عاجل: كل معاملاتك في السجل الوطني للمؤسسات تولي إلكترونية قريبًا.. شوف التفاصيل    عاجل/ تفاصيل جديدة عن حادثة وفاة امرأة اضرمت النار في جسدها بأحد المعاهد..    الحماية المدنية: 537 تدخلا منها 124 لاطفاء الحرائق خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    حبوب: البنك الوطني الفلاحي يرفع من قيمة التمويلات لموسم 2025/ 2026    قبلي: انطلاق التحضيرات الاولية لانجاز مشروع الزراعات الجيوحرارية بمنطقة الشارب    عاجل : وزير النقل يضع مهلة ب15يوما لضبط روزنامة برامج عمل    عاجل: أسباب إرتفاع اسعار لحوم الدجاج في تونس    تونس تقفز 3 مراكز في تصنيف الفيفا بعد تأهلها لمونديال 2026... وهذا هو الترتيب    الملعب التونسي يفسخ عقد الياس الجلاصي    كرة السلة - شبيبة القيروان تتعاقد مع النيجيري فرانسيس ازوليبي    اللاعب التونسي نادر الغندري في موقف محرج مع مشجّع روسي ...شنية الحكاية ؟    الغنوشي: '' البشائر تتأكد شيئا فشيئا خصوصاً بالشمال والوسط الأسبوع القادم.. وكان كتب جاي بارشا خير''    اجتماع بمعهد باستور حول تعزيز جودة وموثوقية مختبرات التشخيص البيولوجي    علاش لثتك منتفخة؟ الأسباب والنصائح اللي لازم تعرفها    عاجل: ليبيا تفرض فحوصات إجبارية لكل عامل أجنبي بعد اكتشاف حالات مرضية    "يخدعني ويخلق المشاكل".. المعركة الكلامية تحتدم بين ترامب ونتنياهو    تونس تشارك في بطولة العالم للتجديف أكابر بالصين بخمسة رياضيين    سليانة: رفع 372 مخالفة اقتصادية منذ شهر أوت الماضي    عاجل/ غرق 61 مهاجرا غير شرعي اثر غرق قارب "حرقة" قبالة هذه السواحل..    عاجل/ مجلس الأمن الدولي يصوّت على مشروع قرار جديد بشأن غزة..    رابطة ابطال اوروبا : ثنائية كين تقود بايرن للفوز 3-1 على تشيلسي    عاجل/ بطاقة ايداع بالسجن ضد رئيس هذا الفريق الرياضي..    اللجنة الأولمبية الدولية تدعو المبدعين لتصميم ميداليات أولمبياد الشباب داكار 2026    توقّف العبور في راس جدير؟ السلطات الليبية تكشف الحقيقة!    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ تقلبات جوية وأمطار بداية من هذا التاريخ..    الموت يغيب هذه الإعلامية..#خبر_عاجل    هام/ وزير التجهيز يشرف على جلسة عمل لمتابعة اجراءات توفير مساكن اجتماعية في إطار آلية الكراء الممللك..    عاجل: بذور جديدة وتطبيقات ذكية لمواجهة الجفاف في تونس    200 حافلة حرارية جايين من جنيف.. تحب تعرف التفاصيل؟    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري بعد صراع مع المرض    في بالك الى فما مكوّن سرّي في زيت الحوت... شنوة يعمل في جسمك؟    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    التنسيق الثنائي في عديد المسائل ،والتوافق حول أغلب القضايا الإقليمية والدولية ابرز محاور لقاء وزير الدفاع بولي عهد الكويت    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    أول سيناتور أمريكي يسمي ما تفعله إسرائيل في غزة "إبادة جماعية"    جدال في بنغازي: شنوّا صار بين هادي زعيم والإعلامية المصرية بوسي شلبي؟    مشادة بين هادي زعيم وبوسي شلبي خلال مؤتمر الإعلام العربي في بنغازي    عاجل: عامر بحبّة يبشّر التونسيين...''منخفض جوي كبير باش يضرب تونس في آخر سبتمبر''    اللجنة الوطنية للحج تستعدّ لموسم 1447ه: ترتيبات متكاملة لضمان أفضل الظروف للحجيج    فرنسا على صفيح ساخن: مليون عامل إلى الشارع لمواجهة سياسات ماكرون    اريانة: جلسة عمل اللجنة الجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها وتنظيم النجدة    ترامب يصنف "أنتيفا" منظمة إرهابية كبرى بعد اغتيال حليفه تشارلي كيرك    تونس ضيفة شرف مهرجان بغداد السينمائي...تكريم نجيب عيّاد و8 أفلام في البرمجة    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    جريدة الزمن التونسي    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    جريدة الزمن التونسي    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الكورية: «مناوشات جوار»... أم طبخة ل«الانفجار»؟
نشر في الشروق يوم 22 - 12 - 2010


تونس «الشروق»:
تشهد الأزمة الكورية هذه الأيام تصعيدا خطيرا بات يهدد بادخال الاوضاع بشبه الجزيرة الكورية في نقطة اللاعودة وينذر بدفع الامور الى حرب شاملة بين الكوريتين...
