وزيرالخارجية الفرنسي الحالي الاشتراكي برنار كوشنيرأحد "ألغاز" السياسة الخارجية الفرنسية.. التي تتميز بكثرة تناقضاتها منذ وصول الاشتراكي الراحل ميتران إلى الرئاسة عام 1981. ** الراحل ميتران كان أول رئيس فرنسي قام بخطوة تطبيع علاقات قصرالايليزيه مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي.. وكان أول زعيم فرنسي في حجمه يزور اسرائيل.. ويقطع مع تحفظات باريس القديمة على المشروع الاستعماري الامريكي الاسرائيلي في المشرق العربي.. في نفس الوقت كان ميتران أول رئس غربي يستقبل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات.. بعد المستشار النمساوي كرايسكي..وكان ميتران عامي 1990 و1991 أول رئيس فرنسي يدفع قوات بلاده لتخوض حربا تحت قيادة أمريكية.. في الخليج.. (رحم الله شارل ديغول والديغوليين).. ** كوشنير وزير خارجية الرئيس اليميني ساركوزي من نفس المعدن.. فهو في نفس الوقت "وزير الصحة اليساري "صاحب المواقف "المناصرة للديمقراطية والاصلاح... الخ" وهو الشخصية التي قادت سابقا حركات مناصرة ضحايا الحروب والكوارث الانسانية في افريقيا ويوغسلافيا السابقة.. لكنه كان من أبرز معارضي قرار الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك عندما أعلن معارضته حرب بوش المنفردة للاطاحة بنظام صدام حسين عام 2003.. *** تابعت المواقف "المختلفة" التي أدلى بها كوشنير نفسه منذ تعيينه في منصبه الجديد في الحكومة اليمينية الحالية فاذا بها لا تخلو من "الطرافة" والرسائل الموجهة اولا لصناع القرار في واشنطن وثانيا لصناع القرار في واشنطن.. وثالثا للوبيات مؤثرة في بعض عواصم العالم ومنها تل ابيب.. ورابعا لساسة فرنسا.. تابعت مباشرة حديث كوشنار لقناة سي ان ان الامريكية.. وقرأت تصريحات أدلى بها هنا وهناك منها خبرالرسالة التي توجه بها الى نظرائه الاوروبيين وكشف النقاب عنها.. لإعلان موقفه الداعي إلى التصعيد مع طهران.. والاستعداد لسيناريو الحرب ضدها.. لمنعها من المضي في برنامجها النووي.. في نفس الوقت يقول كوشنير انه ليس بصدد حث واشنطنوعواصم العالم على محاربة ايران.. ويذكر بكونه مناصرسلام.. وأنه ليس ممن يسمون في فرنسا " اذهب الى الحرب"..أي عشاق الحروب.. كما رفض كوشنير أن يوظفه صحفي سي ان ان ضد سياسية حكومته لكنه تبرأ " باعتزاز " من مواقف الرئيس شيراك السابقة المعارضة للحرب الامريكية ضد العراق.. كوشنار يوجه رسائل متناقضة.. ليست مضمونة الوصول.. لأن الاطراف التي يسعى لكسب ودها تريد من قيادة فرنسا الحالية الانخراط دون شروط في المسار الامريكي الاسرائيلي الحالي.. وهو ما لن تقبله أوروبا نفسها من باريس..