المنظمة بحاجة إلى فكر جديد.. وتعديل القانون الداخلي ضرورة ملحة.. لسنا معارضين في المنظمة ولكننا مؤسسون غيوريون على مستقبلها.. البلاد بحاجة إلى منظمة قوية فعالة مواكبة لتطور المشهد الاقتصادي والتجاري... تونس: الصباح:كيف يفكر مؤسسو منظمة الدفاع عن المستهلك في مستقبل المنظمة؟ وما هي التصورات لتكريس ذلك ؟ بل ما هي تحفظاتهم على المؤتمر الخامس للمنظمة الذي تقرر عقده أيام 9 و10 و11 نوفمبر المقبل؟ هل تحتاج المنظمة إلى تعديل قوانينها ولوائحها أم أن "دار لقمان ينبغي أن تظل على حالها" كما يرى بعض مسؤوليها؟ هذه التساؤلات وغيرها، طرحناها على السيد الحبيب السبوعي، عضو المكتب الوطني للمنظمة والمرشح للمؤتمر القادم.. فكانت هذه الإجابات.. مؤتمر مستعجل.. * بوصفك أحد مؤسسي منظمة الدفاع عن المستهلك، وأحد المرشحين لمؤتمرها المقبل، كيف تنظر إلى المؤتمر الخامس للمنظمة؟ وما هي الآفاق التي يطرحها خلال الفترة القادمة؟ المؤتمر جاء بصورة مستعجلة، وبالتالي لم يتسن للمنظمة الإعداد الجيد له.. فلم يتم عقد مؤتمرات المكاتب الجهوية والمحلية بالشكل القانوني المطلوب، ولم يتم تحضير الهياكل الجهوية وفروع المنظمة لأجندا السنوات المقبلة، كما أن قيادة المنظمة اكتفت بتشكيل لجنة مضيقة لإعداد المؤتمر، بدلا من تكوين لجان لإعداد اللوائح، مثلما يجري في كل المؤتمرات.. بالإضافة إلى ذلك، تم استبعاد الإعلام من عملية إعداد المؤتمر الخامس، وهو أمر غير مفهوم وغير مبرر، لأن الإعلام هو الخيط الرابط بين المنظمة والمستهلك، ولا يمكن تصور أية نجاعة في عملنا من دون الإعلام.. لكن اللافت للنظر حقا في هذا المؤتمر، هو عدم فتح حوار معمق بين الفاعلين الأساسيين صلب المنظمة، وبخاصة بين أعضاء مكتبها الوطني وفروعها الجهوية والمحلية ومنخرطيها، بشكل يسمح ببلورة رؤية جديدة للمنظمة تكون دليلا لها خلال الفترة النيابية المقبلة، بل تكون بمثابة المرجعية لعملها وتحركها في غضون السنوات القادمة، التي ستشهد تغيرا كبيرا في المشهد الاقتصادي التونسي، بعد الدخول المنتظر لمنطقة التبادل الحر بين تونس والاتحاد الأوروبي بداية العام المقبل.. * ألا ترى أن ثمة مبالغة في مثل هذه الانتقادات، خصوصا وأن المنظمة تحركت خلال الفترة الماضية ووقعت اتفاقيات مع مؤسسات تهم المستهلك (التنظيف بالشائح وإصلاح السيارات وغيرها..)؟ الجميع يعرف أننا بعيدون عن عقلية التحامل أو حتى التصريح الصحفي لمجرد الظهور في الإعلام، فالمسألة ترتبط بغيرتنا على هذه المنظمة التي ساهمنا في تأسيسها، ونطمح لأن يكون لها دور كبير في المشهد الجمعياتي حتى تعاضد الحكومة في جهدها من أجل الحفاظ على حقوق المستهلك التونسي.. وفي الحقيقة، فأنا أنطلق من مقررات المؤتمر الوطني السابق للمنظمة، الذي يعد مرجعا لجميع مناضليها.. والمكتب الوطني مكلف بتنفيذ هذه المقررات، لكن القيادة الحالية للمنظمة، تجاوزت هذه المقررات في العديد من المسائل، التنظيمية والهيكلية وحتى في مستوى المهام المطروحة عليها.. فهناك حالة من الجمود يلاحظها كل مراقب نزيه لعمل المنظمة، وهو ما يردده منخرطوها في أكثر من جهة، بل إن ابتعاد عديد الفاعلين والناشطين الرئيسيين عن المنظمة، دليل واضح على الأسلوب غير الفعال وغير الناجع الذي تتوخاه القيادة الحالية للمنظمة.. ملاحظات هيكلية.. * ما هي هذه المسائل التنظيمية والهيكلية التي تتحدث عنها؟ أكتفي هنا ببعض الإشارات ذات الدلالة اللافتة.. فعندما أسسنا المنظمة بعد التغيير المبارك، كان هناك حوالي 28 ألف منخرط، وفي المؤتمر السابق، أصبح الأمر يقتصر على 18 ألف منخرط، ومن المؤسف أن يكون هذا العدد قد تقلص بنسبة كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية.. كان يفترض أن تكون المنظمة قد اتسعت دائرتها مع اتساع حاجة المستهلكين لها، ومع توسع النشاط التجاري والاقتصادي في البلاد، وبالتالي كان يفترض أن يزداد عدد المنخرطين في المنظمة.. لكن للأسف ثمة تراجع في هذا المستوى.. * لماذا هذا التراجع في تقديرك؟ من ناحية، لأن الإنخراطات تقلصت بكيفية كبيرة نتيجة تراجع أداء المنظمة وأزمة الثقة حول تحركاتها ومواقفها، وعلى الرغم من اقتراب موعد المؤتمر، فإن الانخراطات لم توزع بالكيفية اللازمة على المنخرطين، أضف إلى ذلك فإن قيادة المنظمة اشترطت توفر دورتين اثنتين (2006 و2007) لضبط نيابات المؤتمر، فيما أن النظام الأساسي، ينص على ضرورة توفر ثلاث دورات، وما كان لقيادة المنظمة أن تقرر ذلك لو توفرت لديها الانخراطات القانونية المطلوبة.. ثم علينا أن نتساءل بجدية، هل تملك منظمة الدفاع عن المستهلك فعاليات جهوية للقيام بالأعمال المطلوبة ووضع مقررات المؤتمر موضع التنفيذ.. إلى جانب كل ذلك وغيره، حصل شغوران في قيادة المنظمة، بعد تعيين اثنين من رجالها في مناصب حكومية، لكن لم يتم تسديد الشغورين منذ المؤتمر المنقضي.. ولا ينبغي للمرء أن ينسى في هذا الخضم، عدم الالتزام بمقتضيات النظام الأساسي، من خلال إفراغ الهياكل المؤسساتية من دورها المحدد لها على غرار، المجلس الإداري الوطني، الذي يعدّ العمود الفقري للمنظمة، باعتباره هو الذي يحدد برنامج عمل المنظمة، ويقوم بمحاسبة المكتب الوطني على ذلك.. لقد انحصر دور هذا المجلس حاليا في المصادقة على التقريرين المالي والأدبي.. مقترحات أساسية.. * بعيدا عن هذه الانتقادات، ما هي مقترحاتك للمنظمة التي تستعدّ لعقد مؤتمرها الخامس بعد بضعة أيام؟ في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن محيط الاستهلاك في بلادنا، يشهد تطورا لافتا منذ فترة، وهو ما يستوجب تطورا مماثلا في مستوى قوانين المنظمة وأهدافها ودورها والسياق الذي تتحرك فيه.. وهنا يتوجب علينا تعديل النظام الأساسي للمنظمة بشكل يستجيب لأفق تحركاتها ودورها ومسؤوليتها في المشهد الاقتصادي والتجاري في البلاد.. ويتعين على قيادة المنظمة أن تعيد الاعتبار لدور المكتب الوطني في اتخاذ القرارات، بعيدا عن "سطوة" المدير الإداري الذي مثّل التحاقه بالمنظمة بداية لمسار سلبي للعلاقات بين قيادتها ومنخرطيها ومنظوريها من عموم المستهلكين.. نحن بحاجة إلى أسلوب عمل يرسي أسسا للدفاع عن مناضلي المنظمة وحمايتهم. * على المستوى الهيكلي والتنظيمي، ما هي مقترحاتك في هذا الاتجاه؟ نحن بحاجة إلى إعادة الاعتبار لفروع المنظمة، على النحو الذي يتضمنه النظام الداخلي، بحيث يكون 50 بالمائة من نواب المؤتمر، من الفروع، وهو ما سوف يساهم في دمقرطة عمل المنظمة، ويوفر مجالا لتشريك أوسع عدد ممكن من ناشطيها في الجهات والولايات.. أما أن تضطر المنظمة إلى المكاتب الجهوية والمحلية لإتمام نيابات المؤتمر، وبالتالي تجاوز مشكل الفروع، فهذا ما ينبغي تلافيه لأنه غير مقبول بعد نحو عشرين عاما من التأسيس، وهي مدة كافية لكي تكون لمنظمتنا تقاليدها الراسخة في هذا المجال.. لا بد كذلك من تعديل القانون الأساسي للمنظمة، باتجاه إكسابها نوعا من الاستقلالية في القرار وفي مستوى التحرك، خاصة بالنسبة لفروعها الجهوية والمحلية، بالإضافة إلى إعادة النظر في التوزيع المالي للفروع، وهي نقطة مهمة إذا ما أردنا لهذه الفروع أن تستمر.. إننا بحاجة أيضا إلى تصورات جديدة لاستقطاب المنخرطين، باعتبارهم يمثلون العمود الفقري للمنظمة وأحد أعمدتها الأساسية.. ومن الملاحظ كذلك، أن المستهلك يبقى الحلقة الضعيفة في المنظمة على الرغم من كونها جمعية للمستهلكين، وهو ما يتطلب أجندا خاصة لتفعيل هذه الحلقة التي تشهد تراجعا يوما بعد آخر.. رؤية جديدة.. * على صعيد تطوير تفكير منظمة الدفاع عن المستهلك، ما هي ملاحظاتك بهذا الشأن؟ اعتقد أن منظمة الدفاع عن المستهلك ذات ثقل كبير في النسيج الاقتصادي والتجاري، وقد تجاوزت الآن مرحلة الطفولة، وعليها أن تخرج من الأسلوب الراهن الذي تردت فيه، وكأنه قدرها.. وما يمكن قوله في الوقت الراهن، هو أن المنظمة بحاجة إلى فكر جديد ورؤية جديدة لأسلوب عملها وطريقة أدائها وكيفية معالجتها للملفات التي تطرح عليها.. ليس من مصلحة أحد داخل المنظمة، أن ندخل المؤتمر القادم برؤية غير واضحة لمستقبل تحركنا على الساحة الاقتصادية والاجتماعية، أو أن تكون لدينا رؤية مشوشة لطبيعة مهامنا ودورنا في المشهد الاقتصادي، وفقا لما أوصى به رئيس الجمهورية في كثير من المناسبات والمواعيد.. إن منظمتنا مطالبة بأن تبدأ الانخراط في مجهود الرفع من إمكاناتها التقنية من خلال اعتمادها على التكنولوجيات الحديثة، والبحث عن سبل عملية للتمويل خارج الهبات والمساعدات الرسمية التي تقدمها الحكومة في سياق دعمها للمنظمات والجمعيات، ولا بد أن تلعب دورها في الملفات الكبرى على غرار التشغيل، والجودة والاتجاه أكثر نحو المنحى التعاقدي، إلى جانب اضطلاعها بدور متوازن في بعض القضايا بين الأعراف والنقابات، ضمن إطار الشراكة التامة مع جميع مكونات الحقل التجاري.. ويبدو لي أن المنظمة تحتاج إلى اقتحام مجال التقاضي، خدمة للمستهلك التونسي، الذي ينتظر الكثير من جمعيتنا... * هل من كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار؟ نحتاج في المنظمة إلى نقاش جدي وعميق بخصوص مستقبلها، في ضوء التحديات الاقتصادية المقبلة على البلاد، وانخراط تونس في المنظمة العالمية للتجارة، بما يفترض رؤية أوسع وأشمل لدور الجهاز المكلف بحماية المستهلك التونسي، خصوصا من المؤسسات الأجنبية التي يفترض أن تنتصب في البلاد في أفق الأعوام القادمة.. إننا نريد من الخلافات الموجودة صلب المكتب الوطني، خلافات جادة تخص كيفية تطوير المنظمة، وليست تباينات تتعلق بقضايا شخصية وخلافات ذاتية.. فهل هذه الملاحظات من المعارضة في شيء؟!