ويبدو واضحا أن هذه الأزمة بملابساتها وتداعياتها المحتملة لن تتوقف عند حدود بيونغ يانغ وجارتها سيول بل ربما قد تطال ألسنتها حتى المناطق المجاورة خاصة مع التوجه التصعيدي الذي تسلكه الولايات المتحدة في مجلس الامن...
وهذا التوجه الامريكي الذي يصطدم من جهة باعتراض صيني وروسي ويترافق من جهة اخرى مع مناورات عسكرية أمريكية كورية مشتركة يطوي بين ثناياه فرصا أكبر لاندلاع مواجهة جديدة قد ترسم حدود الانعطاف الجديدة في شبه الجزيرة الكورية وقد تفتح الباب أمام مواجهة بين الولايات المتحدة وغريمها «الأزلي» التنين الصيني...
لذلك لا يبدو الوضع اليوم بتلك البساطة الخادعة التي ألف فيها العالم استفزازات من الشمال لجاره الجنوبي عادة ما كانت تنتهي بتهدئة هشة... ولذلك لا تبدو الجهود الدولية قادرة هذه المرة على انهاء العداء التاريخي الممتد بين البلدين الى نحو 60 عاما رغم الدعوة التي أطلقتها بكين لعقد جولة مباحثات طارئة ضمن المفاوضات السداسية المعنية بالملف النووي لكوريا... فوضع بهذه التعقيدات والملابسات يبعث اليوم على اطلاق أسئلة بالجملة حول مصير الاوضاع في شبه الجزيرة الكورية التي تبدو مرشحة للإنفجار ... في هذا العدد الجديد من الملف السياسي تحاول «الشروق» تسليط الضوء على الأزمة.
المفكر المصري أنور عبد الملك : أمريكا أشعلت الأزمة لخنق «التنين الصيني»
تونس «الشروق»:
حمل المفكر المصري المخضرم الدكتور أنور عبد الملك في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف الولايات المتحدة المسؤولية عن احتدام الأزمة في شبه الجزيرة الكورية محذرا من أن الأمر قد يتطور الى صراع واسع النطاق.
المفكر المصري رأى في التصعيد الجاري حلقة من الحرب الأمريكية الرامية الى محاصرة الصين واضعافها... والدكتور أنور عبد الملك عاش شطرا مهما من حياته في شرق آسيا وله كتابات ومؤلفات عديدة حول اليابان والهند والصين وفيتنام وهو أيضا ينتمي الى مفكري جيل الحرب العالمية الثانية... وفي ما يلي هذا الحوار...
كيف تحللون، دكتور، مدلولات التصعيد الأخير في الأزمة الكورية... ومن يحرك خيوط هذه الأزمة برأيكم؟
أعتقد أن هذا التصعيد جاء بناء على قرار من الولايات المتحدة برفع مستوى التوتر في شبه الجزيرة الكورية... أمريكا اليوم تريد اغلاق هذا الملف وحسمه... وواضح جدا أن هناك سياسة استفزاز أمريكية عالية جدا في هذا الموضوع وهذه السياسة قد تؤدي ربما الى تفجير الوضع أكثر مما تؤدي الى تقليم أظافر كوريا الشمالية لكن أظن أن الوضع لن يتوقف فقط على اتجاه السياسة الأمريكية في هذا الملف... هناك قوى أخرى كبيرة مؤثرة ستكون لها كلمة كبيرة في هذا الموضوع... والصراع لن يبقى فقط بين الكوريتين... أنا في رأيي قد تتطور الأمور الى صراع أكبر وأوسع نطاقا... صحيح أن قوى السلم كبيرة ومؤثرة ولكن قوى الحرب كبيرة أيضا...
