اعتقد الكثيرون أن ما كان يعرف ب"الهاتف الأحمر" بين موسكووواشنطن انتفى وجوده بمجرد انهيار الاتحاد السوفياتي ودخول العلاقات الروسية الأمريكية مرحلة جديدة يغلب عليها أحيانا المهادنة وأحيانا أخرى الوفاق بعيدا عن التوتر الشديد الذي كان يحتم في مناسبات عديدة أثناء الحرب الباردة اللجوء إلى الهاتف الأحمر ولكن ها هو هاتف أحمر آخر سيربط بين الصين واليابان سيخصص للمسائل العسكرية بين البلدين هذا الاتفاق جاء أثناء زيارة وزير الدفاع الصيني إلى طوكيو ومحادثات مع نظيره ورئيس الوزراء اليابانيين ويترجم عن وضع العلاقات بين البلدين التي شهدت تحسنا نسبيا منذ وصول المحافظ شنزو آبي إلى رئاسة الحكومة اليابانية بعد توترات أثناء فترة الحكومة السابقة ولا شك أن المتتبعين للشأن الأسيوي يلاحظون الحرب الخفية بين الصين واليابان التي لم تهدأ حتى بعد مرور عقود طويلة من تطبيع العلاقات بين الجانبين في أعقاب احتلال ياباني لأجزاء شاسعة من الصين وظهور نظام جديد في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وظلت مسألة اعتراف طوكيو بالجرائم التي ارتكبها جنودها أثناء الاحتلال حجر عثرة في تطبيع كامل للعلاقات خصوصا على الصعيد الشعبي ولكن لا يمثل العامل التاريخي لوحده سببا للتنافر بين البلدين فالصين أصبحت قوة إقليمية لا يستهان بها بل إن احتمال تطورها إلى قوة عالمية ما زال يثير هواجس اليابانيين الذين يخشون تنامي قوة الصين عسكريا واقتصاديا خصوصا أن المعجزة اليابانية التي حولت اليابان من بلد مدمر إلى بلد قوة اقتصادية أصبحت مهددة بفعل المنافسة الصينية الشرسة فالمسألة لا تتمثل فقط في جانب ثنائي بل إقليمي أيضا لأنه يفترض أن يكون اليابان أولى الكوابح للقوة الصينية من وجهة نظر واشنطن التي يهمها بقاء اليابان دليلا عن نجاح النموذج الرأسمالي في آسيا وعنصرا هاما في محاصرة الصين ولعل الخلافات السياسية بين الصين واليابان تتمحور حاليا حول الاعتراف الياباني بتايوان الجزيرة التي تعتبرها بيكين "متمردة" عليها منذ قيام الصين الشعبية بينما تحاول بيكين توحيد الصين خصوصا بعد نجاح عملية استعادة هونغ كونغ فيما ترى طوكيو أن الصين زادت في ميزانيتها العسكرية وهو ما جعل العلاقات تتوتر وتترسخ الريبة بين البلدين إن وجود هاتف أحمر بين بيكين وطوكيو سيعني أن العلاقات بين البلدين مرشحة لأن تشهد توترات وفق تطورات الأحداث في آسيا منطقة الظل بالنسبة لمصالح أمريكا وهي منطقة ما زالت أفغانسان وإيران والعراق والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية تسرق الأضواء منها ولعل المواجهة الأولية في حرب المصالح بين الصين وأمريكا قد بدأت بالفعل في السودان حيث كانت الأسبقية للصين في التنقيب عن النفط