رئيس اللجنة ل «الصباح»: ليس بالإمكان معالجة المريض عن بعد عبر شبكة الأنترنات دون رؤيته وتشخيص حالته تونس الصباح: بعد أن أبدت رأيها في عديد المسائل الدقيقة على غرار المساعدة الطبية على الإنجاب والمناهج العلاجية والاستنساخ والتجارب السريرية وغيرها من القضايا وضعت اللجنة الوطنية للأخلاقيات الطبية أمس مسألة الجوانب الأخلاقية للطب في علاقته بالإعلامية والأنترنات على طاولة الدرس.. ودعت عددا غفيرا من الأطباء والجامعيين ورجال القانون والإعلاميين لتسليط الأضواء على ما يمكن أن تطرحه التكنولوجيات الطبية الحديثة من رهانات أخلاقية قد تواجه الطبيب أثناء مباشرته لحالات تتطلب منه مراعاة الحرمة المعنوية والجسدية للمريض. فالطب عن بعد يساعد على تحسين خدمات التشخيص وعلى تجنيب المريض معاناة التنقل نحو المستشفى كما يساعد الأطباء على التشاور فيما بينهم لعلاج بعض الأمراض.. لكن في ظل انتشار المعلومات عبر وسائل تكنولوجيا المعلومات هل يمكن للطبيب المحافظة على السر المهني؟؟ ولا شك أنه في حيره فبعد أن كان يكتب الوصفة ويحرر معلومات الملف الطبي بخط يده.. وتحديدا خط غير واضح للعموم فكيف يمكن ضمان استمرارية توفر شرط السرية إذا عولجت هذه المعطيات بالإعلامية وتم تداولها بين العاملين في القطاع الصحي؟ وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن استعمال التكنولوجيات الحديثة في القطاع الصحي في تونس لم يعد يقتصر على التطبيقات العلاجية والطبية بل شمل تطبيقات أخرى تتعلق بإقامة المرضى وتحديد المواعيد عن بعد والفوترة والمحاسبة والتصرف في مخزون الأدوية ومتابعة صيانة الآلات الطبية وقائمات الانتظار لزرع الأعضاء كما توجد برامج لتوسيع شبكة الأنترنات تدريجيا لتغطي جميع المستشفيات والأقسام بتوفير المعدات اللازمة لربطها ببعض ولربطها بأقسام متطورة في الدول المتقدمة عن طريق الطب البعادي وإرساء الملف الطبي المرقمن وبعث شراكة بين المؤسسات الإستشفائية في مجال التكوين عن بعد.. وبمناسبة اللقاء الذي أجرته اللجنة الوطنية للأخلاقيات الطبية أجرت "الصباح" حديثا مع الأستاذ جلول دغفوس رئيس هذه اللجنة الذي بين لنا أنه نظرا للانتشار الكبير لوسائل المعلومات والاتصال في جميع الميادين ولأن تونس هي أول بلد إفريقي أدخل إمكانية الاتصال عن بعد في المؤسسات الصحية فكرت اللجنة في تنظيم لقاء يتم خلاله الحديث عن الإمكانيات المتاحة للاستفادة من التكنولوجيات الحديثة للاتصال في المجال الصحي خاصة بالنسبة للتعامل مع المرضى. معطيات سرية بين الأستاذ دغفوس أن الدفتر الصحي المعالج بالإعلامية يتضمن معطيات طبية وإدارية وتحاليل تخص المريض وهي معطيات توفر على الأطباء الكثير من المجهودات.. فمثلا إذا أجرى المريض تحليلا معينا بطلب من الطبيب فإن ملفه الطبي يحتوي على نتائج تلك التحاليل ويمكن لطبيب ثان أن يواصل العلاج دون أن يطلب إجراء نفس التحليل.. ولكن السؤال الملح الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو كيف يمكن في ظل استعمال الإعلامية وتداول ملفات المرضى بين الأطباء المحافظة على السرية؟ كما يطرح نفس السؤال عند الحديث عن العيادة عن بعد.. إذ كيف يمكن للطبيب تشخيص حالة مريضه عن طريق اتصال هاتفي أو إرسالية تلقاها عبر شبكة الأنترنات ؟؟ قد يصبح هذا الأمر ممكنا إذا ما تعلق بحالة مريض يعاني من مرض مزمن مثل السكري ففي هذه الحالة يمكنه طلب النصح من طبيبه عن بعد لكن أن يحصل نفس الشيء مع أمراض أخرى دقيقة فهذا غير ممكن. وأضاف محدثنا أن استعمال وسائل الاتصال في الطب لغاية الإشهار أمر غير مسموح به أخلاقيا.. فالأخلاقيات الطبية تمنع الطبيب من القيام بالإشهار كما أن بيع الأدوية عن طريق شبكة الأنترنات غير مسموح به لأن ذلك يمكن أن يلحق ضررا بالمريض.. وبين الأستاذ دغفوس أنه بظهور التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال أصبحت المعطيات الطبية أكثر رواجا وتداولا وهو ما يحسن في إمكانيات العلاج لكن بمغادرة المعلومة مكتب الطبيب تطرح إشكالية تتعلق بحماية هذه المعلومة والمحافظة على سريتها احتراما لأخلاقيات المهنة .. وبين أنه تم القيام باستبيان حول أهم الاستعمالات للتكنولوجيات الحديثة للاتصال في مجال الطب. استبيان للقيام بالاستبيان حول استعمالات التكنولوجيات الحديثة في الطب أرسلت الجمعية التونسية للاعلامية الطبية 614 إرسالية عبر الشبكة لأطباء يستخدمون الشبكة الوطنية للصحة (378) وأطباء الممارسة الحرة (200) وجراحي أسنان (21) وأعضاء في الجمعية التونسية لحقوق الصحة (15) وتلقت 98 إجابة من 52 رجلا و46 إمرأة بلغ معدل أعمارهم 43 سنة ونجد 92 بالمائة منهم من إقليمتونس.. وبينت نتائج الاستبيان أن 92 بالمائة من الأطباء المشاركين فيه يمتلكون حاسوبا في مقر عملهم وتبلغ النسبة في القطاع العمومي 100 بالمائة كما أن 94 بالمائة قالوا إنهم يستعملون الحاسوب لأغراض العمل وبلغت نسبة الارتباط بشبكة الأنترنات 93 بالمائة في مواقع العمل وبلغت 100 بالمائة في القطاع العمومي لكن نسبة الربط بالخطوط الرقمية الطرفية اللامتوازية "آ دي آس آل" مازالت ضعيفة وتمثل 15 بالمائة فقط. واعتبر 91 بالمائة من المستجوبين أنهم يعتبرون الاتصال عن طريق شبكة الأنترنات بزملائهم أمر ضروري واعتبر 10 بالمائة منهم إن الشبكة هامة للاتصال بالمرضى وعبر جميع المستجوبين عن استعدادهم لتوفير المعلومة لمرضاهم عن طريق شبكة الأنترنات أو لعلاج مرضاهم عن بعد لكن 80 بالمائة منهم لا يوافقون على مقترح تمكين المريض من الأدوية عن بعد ويعتبر 61 بالمائة من المستجوبين أن الملف الطبي يجب أن يكون ملكا للمؤسسة الصحية في حين يرى 32 بالمائة منهم أنه ملك للطبيب المباشر للمريض وللمريض أيضا. وتتعلق أهم الإشكاليات على حد المستجوبين في سرية المعلومة الطبية ونقص في تكوين المهنيين في الصحة في مجال استخدام التكنولوجيات الحديثة للاتصال وعدم المساواة بينهم في الوصول إلى شبكة الأنترنات ..