هل معنى كلامكم هذا أن التوتر سيبقى على حاله وأننا لن نرى بالتالي تسوية وشيكة لهذا الملف؟
أمريكا لا تريد أي حل سلمي للأزمة... هي تدعي ذلك ولكنها في الحقيقة مهتمة بتصعيد التوتر والخلافات في المنطقة أكثر من اهتمامها بالسلام... الكوريتان راغبتان في السلام وانهاء الأزمة... أما أمريكا فإنها تريد الدفع بالأمور الى التصعيد لأنها تسعى من خلال دخولها في شمال المحيط الهادئ الى احكام حصار واسع حول الصين واقامة تحالف استراتيجي مع الهند وتأليب فيتنام على الصين... هناك رأي عام في كوريا الجنوبية يميل أكثر الى التهدئة... هناك أيضا اليابان التي تتمسك بالحوار وتدعو الى التهدئة... الصين بدورها لا تبدو راغبة في الحرب وقد دعت بإلحاح الى عقد اجتماع الدول الست... وربما تكون هذه الخطوة هي الحل المعقول لايجاد تسوية سلمية... وهذا ممكن جد باعتبار أن الصين هي القوة الأكثر قدرة على التحرك ديبلوماسيا لتطويق أي امتداد للأزمة الكوريةوضبط ايقاعها.
لكن ألا تعتقد دكتور أن القبضة الصينية على الملف الكوري الشمالي شابها شيء من التراخي في الفترة الأخيرة؟
لا أنا في اعتقادي أن القبضة الصينية لم تتراخ في التعاطي مع هذا الملف فالصين مازالت تدعم الكوريين الشماليين بشكل كبير... وتمثل حليفا رئيسيا لكوريا الشمالية وهو تحالف ترجمه الموقف الصيني الأخير من الأزمة في مجلس الأمن وأيضا استضافة بيكين مؤخرا للزعيم الكوري الشمالي ورفضها لكل الضغوط والمحاولات الأمريكية الرامية الى معاقبة بيونغ يانغ...
في هذه الحالة كيف ترون مستقبل الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية؟
طالما أن الولايات المتحدة مصرة على دفع الأمور نحو التصعيد، كما قلت فإن احتمالات نشوب حرب كارثية تظل دائما قائمة... وطالما أن مواقف بيونغ يانغ وسيول مازالت متشددة فإن المنطقة تبقى مهددة بتصعيد عسكري خطير...
الدكتور بشير عبد الفتاح يكتب ل«الشروق» : الأزمة الكورية والتنافس الصيني والأمريكي
ورغم أن المعارك قد انتهت من دون غالب أو مغلوب، فلا الأمريكيين وحلفاءهم دحروا المد الشيوعي في شبه الجزيرة الكورية، ولا الشيوعيون الشماليون وحلفاؤهم الصينيون استطاعوا توحيد شطري كوريا تحت اللون الأحمر، إلا أن الصراع ظل ممتدا بصور وأدوات غير عسكرية، كما بقي النفوذ الأمريكي في الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية، مثلما استمرت وشائج التقارب الحميمة بين بكين وبيونغ يانغ على أكثر من صعيد.
وحينما عمدت واشنطن وحلفاؤها الدوليون والإقليميون كاليابان وكوريا الجنوبية إلى تشديد العزلة على كوريا الشمالية عبر فرض العقوبات الأممية والاحادية عليها بسبب سياساتها التسليحية الطموحة في مجال الصواريخ الباليستية والأسلحة النووية علاوة على ملفها في مجالي الديمقراطية وحقوق الإنسان، كانت الصين على طول الخط هي الحلقة الضعيفة في تلك المساعي والجهود حيث تسنى لبيونغ يانغ من خلال علاقاتها الوثيقة ببكين كسر العزلة عبر عرقلة فرض أو تنفيذ العقوبات والتحايل عليها بوسائل شتى. وما إن تلوح واشنطن أو سيول أو طوكيو بين الفينة والأخرى بإمكانية اتخاذ اجراءات عقابية تصعيدية حيال استفزازات وتهديدات بيونغ يانغ المتكررة، حتى تبادر بكين بمطالبة مختلف الأطراف بالتزام الهدوء وضبط النفس مع تأكيد رفضها لأية إجراءات من شأنها أن تضر بالسلام الهش والاستقرار المترنح في شبه الجزيرة الكورية.
وعلى خلاف ما فعلت واشنطن وطوكيو وموسكو وعواصم غربية أخرى، لم تدن بكين حتى الآن القصف المدفعي الكوري الشمالي الأخير للجزيرة الكورية الجنوبية، وإنما اكتفت فقط بالتعبير عن «ألمها وأسفها» للخسائر البشرية التي تمخض عنها، كما ناشدت الكوريتين التحلي بضبط النفس والهدوء وبدء حوار في أسرع وقت ممكن، مؤكدة معارضتها لأي تصعيد في شبه الجزيرة الكورية. وهو ما دفع وسائل الإعلام بكوريا الجنوبية إلى انتقاد ما أسمته «سلبية» الصين في تعاملها مع الأحداث الأخيرة. وفي غضون ذلك، امتدت جسور التفاهم والحوار بين كوريا الشمالية والصين في أعقاب أزمة تبادل القصف المدفعي، حيث تبادل كبار المسؤولين من الجانبين الزيارات الرسمية. وحينما حاولت سيول وبعض العواصم الغربية مطلع الشهر الجاري كبح جماح غطرسة بيونغ يانغ عبر المنظمة الدولية، على خلفية قصفها لجزيرة كورية جنوبية فضلا عن الكشف عن أنشطتها النووية الجديدة وتأكيدها امتلاكها الآلاف من أجهزة الطرد المركزي، حال مندوب الصين الدائم في مجلس الأمن الدولي، دون صدور قرار من المجلس يدين كوريا الشمالية، حيث طالب بحذف كلمات «تدين» و«انتهاك» من أي مشروع قرار أممي يستهدف بيونغ يانغ، وأكدت بكين أن إدانة كوريا الشمالية أو تعبير مجلس الأمن عن قلقه في شأنها، غير مقبول، ورجحت ألا يقوم مجلس الأمن بأي تحرك عقابي تصعيدي إزاء كوريا الشمالية مستقبلا.
ولعل هذا الدور الصيني الملفت في المسألة الكورية هو ما يفسر مواصلة واشنطن تكييل الضغوط على بكين بغية حملها على تقليص تعاونها الإقتصادي والعسكري مع بيونغ يانغ لإحكام عزلها، ومع استمرار توابع زلزال تبادل القصف المدفعي الأخير بين الكوريتين جراء المناورات العسكرية المشتركة بين سيول وواشنطن، لم تجد الأخيرتان بدا لتلافي تفجر الأوضاع من تكثيف مطالباتهما لبكين بضرورة ممارسة الضغوط على بيونغ يانغ لنزع فتيل التوتر الراهن في شبه الجزيرة الكورية. على اعتبار أن مفتاح العزلة الحقيقية على كوريا الشمالية يظل في يد الصين، التي لم تبد استعدادها يوما وعلى نحو جاد للقيام بالدور المنوط بها في هذا الخصوص، حيث ترى بكين أن المخاطر القائمة التي يمكن أن تتأتى من أية مساع لزعزعة الاستقرار على حدود الصين مع شبه الجزيرة الكورية انما تفوق في وطأتها نظيرتها المحتملة جراء انتشار الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية في المنطقة برمتها، خصوصا في ظل مشاطرة بكين لبيونغ يانغ الإستياء من الوجود العسكري الأمريكي في كوريا الجنوبية فضلا عن النفوذ الأمريكي المتنامي في منطقة شبه الجزيرة الكورية.
وفي ضوء ذلك، بدا جليا مقدار القلق والإستياء الصينيين إزاء المناورات العسكرية المشتركة بين واشنطن وكل من سيول وطوكيو في أعقاب تبادل القصف المدفعي الأخير بين الكوريتين، حيث لم يخف الحليف الأول لبيونغ يانغ انزعاجه من تلك الخطوة التي تغذي قلقه من تطلعات واشنطن ومشاريعها الاستراتيجية المستقبلية في المحيط الإقليمي للصين وعلى مستوى القارة الآسيوية برمتها، في ظل مساعي إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحثيثة لإعادة بناء القوة والنفوذ الأمريكيين في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي، والذي ترى فيه بكين تهديداً لمصالحها ونفوذها الإقليمي فيها. كما ترى بكين في مشاريع واشنطن لتوحيد شبه الجزيرة الكورية لتكون دولة واحدة موالية لها تهديدا لا يقل وطأة وخطورة على المصالح الصينية فى المنطقة.
ويبدو أن ما يجري في شبه الجزيرة الكورية غير منبت الصلة بالتنافس الأمريكي الصيني وبأجواء القلق والتوجس المتبادلين، والتي تلقي بظلالها على العلاقات الصينية الأمريكية منذ انهيار ما كان يسمى بالاتحاد السوفياتي. ويأتي في هذا السياق، إصرار واشنطن على إجراء سلسلة من المناورات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية في البحر الأصفر ثم إجراء مناورات أخرى مع اليابان، هي الأكبر والأضخم، رغم إدراكها للاستياء الصيني من هذا الأمر، وكذا رفضها للعرض الصيني بإجراء جولة جديدة من المفاوضات السداسية، وهو ما يوحي برغبة أمريكية في تصفية حسابات اقتصادية واستراتيجية مع المنافس الاقتصادي الأول للولايات المتحدة في ظل عدم الرضاء الأمريكي عن رفض بكين الرضوخ لمطالب واشنطن بإعادة تقييم اليوان الصيني لصالح الدولار الأمريكي المتداعي، ناهيك عن القلق المتصاعد للولايات المتحدة من مزاحمة النفوذ المتنامي للصين سياسيا واقتصاديا وعسكريا لنظيره الأمريكي في بقاع شتى من العالم.
ومن جهتها، ترمي بكين، إلى استخدام الورقة الكورية الشمالية كأداة مساومة في التفاوض مع واشنطن بشأن ملفات وقضايا خلافية عديدة معلقة بين الجانبين على أكثر من صعيد بدءا بالتجارة والإقتصاد، مرورا بتايوان والتبت وحقوق الإنسان والديمقراطية في الصين وانتهاء بسياسات التسلح والتطلعات الاستراتيجية الطموحة للصين على الصعيدين الإقليمي والدولي. وهو ما يلقي بظلال إضافية من التعقيد على الأزمة المحتدمة في شبه الجزيرة الكورية، ويبقى ملفها مفتوحا على أكثر من سيناريو على الأقل في الأمدين القصير والمتوسط.
ربما لا تقتصر أهمية الدور الصيني في ضبط إيقاع التوتر الذي يلقي بظلاله حاليا على منطقة شبه الجزيرة الكورية على كون الصين قوة عالمية صاعدة لها ثقلها وتأثيرها على الساحتين الإقليمية والدولية فحسب، بقدر ما تكمن تلك الأهمية في أن بكين تعد المتغير الإقليمي الأكثر محورية في توجيه دفة التفاعلات الخاصة بالوضع القلق والمزمن في تلك البقعة الحساسة والقلقة من العالم، إن تصعيدا أو تهدئة منذ بداية تأزم هذا الوضع قبل ستة عقود خلت.
فإبان الحرب الكورية، التي دارت رحاها في الفترة من 1950 إلى 1953،كانت الصين طرفا مهما فيها ونصيرا للشطر الشمالي، وبينما كان الإسم الرسمي لتلك الحرب في كوريا الشمالية هو «حرب تحرير الأرض»، كانت في الصين تسمى ب«حرب مقاومة أمريكا ومساعدة كوريا». كذلك، لعبت الصين دورا محوريا أثناء المعارك، من خلال تقديم الدعم السخي سياسيا وعسكريا لكوريا الشمالية من المستشارين العسكريين والطيارين، إلى إمدادات الأسلحة والطاقة، وحتى الإنخراط في العمليات العسكرية ومباشرة القتال بالتنسيق مع الاتحاد السوفياتي السابق ضد القوات الأمريكية والجنوبية والأممية. وكان ماوتسي تونغ يرى أن المشاركة في الحرب ضرورة دفاعية، مخافة أن تقدم الولايات المتحدة بعد احتلال كوريا على إعلان الحرب على الصين.
