احترام المعلومات الخاصّة بالمريض يعدّ من أسس أخلاقيات المهنة الطبية... وتداولها بين الأقسام الاستشفائية يمكن أن ينفي عنها طابع السرّية تونس-الصباح: عملا على تطوير النظام المعلوماتي بالمؤسسات الاستشفائية تم التفكير في إعداد التطبيقات الخاصة بالملف الطبي المرقمن.. وفي هذا الصدد أولت وزارة الصحة العمومية هذه المسالة أهمية كبرى وبادرت بتطوير منظومة يمكن استغلالها من طرف كل الاختصاصات الطبية ونماذج للملف الطبي في اختصاصات الجراحة العامة وأمراض النساء والتوليد. وتم تركيز هذه التطبيقات في بعض أقسام المستشفيسات الجامعية والجهوية.. وتبين بالكاشف أن الملف الطبي يعد أكثر تعقيدا من الملف الإداري للمريض نظرا لاختلاف محتواه من اختصاص طبي إلى آخر ولما يثيره من إشكاليات ذات علاقة بأخلاقيات المهنة وبسرية المعلومة الطبية لذلك تقرر أن تقع الاستعانة بخبرات عالمية والاستفادة من تجارب بعض الدول التي أحرزت تقدما في هذا المجال. وفي هذا السياق وفي إطار التعاون التونسي الاسباني تم القيام بدراسة ترمي إلى تقييم الوضع الحالي وتحديد التوجهات الجديدة للنظام المعلوماتي الاستشفائي. ويتضح أن العملية ليست بسيطة.. فباستعمال التقنيات الجديدة للاتصال أصبح بالإمكان أن يتضمن الدفتر الصحي المعالج بالإعلامية معطيات طبية وإدارية وتحاليل تخص المريض وهي معطيات توفر على الأطباء الكثير من المجهودات.. فعلى سبيل المثال إذا أجرى المريض تحليلا طبيا بطلب من الطبيب فإن ملفه الطبي سيتضمن نتائج ذلك التحليل وبالتالي يمكن لطبيب ثان غير الطبيب الذي دعاه لإجراء التحليل أن يواصل عملية العلاج ودون أن يطلب إجراء نفس التحليل.. ولكن الإشكال القائم في هذا المجال يكمن في كيفية المحافظة على السر المهني في ظل استعمال الإعلامية وأمام الإمكانيات المتاحة لتداول ملفات المرضى بين الأطباء. كما يطرح نفس الإشكال عند الحديث عن العيادة عن بعد فهل ستمكن الوسائل الحديثة للاتصال الأطباء من تشخيص حالات المرضى عن بعد عن طريق التراسل عبر شبكة الانترنيت مثلا؟؟ هذا الأمر قد يسمح به إذا تعلق بحالة مرض مزمن كأن يتاح لمريض السكري مثلا استعمال شبكة الانترنيت لطلب نصيحة من طبيبه عن بعد لكن ليس من المعقول أن يحدث نفس الشيء مع أمراض أخرى دقيقة تستوجب حالة صاحبها الاتصال المباشر بالعيادة والطبيب وإجراء التحاليل الطبية وغيرها. ولوحظ في مختلف أرجاء العالم أنه بظهور التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال أصبحت المعطيات الطبية أكثر رواجا وتداولا وهو ما حسن في إمكانيات العلاج لكنه جعل النقاش ساخنا بشأن مسألة احترام سرية المعلومات التي يتضمنها ملف المريض لأنها تعد من أهم الركائز التي تقوم عليها أخلاقيات المهنة الطبية.. أنظمة معلوماتية يجدر التذكير بأن النظام المعلوماتي للمؤسسات الاستشفائية يتكون من نظامين أساسين وهما النظام المعلوماتي للتصرف الإستشفائي والنظام المعلوماتي الطبي وحظي النظام المعلوماتي للتصرف الاستشفائي بالأولوية في الانجاز والاستغلال حسب التوجهات الواردة بمشروع الإصلاح الاستشفائي الذي يهدف إلى تعصير أدوات التصرف ووسائل العمل بالمؤسسات العمومية للصحة.. ثم توجهت العناية في مرحلة ثانية إلى النظام المعلوماتي الطبي الذي يشمل ميدان مخابر التحاليل وأقسام الاشعة والملف الطبي. ولتركيز التطبيقات المتعلقة بالنظام المعلوماتي الطبي تبين أنه يجب تخطي بعض الحواجز على غرار إيجاد المعرف الوحيد للمريض وتوفير التجهيزات الضرورية لحسن استغلال التطبيقات. وبالنسبة للأقسام التقنية من مخابر التحاليل وأقسام الاشعة تم تطوير عدة تطبيقات تمكن من حوسبة النظام المعلوماتي للأقسام التقنية بهدف تيسير نقل نتائج التحاليل والتقارير الخاصة بصور الأشعة داخل المستشفى بين الأقسام التقنية والأقسام الطبية مما يساعد على تقليص الأعباء الإدارية وتيسير العمل الطبي وبهدف تفادي ضياع أسماء المرضى وبيانات العينة أمام العدد الكبير للعينات التي يتلقاها مخبر التحاليل والتعرف على نتائج التحاليل من طرف الطبيب المباشر وذلك بصفة آنية على إثر المصادقة عليها وإدماجها آليا في الملف الطبي للمريض مما يحد من احتمال حدوث أخطاء عند تسجيل هذه النتائج بالطريقة اليدوية. ويوجد بالنظام المعلوماتي الاستشفائي تطبيقات تتوزع على التصرف في المرضى والتصرف في الموارد المادية والتصرف المالي والمحاسبة ومخابر التحاليل والملف الطبي وخضع هذا النظام إلى التعصير نظرا لتقادم التكنولوجيات المستعملة على مستوى تطوير التطبيقات ونظام التصرف في قواعد المعطيات الذي لم يعد يتلاءم ومواصفات التجهيزات المتوفرة بالسوق.