تونس الصباح كما هو مقرر تنطلق السنة الدراسية الجديدة يوم الاثنين القادم ويتوجه خلال هذا اليوم اكثر من مليوني تلميذ وتلميذة في الثانوي والاعدادي والاساسي الى مقاعد الدرس.. ولا شك ان افتتاح سنة دراسية في تونس يمثل حدثا بارزا من الاحداث الهامة في البلاد على اعتبار ما للتعليم من قيمة في التوجه العام لسياسة الدولة. وما له ايضا من اعتبار في الوسط الاجتماعي، ووقع على المستوى الاقتصادي للبلاد ولحكم التطورات التي عرفها القطاع التربوي كمّا وكيفا.. وتعدد المؤسسات التربوية على اختلاف مستوى وظائفها فقد بات التعليم بمؤسساته وعدد تلاميذة يحتل موقعا كبيرا داخل المجتمع، ويتطلب دوما اجراءات متعددة للمحافظة على مستواه واساليب العمل داخله والاحاطة ايضا بالتلاميذ سواء داخل المعهد في محيطه. فهل تعتبر هذه الاحاطة خارج الوقت الداخلي كافية، ام ان الوقت الخارجي مازال يتطلب الملء ويدعو الى مزيد الاحكام لتفادي ما يقلق التلاميذ ويجنبهم التوجه الى بعض الفضاءات والاختلاط غير السليم، خاصة عند تجمعهم امام المعاهد قبل او بعد بداية الدرس؟ التجمعات امام المعاهد قبل وبعد ساعة الدرس من ابرز المظاهر التي باتت تلفت الانتباه امام كل المؤسسات التربوية تقريبا في كل الاوقات هي تجمع التلاميذ في مداخل المعاهد سواء عند انتظار ساعة الدرس، او الانتهاء منها للعودة لساعة درس جديد.. وعبر هذه التجمعات التي اشرنا اليها والتي لا يخلو اي معهد من مظهرها يختلط الحابل بالنابل، فيندس المتسكعين، ويقبل باعة السجائر والحلوى وغيرها من الاكلات السريعة ويتحول المكان الى منتدى وقتي يبحث فيه البعض عن بعض التلاميذ والتلميذات غير المؤهلين لمثل هذه التجمعات فيقع سلب الساعات والقلادات الذهبية والهواتف الجوالة، الى غير ذلك من الممارسات التي تحصل هناك والتي لا تليق بفضاء تلمذي وتربوي نقي.. ولعل شاهدنا على ما نقول هو التشكيات اليومية من طرف الاولياء لدى ادارات المعاهد مما يتعرض له ابناؤهم والتوجه ايضا الى مراكز الامن عند الاقتضاء. فضاءات اخرى قرب المعاهد ما كان لها لتنتصب هناك ولعل المتتبع للشأن التربوي ولمحيط مؤسساته يلاحظ ايضا مظهرا اخر ماانفك يتطور ويتنامى في هذا المحيط،. ويشتمل هذا المظهر في انتصاب المقاهي ونوادي الالعاب وغيرها هناك وعمل اصحابها على السعي الى جلب التلاميذ صغيرهم وكبيرهم رغم معرفتهم بان القانون يعاقب على حضور حرفاء من تلك السن. وما يلفت الانتباه ان هذه الفضاءات التي تزاحمت قرب المعاهد اطلقت لنفسها العنان في نشاطات مخلة بدورها وعملها الحقيقي، وسمحت لهؤلاء التلاميذ بلعب الورق، والتدخين وغير ذلك من المظاهر المريبة التي لا تليق بالتلاميذ والتلميذات. ومما يلفت الانتباه ويبعث على التساؤل والحيرة هو كيف حصل هؤلاء على رخص الانتصاب هناك وهل تتولى المصالح البلدية والامنية مراقبتهم ومتابعة نشاطهم الذي بات في نسبة عالية منه موجه الى هؤلاء التلاميذ والتلميذات الصغار؟ ولا شك ان هذه الفضاءات وتلك التجمعات امام المعاهد مثلت افرازا لاختيار تربوي مض عليه الان اكثر من 10 سنوات وادى بالتلاميذ الى حرية التحرك خارج ساعة الدرس، حيث تراه يتوجه الى اي مكان ويجلس اين يستطاب به الجلوس، ويختلط بمن يشاء وكما يشاء كما ان هذا التوجه جاء مع القطع مع اعتماد قاعات المراجعة التي كانت تأوي التلاميذ قبل او بعد ساعة الدرس، وتراقبهم حتى عبر عملية المناداة التي يقوم بها القيمون.. ولعلنا اليوم وبعد مضي عديد السنوات في التخلي عن قاعة المراجعة نتساءل عن النتائج والاحوال والاوضاع التي بات يعيشها التلاميذ قبل وبعد ساعة الدرس وفي محيط المعاهد كل يوم وعن معاناتهم والمشاغل التي يعيشها الاولياء جراء ذلك؟ هل يقع اقرار العودة للعمل بقاعات المراجعة؟ ان صورة تجمع التلاميذ امام المعاهد في انتظار ساعة الدرس باتت في الحقيقة تتعقد من سنة الى اخرى نتيجة ماينجر عنها من مشاكل للبعض منهم.. وان هذه الصورة اصبح يمجها كافة الاولياء، ويتمنون لها بديلا يمكن ان يحفظ ابناءهم بدل الترقب امام بواب المعاهد وبقدر حديثنا عن هذه الظاهرة فاننا نعلم ان حجم معالجتها ليس بالسهل او الهين على المؤسسات التربوية، ففي باب اول ندرك ان تزايد عدد التلاميذ قد لا يسمح باستيعابهم داخل قاعة المراجعة، خاصة ان معظم المعاهد اليوم تعاني من الاكتظاظ، لكن لا بأس لو وقعت العودة ولو تدريجيا الى اعتماد قاعات المراجعة وذلك حتى من خلال استغلال الاقسام الفارغة في كل ساعة درس. فبعض التلاميذ ان لم نقل جلهم سوف يرحبون بالفكرة ويسارعون الى البقاء داخل المعهد بدل المكوث امامه.