تونس الصباح من »النوبة« إلى »الحضرة« و»نجوم« و»زغندة وعزوز« تبدو بصمته في عالم العروض الفرجوية الكبرى واضحة خاصة إذا تحالفت »عبقريته« مع »جنون« الفاضل الجزيري لإنجاز كل هذه المحطات الفنية والصوفية التي صنعت لتاريخ موسيقي مغاير في فترة التسعينات... واتجه سمير العقربي إلى التلحين في فترة وصفت بالذهبية في تاريخ الفن والغناء في تونس. وكانت »سلطان حبك« بصوت أمينة فاخت و»سور المدينة شاهد« لعدنان الشواشي و»دورتني في صباعك« لشكري بوزيان، وهي أغان سكنت الذاكرة ونحتت اسم سمير العقربي الملحن على لوح ذهبي... وبين ثمانينات القرن الماضي و2010، لم يتغير العقربي، فظل وفيًا لتجربته وبحثه المتواصل عن جملة موسيقية متمردة... التقته »الصباح« في حوار صريح حول حقيقة ما يروج حول غنائه في بعض الملاهي الليلية، كما شمل اللقاء واقع الموسيقى في تونس... قدمت »أنا عاشق يا مولاتي« سنة 2000، وبعد تسع سنوات ها هو يتوج الأفضل والأكثر تأثيرًا في كل من استمع إليه.. ما تعليقك؟ يعني توجد تسع سنوات من التخلف عن مواكبة جديد سمير العقربي، وهذا مؤلم جدًا، فكيف يكون هذا العمل من العام 2000، وأطالع في بعض الصحف أنه أفضل الأنغام التونسية في سنة 2009... »شي يضحك«! أضيف وأقول إني لست في قطيعة مع الإعلام... كيف أكون كذلك وأنا أعمل في صلب مؤسسة الإذاعة التونسية، ولا أحرص على الحضور إلا مع وسائل الإعلام التي تحترم المبدع ولا تسعى إلى التشهير به لغاية تجارية... ألم تسهم وظيفتك على رأس مصلحة الموسيقى بمؤسسة الإذاعة في تعطيل الفعل الإبداعي لديك؟ لا.. لست عاملاً في مجال التجارة حتى يتعطل فعل الإبداع لديّ... فحتى منصبي في الإذاعة هو بالأساس مكمل لمشاريعي الموسيقية التي لا تتوقف.. فأنا في حالة إنتاج متواصل. لا أكف عن هذا الفعل حتى وإن لم تجد الأعمال التي أشتغل عليها من يوصلها إلى الناس... هل لفتت انتباهك، خلال السنة المنقضية، أغنية تونسية جميلة استمعت إليها فنالت استحسانك؟ (بعد صمت)... لست مستهلكًا للموسيقى حتى أتأثر بما أستمع إليه... وليس من السهل أن تصل إلى أعماقي جملة موسيقية عابرة من أمامي... عمومًا، منتج الموسيقى ومبدعها لا يستسيغ الموسيقى التي يستمع إليها بسهولة... هل هو تعالي المبدع الفخور بإنجازاته الفنية »العظيمة«؟ لا ليس صحيحًا ما ذهبت إليه من استنتاج.. عمومًا، يختلف المبدع عن المستهلك »العادي« للموسيقى في مسألة التقييم، سمير العقربي مثلاً لا يعجبه ما يقدمه من موسيقى ويجد صعوبة في الاستماع إليه في الوقت الذي ينجزها فيه... قد تمر سنوات طويلة حتى أستسيغ ما أنجزته من أغان أو من قطع موسيقية. وبما أن الملحن يكون في حالة مخاض يتسلل أثناءها إلى تفاصيل العمل الذي ينجزه، فإنه يكون أكثر من غيره من الناس ملمًا بالخفايا، فلا يقنعه أيٌّ من الإنجازات أو الإنتاجات التي يستمع إليها لأنه يدرك بسهولة ما تفتقر إليه موسيقيًا... على أرض الواقع... لم ينتج الفنانون في تونس أغان »ضاربة« خلال 2009؟ هذا الكلام نفسه قيل في بداية الثمانينات، وهاجموا حينها أغاني تلك الفترة.. واليوم تقول إن فترة الثمانينات هي الفترة الذهبية في تاريخ الفن والغناء. لا أفهم سر هذا الهجوم وهذه الطريقة في النقد... لكل حقبة زمنية خصائصها على مستوى المقترحات الفنية ولا يمكننا الجزم بأن سنة 2009 كانت سنة القحط الفني. لماذا عبّرت عن موقف غريب من قرار حجب مهرجان الموسيقى سنة 2009، فأنت ضد قرار الحجب ولا تراه مجديًا رغم ما عشناه من »غصرات« بسبب تواضع المشاركين على مستوى مضمون ما قدموه؟ وفي المقابل لماذا لا تنظرين إلى الجيل الجديد من العازفين الذين يقدمهم المهرجان في كل سنة؟ هؤلاء يجدون فضاء لاحتواء أحلامهم، يعبّرون من خلال العزف ويقدمون أداء متقنًا ومقنعًا، هؤلاء ألا يستحقون أن ننظم المهرجان لأجلهم؟ ناهيك أن التظاهرة مطالبة بالصمود والانتظام كل سنة حتى وإن كانت إنتاجات الفنانين غير مقنعة، أنا ضد الحجب الذي يظلم الفنانين والموسيقيين... هل صحيح أنك أصبحت »مدمنًا« على الغناء في الملاهي الليلية للترويج لأغنياتك؟ أريد أولاً أن أدافع عن هؤلاء الذين يعملون في الملاهي الليلية... فما المانع في غناء بعض الفنانين في هذه الأماكن؟ هل يدعو الأمر إلى المحاكمة؟ هناك، يجد الفنان صنفًا من الجمهور الباحث عن المتعة والراغب في لذة اللحظة، وليس سهلاً على كل مبدع أن يوفر هذه اللذة لهؤلاء، فما العيب لو غنى الفنان في ملهى؟ إذن أنت تغني في الملاهي وترى الأمر عاديًا ولا يسيء إليك كمبدع له تاريخ حافل بالنجاحات الكبرى؟ شخصيًا لم أغن في ملهى ليلي منذ سنة 1985... في تلك الفترة غنيت في ملاه تونسية وأجنبية أيضًا، في فرنسا مثلاً وفي كندا وغيرهما من دول أوروبا... ولكن منذ تلك السنة لم أفعل ذلك... تقول نجاة عطية أن بينكما تعاملاً فنيًا قريبًا، فهل انطلقتما فعليًا في التنفيذ لإطلالة مشتركة؟ أريد أن أوضح أمرًا أدهشني، فأمينة فاخت ولطيفة ونجاة عطية يصرحن أن عملاً قريبًا سيجمعهن بسمير العقربي.. وأنا آخر من يعلم. هذا الأمر مؤسف، وأريد التوضيح كذلك، فقط صابر الرباعي وسنيا مبارك سينفذان أعمالاً مع سمير العقربي، البقية... »ربي يهديهم«...