مشروع الأمر المتعلق بمنع المناولة في القطاع العام ،وحلّ شركة الاتصالية للخدمات ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزيري الشؤون الاجتماعية وتكنولوجيات الاتصال    رئيس الجمهورية : الدّولة التونسية تُدار بمؤسّساتها وبالقوانين التي تنظّمها،,ولا أحد فوق المساءلة والقانون    كاس العالم للاندية : فلامنغو البرازيلي يجسم افضليته ويتفوق على الترجي بثنائية نظيفة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم بثنائية أمام فلامينغو .. ترتيب المجموعة    الترجي الرياضي التونسي ينهزم في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية أمام فلامينغو البرازيلي (فيديو)    فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    انطلاق عملية التدقيق الخارجي لتجديد شهادة الجودة بوزارة التجهيز والإسكان    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود".. وتطالب السلطات التونسية والجزائرية بالتدخل    طقس الليلة    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ شخصية سياسية معروفة يكشف سبب رفضه المشاركة في "قافلة الصمود"    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    









هذه أسباب ضعف الحكومة الانتقالية.. وهذا تصوري للعلاقات بين مختلف السلطات
المفكر هشام جعيط ل «الصباح»
نشر في الصباح يوم 26 - 02 - 2011

قد لا يحتاج هشام جعيط المفكر والباحث والمؤرخ والانسان الى تعريف اذ يكفي الاشارة الى هذا الاسم لتجد امامك قائمة من العناوين الكثيرة التي وجدت طريقها الى العالم العربي والاسلامي كما اوروبا وامريكا بينها السيرة النبوية 1و2 و"الفتنة" و"ازمة الثقافة الاسلامية" و"أوروبا والاسلام".
في قاعة مكتبه حيث دار اللقاء حاولت ان استرق النظر الى بعض من الاف العناوين التي ضاقت بها رفوف مكتبته فتكدست في بعض الزوايا كان بينها مؤلفات «الطبري» و ابن حجر «تهذيب التهذيب» و«تاريخ افريقيا العام» اوكذلك:
l'art contemporain en France ا, mythes et pensee chez les grecs ا l'islam noir une religion à la conquête de l'Afrique, histoire des origines du christianisme, voyage dans les régences de Tunis et d?Alger
بعض من عناوين قد تعكس القليل من اهتمامات صاحبها .
ولعله من المهم الاشارة الى ان جعيط يبقى من عشاق القلم الذي لا يمكنه ان يتنازل عنه من اجل التكنولوجيا الحديثة و قد شاءت الصدف ان يتزامن هذا اللقاء مع انتهاء المفكرهشام جعيط من كتابة الجزء الثالث من السيرة النبوية في اربع مائة صفحة سوف تنشر قريبا.
ويعتبر جعيط انه لا بد لباحث مسلم أن يدون حياة الرسول حتى لايكون للمستشرقين دوما موقع الصدارة في هذا الشان كما يذكر بان ابن اسحاق والطبري والواقدي وغيرهم دونوا للسيرة النبوية في الفترة العباسية الاولى وان ما دفعه الى وضع هذا الكتاب شعوره بحاجة القراء الى ذلك . من احداث الثورة الى التطورات السياسية المتلاحقة والتحديات الآنية والمستقبلية وموجة التغيير في العالم العربي وموقف الغرب من ذلك كان هذا اللقاء الشامل الذي قدم من خلاله المفكر هشام جعيط عددا من الافكار والاراء حول الحكومة الحالية وحول الاصلاحات السياسية المطلوبة لوضع دستور للبلاد والاستعداد للمرحلة القادمة وفي ما يلي نص الحديث.
حوار: اسيا العتروس

كيف يعايش هشام جعيط المفكر والانسان ما تعيش على وقعه تونس بعد الثورة من تحولات متسارعة ومصيرية؟
اتابع الاحداث واعتقد انه من الطبيعي بعد الثورة ان يعبر الناس عن ارائهم صحيح ان كثرة الاراء لا تاتي كلها بالفائدة، لكن في اعتقادي ان الحكومة الحالية متماشية مع روح الثورة تركت الامور تجري على طبيعتها والناس يعبرون عن المقصود بالقول والعمل، احيانا تلبى امانيهم وتمنياتهم ولكن ليس هناك امكانية دوما لتغيير كبير في الحكومة سواء تعلق الامر بالرئيس المؤقت او برئيس الحكومة. فنقطة ضعف الحكومة كونها لم تقم حواراصريحا ومتواصلا مع الجمهور.. الوزير الاول لا يتكلم الا قليلا والرئيس المؤقت نفس الشيء ولابد من تفسير لما يحدث للناس وما تقوم به الحكومة ايضا فالخطاب له قيمته لانه يقيم جسرا بين الشعب وبين آلة الحكم ولابأس ان يكون هناك ناطق باسم الحكومة يعبر عما فعله الرئيس مثلا.
