قد يكون الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وجد في عودة الأصوات المعارضة إلى الواجهة - إثر وفاة آية الله منتظري المعروف بمواقفه الإصلاحية - فرصة لمخاطبة الغرب ومن ورائه المجتمع الدولي بلهجة أكثر حدة وبمسحة تهكمية فيها من التحدي والتعنت ما يمثل رسالة للمعارضة وأيضا للستة الكبار بأن رد طهران على المهلة المحددة التي تنتهي أواخر ديسمبر لقبول اتفاق يخص تخصيب اليورانيوم خارج إيران هو رفض نهائي لا تراجع عنه. هذا التحدي الذي أبداه نجاد بقوله »من أنتم حتى تحددوا لنا مهلة« يؤكد أن الملف النووي الإيراني رغم كل ما يحيط به من ملابسات وما قد ينجر عنه من انعكاسات وعقوبات على بلاده يبقى عنصرا أساسيا في الخطاب الرسمي الإيراني وهو خطاب قلما لا توجد فيه نبرة متحدية تجسم أهمية البرنامج على صعيد الدعاية الداخلية ومكانة إيران الإقليمية. فبمخاطبته الغرب بلهجة التحدي يكون الرئيس الإيراني قد برهن للمعارضة أنها تبقى عاجزة عن التأثير داخليا وبالتالي لن يصل صوتها إلى خارج إيران أي أنها لن تجد آذانا صاغية ما دام النظام الإيراني يتمتع بموقف تترجمه سلسلة تحديات نجاد العلنية. وطهران بتماديها في رفض ما يعرض عليها من حلول لوضع برنامجها النووي في إطار سلمي تجلب المتاعب لنفسها أولا لأن هناك اجماعا لدى الدول الكبرى- تقبله طهران أو ترفضه - بضرورة خضوع برنامجها النووي إلى المراقبة وثانيا لأن كل ما يحيط بإيران من وجهة النظر الجيواستراتيجية المجردة يرفض بشدة وجود برنامج إيراني يؤدي إلى امتلاك طهران السلاح النووي. ولكن إذا كانت طهران إلى حد اليوم ترفض وتتحدى، فإنها تدرك جيدا أن العقوبات لن تؤثر فيها بالشكل الذي ترتئيه الأطراف الغربية ولكن تبقى مسألة التدخل الإسرائيلي بحسم الملف عسكريا واردة رغم ما أبداه البيت الأبيض من تحفظ تجاه الخيار العسكري تحسبا لانعكاساته المحتملة على المنطقة في ظل امتلاك إسرائيل القنبلة النووية. ولهذا تأمل طهران في كسب الوقت والمضي في برنامجها النووي ولو بخطوات بطيئة لكن حتى وإن كانت لا تريد أن يبدو ذا صبغة عسكرية في هذه المرحلة مثل ما تروج له، فإنها بالتأكيد تريد أن تضمن له استقلالية تجاه الغرب بصورة عامة بمنع كل تدخل مباشر بشأنه.