تونس/الصباح بادرت قناة (تونس 7) منذ فترة غير بعيدة. ببرمجة حصة «تقرؤون غدا» التي تبث بعد النشرة الرئيسية للانباء بشكل يومي. فكرة الحصة جيدة ولافتة للنظر، فهي تريد ان تجعل من القناة التلفزيونية نافذة على الصحف التونسية التي ستصدر في اليوم الموالي، وذلك من خلال مقتطفات لبعض المقالات الصحفية المنتقاة بالتنسيق كما هو واضح مع المسؤولين على التحرير في الصحف والمجلات التونسية. وعلى الرغم من الجدوى الاعلامية لفكرة هذه الحصة، الا ان مضمونها الذي يجري تقديمه يوميا، يبدو بسيطا وضحلا ويفتقر لرؤية اشمل لما تنشره صحفنا ومجلاتنا بشكلها الحالي. فمن خلال المتابعة الدقيقة لحصة «تقرؤون غدا»، على امتداد الاسابيع القليلة الماضية، بدا هذا البرنامج ثقيلا ويفتقر الى الكثير من المهنية، بل انه يقدم مادة لا تعكس اطلاقا المضمون الحقيقي لما تنشره صحفنا وذلك للأسباب التالية: * التركيز المفرط لمعدي هذه الحصة، على المقالات ذات الصبغة الاجتماعية (المسائل الصحية والتغطية الاجتماعية) والاقتصادية(فلاحة صناعة تنمية..) والتربوية (من خلال مقالات تعيد انتاج بعض المناشير التربوية لوزارة الاشراف..) بل ان المقتطفات التي يتم عرضها، لا تقدم معلومة جديدة ولا تعلق على بعض المسائل الاجتماعية او التربوية.. انها مقتطفات هزيلة، تعطي فكرة سيئة عن مستوى صحفنا وصحفيينا. * ان هذه الحصة، لم تنقل ولو لمرة واحدة بعض المقتطفات من مقالات ذات صبغة سياسية (سواء تلك التي تتعاطى مع الشأن الحكومي او مجال الاحزاب السياسية او القضايا الدولية).. وثقافية وفكرية الى درجة تجعل المشاهد لهذه الحصة يخرج بانطباع بسيط لكنه سيء وهو ان الصحافة التونسية تفتقر لصحفيين متخصصين في الكتابة السياسية، وينعدم فيها الرأي والرأي الآخر، صحف يقتصر تناولها على الشأن الاجتماعي من زاوية توحي بنوع من السذاجة لدى الصحفيين في وقت تتضمن صحفنا تغطيات ومقالات وتعاليق لاحداث اجتماعية عديدة تشهدها الساحة الاجتماعية ببلادنا، في اطار الهامش المتوفر.. فهل هو فيتو أمام هذا النوع من المقالات؟ أم ان المسألة ترتبط ب«اجتهاد» معدي البرنامج؟ * اما على الصعيد المهني فكأن المرء وهو يشاهد هذه الحصة، امام برنامج سيقدم له اسماء الذين انتقلوا الى الرفيق الأعلى.. اذ ليس ثمة في هذه الحصة ما يوحي بأننا امام برنامج يهتم بالصحافة ومقالات الصحفيين وانتاج صحفنا ليوم الغد.. بالاضافة الى ان شكل هذه الحصة اقرب للثقل منه الى تلك الاريحية وخفة الظل التي يتطلبها المشهد التلفزيوني في ايامنا. ونعتقد ان هذا البرنامج ينتج عكس الواقع الموجود في صحفنا ومنابرنا الاعلامية بل هو ينتج عكس الفكرة التي يرددها الخطاب الرسمي، من ان الصحف التونسية تتضمن الرأي والرأي الاخر وتستوعب شؤون البلاد وهموم المواطن، وهو ما يجعل القائمين على القناة امام ضرورة تطويره واغنائه. ربما كانت فكرة البرنامج في شكلها ومضمونها قديمة اي قبل التغيير الحاصل في مستوى المسؤولية الاولى على القناة، لذلك فان على المدير العام الجديد (لقناة 7) الزميل المنصف قوجة، ان يحرص على تطوير هذه الحصة، لكي تقدم فكرة اقرب لمضمون صحافتنا، وليس صورة عن اعلام معتل وصحفيين معزولين عن محيطهم السياسي والثقافي والفكري، صحف لا حياة فيها الا لما اتصل بالصحة والتغطية الاجتماعية والقضايا الهامشية للتربية والتعليم والشأن الاقتصادي والتنموي. من فضلكم نرجو قليلا من الامانة في عكس صورة حقيقية عن ما يجري في صحفنا.. والا فان غلقها اولى من استمرارها اذا كانت فعلا تقدم لقرائها هذه الفكرة النوع من المقالات والاهتمامات الصحفية التي لا تفيد الاحياء ولا الأموات.