لكن هناك ناطق باسم الحكومة الا يكفي وجود سي الطيب البكوش؟
- يمكن ان يكون هناك ناطق فيما يخص نقاط جزئية باسم الحكومة فيمكنه مخاطبة الناس ليس فقط بصفة تقنية وبلغة خشبية فيقول هذا ما فعلناه وهذا ما سنبنيه، ولكن ناطق يرد على كل التساؤلات ويقيم جسورالحوار. من ناحية ثانية ان الكثيرين يعيبون على الحكومة ضعفها ولكن في زمن الثورة لا يمكن وجود حكومة قوية ستجابه مشاكل الجمهور، وفي المقابل يجب اطلاق العنان لما يفكر فيه الشعب وما يريده اذلا يمكن تكميم الافواه ثم ان تكميم الافواه شيء والسهر على النظام العام شيء اخر. لا بد من الخطاب لاقناع المضربين مثلا ولكن اعتقد ان الخلل في نظام الحياة ضروري وفي المقابل تقوم الحكومة بواجبها ليس بالضرورة بالقوة
ولكن بالاقناع والحوار.
وماذا عن المستقبل؟
- بالنسبة للمستقبل القريب فان الحكومة الحالية قامت بتنصيب لجنة لاعادة النظروالاصلاح السياسي وهي لجنة مطعون فيها وساوضح لماذا؟
هناك امور يمكن ان تنجز وهناك مطالب بانشاء مجلس تاسيسي لوضع دستور وهذه فكرة جيدة لكن عملية الاقتراع والانتخابات تتطلب وقتا طويلا والظروف ربما لا تسمح بذلك الان، في رأيي انه على الرئيس المؤقت وفق صلاحياته ان يمضي على اوامر بعد استشارة الحكومة وموافقتها، الرئيس الحالي لا يمكنه القيام بشيء دون موافقة الحكومة وبامكانه ان يؤسس لمجلس تاسيسي بالتسمية
واستشارة اهل الذكر ومن ذلك مثلا أن يكون هذا المجلس التاسيسي متكونا من ثلاثين شخصا بينهم قانونيون ومختصون في القانون الدستوري وقضاة ورجال لهم حس سياسي ونظرة سياسية يكونون النخبة التونسية والحكماء ناس لهم تجربة ولا باس ان يكون بينهم عدد من الشباب اللامع يقومون بهذا العمل المتمثل في تحرير دستور في اجل يتراوح بين شهر او شهرين وهذا ليس بالامر الصعب. فيكون هناك اولا مدخل للافكاروالمبادئ العامة وثم يكون هناك اهتمام بكل ما يتعلق بالمؤسسات الجديدة ودور الرئيس والحكومة والبرلمان وتقع الاستشارات بين هؤلاء الحكماء لتحرير دستور البلاد و لكن لا يمكن ان تكون هناك نقاشات بلا نهاية. ويجب ان يكون لدى لجنة الحكماء حس وطني بان المستقبل والوطن ينظراليهم . طبعا، القانونيون وحدهم لا يمكنهم القيام بهذا العمل لماذا؟
لان المختصين في القانون الدستوري يستقرؤون ما هو موجود في الدستور ويتأولونه ليس اكثر. الان المشكلة ليست في التأويل الان العمل هو صياغة الدستور وابداعه بما يتطلب نظرة عميقة.
وهل يعني هذا الغاء الدستور الراهن كليا او امكانية الاحتفاظ ببعض المبادئ العامة ومبادئ الجمهورية؟
- هذا لايعني الغاء الدستور الحالي كليا ولو توقفنا مثلا عند اعتبار ان «تونس دولة اسلامية» فان هذا يعني بالضرورة الالتزام بالشريعة ولكن لاعتبار ان تونس بلد مسلم عربي فان ذلك يعني ان الدولة تتكفل بحماية الدين ولكنها لا تتدخل في محتوى الدين. واود الاشارة هنا الى انه ومنذ عهد بورقيبة توقفت الاوقاف فمن سيسهر اذن على بناء وترميم المساجد والحفاظ عليها ومنح رواتب الدولة طبعا الدولة ستقوم بكل ذلك. الدولة هنا لا تربط الدين بالسياسة وفي فرنسا فان الدولة لا تعطي مليما للكنيسة. في المحصلة انه لا بد من اقتسام الحكم بين رئيس الجمهورية والبرلمان والرئيس لا يمكنه ان يسمي حكومة الا اذا كان لها اغلبية في البرلمان كما لا يمكن تسمية الوزراء ورئيس الوزراء كما كان في الماضي وكانهم موظفون. واذا استقال رئيس الوزراء تسقط كل الحكومة ولا يمكن ايضا للرئيس اقالة حكومة لها ثقة البرلمان كما يريد او حسب اهوائه. الرئيس لا بد أن تكون له صلاحياته. ليس لنا تجربة في الحياة البرلمانية يجب أن يكون الرئيس حكما وان يكون رمزا للدولة والعنصر القار للدولة بعد انتخابه. ويمكنه حل البرلمان ايضا مرة واحدة في مدة رئاسته وهذا سلاح جيد يمكنه اذن من حل البرلمان حتى يكون البرلمان مسؤولا عما يفعله فيخشى من ان يقع حله ويكو ن هذا سلاح ضغط على البرلمان.
