اعتصم ليومين موظفو وأعوان وزارة الشؤون الخارجية بمقر عملهم مطالبين برحيل وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة وذلك على خلفية أدائه في مجال الديبلوماسية وزيارته إلى بروكسيل وباريس وتصريحات في قناة تلفزية تونسية، ومهما تضاربت التقييمات بخصوص التحرك لا بد من التأكيد أن تونس الثورة في حاجة ماسة إلى ديبلوماسية تعبر أولا عن أهداف الثورة وتطلعات الشعب التونسي وثانيا تعيد الاعتبار لكرامة التونسيين بين شعوب العالم. ولعل ما لوحظ من نمط تعامل للوزير مع ملفّات كبرى سواء مع باريس أو واشنطن لم يترجم عن روح جديدة في العمل الديبلوماسي الذي اتسم بالكلاسيكية والانضباط المبالغ فيه لما يمكن تسميته ب"نواميس الديبلوماسية" وهو ما جعل جانبا كبيرا من الرأي العام يشعر بامتعاض مما ذكره الوزير في قناة تلفزية. كان يفترض بالوزير أن لا تستقبله نظيرته الفرنسية قبل أن تعتذر عما صدر عنها من "اقتراحات" لمساعدة النظام البائد في قمع الثورة منذ أيامها الأولي بسيدي بوزيد ..وكان يفترض أن يتحرك الوزير قولا وفعلا لتوضيح صورة مازالت غامضة في ذهن المواطن التونسي وتتمثل في معرفة مدى استعداد الإدارة الأمريكية في تأييد الثورة وديبلوماسيتها خصوصا عندما تطرح مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي كان لوبيه في واشنطن حاميا له ومدافعا حتى عن انتهاكاته. إن ما نود سماعه من وزير خارجية تونسي هو أن تونس ليست مستعمرة فرنسية وأن بلادنا نريدها بمواقف جديدة تعبرعن الرأي العام التونسي وهو ما لم يجد له الوزير متسعا من الوقت لتقديم موقف يليق بثورة تونس من الاحتجاجات الشعبية في الشقيقة مصر منذ اليوم الأول للحركة الاحتجاجية . إذا لم يكن في تونس الثورة وزير للخارجية يحفظ لتونس كرامتها وعزتها وفرض احترام الآخيرين تجاهها والدفاع عن المواطن التونسي خارج الحدود وعن مصالح تونس فلا فائدة من إدراج وزارة للخارجية تشد إلى الوراء أو تتحرك باحتشام شديد. تونس الثورة لم تعد تونس بورقيبة أو تونس بن علي لذلك لا بد من فتح المجال أمام جيل جديد من الديبلوماسيين نراهن عليه حتى لا تسير العجلة إلى الوراء.