات ذات طوابق. يذكر أن جامع سيدي اللخمي الذي ستنشأ بجانبه العمارة يعدّ معلما دينيا هاما لا من المعالم العالمية النادرة من حيث هندسته المعمارية التي حافظت على النمط العمراني العربي الإسلامي مع السعي إلى تحقيق الحداثة دون المسّ بالجذور والهوية والأصالة وكذلك سوق قريعة حيث سوق السمك الشهير وبناءات الأروقة... بين هذه المعالم يوجد تناغم في الأنماط العمرانية تمّت المحافظة عليها على امتداد عقود طويلة، لكن جاء ما سيعكّر صفو هذه الأجواء فهل تستجيب السلط الجهوية لنداءات المجتمع المدني؟ محمد القبي للتعليق على هذا الموضوع: