قبل أيام من الذكرى السادسة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001 بدأت معظم القنوات التلفزية الغربية تعلن عن برامج خاصة بالمناسبة فيما يشبه التسابق بينها لجلب انتباه المشاهدين وتعبئة مسبقة للرأي العام الغربي أولا ليتذكر وثانيا ليتمعن وثالثا ليتحسب وفي متاهات ذلك تضيع عديد الحقائق وتترسخ أفكار مسبقة وتعمق مشاعر العداء لدى رأي عام لا يمكنه التفريق بين الإسلام والتطرف بفعل تشابه المسميات. إذا كان الأمريكيون قد خسروا الآلاف من مواطنيهم في الاعتداءات فإن المتضرر الأكبر كان بالفعل العالم الإسلامي بكل مكوناته الدينية والحضارية وأصبحت تكال له في كل صغيرة وكبيرة تهمة ترويج الإرهاب والتطرف وأصبح المسلمون في المطارات وفي البلدان المضيفة عرضة للشكوك. لذلك يمكن القول أن الذين ارتكبوا الاعتداءات باسم المسلمين وقضاياهم كانوا أفضل حلفاء للذين طالما عملوا على إلحاق الضرر بقضايا العرب والمسلمين ولعل «رسالة» بن لادن الأخيرة إلى الأمريكيين تدخل في سياق تأليب الغرب على العرب والمسلمين وجاءت بمثابة الهدية للذين يريدون دوما مزيد الرواسب في النفوس لتعطي إحياء الذكرى البعد المطلوب. وبعد السنوات الست اتضح أن العمليات الإرهابية سواء تلك التي قام بها تنظيم «القاعدة» أو غيره من التنظيمات الشبيهة أو تلك التي اتخذت من «القاعدة» علامة تجارية تنشط وتقتل وتخرب تحت لوائها لا يمكن إلا أن تزيد معاناة المسلمين وتشوه صورتهم لأن الإرهاب طال الأبرياء بالقتل والتدمير. ولعل مثل هذه المناسبات يتعين أن تكون فرصة لاستخلاص العبر والبحث عن الأسباب العميقة وراء ظاهرة الإرهاب الذي كان مصدره في السبعينات مجتمعات غربية ولكن نجح العديد منها في القضاء على الظاهرة ولهذا يتعين على المجتمع الدولي توحيد الجهود لمكافحة الظاهرة وأسبابها لأن المعالجة الفردية المتمثلة في الحرب على الإرهاب أنتجت سلبيات ولم تحقق الهدف. إن الإرهاب ظاهرة عالمية لا يمكن ربطها بدين أو شعب معين وبالتالي فإن محاولة استغلال هامشها من أجل التوسع وفرض الهيمنة على العالم لا يمكن إلا أن تزيد من حدة وحدود هذه الظاهرة لذلك يتعين اعتبار ذكرى 11 سبتمبر مناسبة لاستخلاص العبر ومحاولة تجنيب الإنسانية شر هذه الآفة التي يذهب ضحيتها العشرات يوميا.