تاريخ من العداء... ومن «الدماء»!
٭ تونس «الشروق»:
أعاد التصعيد بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية هذه الأيام الى الأذهان فصولا من العداوات والمواجهات بين الجانبين ذهب ضحيتها عشرات الضحايا... وفي ما يلي رصد لأهم محطات التوتّر هذه...
٭ 21 جانفي 1968: كومندوس كوري شمالي قوامه 32 عنصرا يشن هجوما على مقر الرئاسة بسيول في محاولة لاغتيال الرئيس الكوري الجنوبي بارك شونغ هي وتم قتل أو أسر جميع المهاجمين.
٭ 15 أوت 1974: قام عميل كوري شمالي بإطلاق النار على الرئيس الجنوبي بارك شونغ هي خلال إلقائه خطابا لكنه أخطأ المرمى وأصاب العيار الناري زوجة الرئيس مما أدى الى وفاتها.
٭ 9 أكتوبر 1983: عملاء كوريون شماليون يقومون بتفجير مجمع تجاري في ميانمار قبل أن يزوره الرئيس الجنوبي شون هو هوان بفترة وجيزة, والحادث يودي بحياة 20 شخصا منهم 4 وزراء كوريون جنوبيون.
٭ 29 نوفمبر 1987: انفجار قنبلة وضعت على متن طائرة كورية جنوبية، مما أدى إلى مقتل 115 شخصا، كانوا على متنها وسيول تتهم بيونغ يانغ بتدبير الحادث.
٭ سبتمبر 1996: غواصة شمالية تنزل فريقا «كومندوس» على شواطئ كوريا الجنوبية, والجنوبيون يطاردونهم مما أدى إلى مقتل 24 من عناصر «الكومندوس» وأسر واحد وفقدان آخر.
٭ 15 جوان 1999: مواجهة بحرية تندلع بين الجانبين على الحدود في البحر الأصفر هي الأولى من نوعها منذ انتهاء الحرب, والعملية تسفر عن غرق سفينة حربية شمالية على متنها 20 بحارا.
٭ 29 جوان 2002: مواجهة ثانية بين الجانبين على الحدود في البحر الأصفر تسفر عن غرق سفينة حربية كورية شمالية ومقتل 13 شماليا في حادث جد خلال استضافة سيول لمونديال كرة القدم بالاشتراك مع اليابان.
٭ 10 نوفمبر 2009: اشتباك جديد على الحدود بالبحر الأصفر تبادل خلاله الجانبان إطلاق النار مما أدى إلى اندلاع النيران في سفينة حربية شمالية.
٭ 26 مارس2010: انفجار مجهول الأسباب يهز السفينة الحربية الكورية الجنوبية «شيونان» بالبحر الأصفر يؤدي إلى انشطارها ومقتل 46 من بحارتها.
٭ 20 ماي 2010: التحقيقات الدولية تقول إن إصابة السفينة الحربية الكورية الجنوبية ناجمة عن إصابتها بطوربيد أطلقته غواصة كورية شمالية وبيونغ يانغ تنفي علاقتها بالحادث.
٭ 24 ماي2010: كوريا الجنوبية تعلن عن قطع العلاقات التجارية مع جارتها الشمالية ومنع السفن الشمالية من دخول مياهها.
٭ 29 أكتوبر2010: التوتر يطغى مجددا قبيل انعقاد قمة مجموعة العشرين بسيول إثر تبادل لإطلاق النار على الحدود بين البلدين بين عناصر من الجيش.
٭ 23 نوفمبر2010: تبادل للقصف بين الجانبين يؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى وفرار المدنيين إثر قصف مدفعي كوري شمالي على جزيرة جنوبية على الحدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.