من ناحية اخرى فان من صلاحيات الرئيس ان يصدر اوامره"decrets" لكن بمعية الحكومة وليس وحده من يقوم مثلا بتسمية سفير او جنرال او يقوم بذلك وزير مختص في الامر يعرضه على مجلس الوزراء و يجب ان توافق الحكومة ورئيس الحكومة. واذا وقع الاتفاق فان للرئيس ابداء رايه ولا يتم اصدار الامر الا بامضاء الوزير المعني ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية . اذ انه من اسباب الدكتاتورية القمعية ان الرئيس ورث عن الباي الامر العلي باخذ الامر فيعين ويعزل من يشاء، يجب ايضا ان يكون هناك نوع من الشراكة بين الحكومة ورئيس الجمهورية فلا يكون رمزا فقط بل يكون له دخل ولكن ليس لوحده بالتفاهم مع الحكومة التي تاخذ مشروعيتها من تصويت البرلمان .
وماذا يحدث عند استقالة الحكومة ؟
- اذا استقالت الحكومة يتم تعيين رئيس الوزراء ليقوم بتشكيل الحكومة لكن لا بد من تزكية البرلمان. النظام الفرنسي الحالي لا يمكن اتباعه لان النظام الفرنسي بعد الاصلاح الذي حصل (خمس سنوات للرئيس) نظام رئاسي صرف يفعل الرئيس ما يشاء ويحكم عن قرب بينما ارى ان الحكومة تحكم عن قرب في الامور التي تهم الدولة، في فرنسا فان رئيس الوزراء لا يلعب أي دور.
من جهة ثانية فان اغلبية البرلمان دائما هي اغلبية الرئيس وكل ما يقدمه من قوانين ستحظى بالقبول والموافقة احيانا دون مناقشة المعارضة التي تشكل الاقلية.
في رأيي فان النظام الرئاسي الحقيقي هوالنظام القائم في الولايات المتحدة،الرئيس منتخب من الشعب وهو في نفس الوقت يقوم بدور رئيس الحكومة.
الرئيس في النظام الامريكي لا يفعل ما يشاء لان هناك الكونغرس والتصويت مثلا على الميزانية لا يتم الا بموافقة الكونغرس هناك اذن توازن بين السلطة التنفيذية والتشريعية .
وماذا لوحاولناحصرالتحديات والمخاطر التي تواجه التجربة التونسية في هذه المرحلة؟
هناك اليوم من يطالب بايقاف سيل المطالب وهناك من يطالب من وراء ذلك بوقف الثورة وان يستتب سير الحياة الطبيعية العادية. وهناك في المقابل من يعتقد ان الثورة لا بد لها ان تتمادى في مطالبها وحتى في بعض الاضطرابات لان الثورة اذا توقفت يقع الرجوع الى الوراء والثورة لا بد لها ان تستمر وان يواصل الناس التعبير عن ارائهم وعن مطالبهم خصوصا ان البلاد لم تكن فيها حرية التعبير اوالمطالب النقابية مضمونة. هناك من الوزراء من يحاول ترميم الوضع من الداخل مثل مراجعة اجور لم تتغير منذ ثلاثين عاما ولكن يجب من ناحية اخرى ان يفهم ابناء البلد والعاملون في الوظائف العمومية ان كل هذا وقتي وان كل المطالب تؤخذ بعين الاعتبار ولكن من غير الممكن تلبية كل الامور في الحين. هذا الوضع مؤقت حتى تستتب الامور ولكن من الضروري تقديم الوعود بتلبية مطالب هؤلاء واعطائهم حقوقهم كاملة. هناك مشاكل مالية والبلد في حالة ضعف مالي كبير فقد تعطل النشاط في كثير من القطاعات ولكن ألح خاصة على لغة الحوار بين الحكومة وبين الشعب كما يجب ايضا القطع مع الماضي وفق ما تستوجبه الثورة وذلك بحل مجلسي النواب والمستشارين وحل الحزب ولا ارى من ضرورة لتدخل المحاكم في حل الحزب فنحن ليست لنا محكمة عليا تتدخل في الامور السياسية.
لا بد من محكمة عليا وليس فقط محكمة دستورية تدخل في امورقد تكون ضمن صلاحياتها في ظروف استثنائية او في حال حصول حيف كبير وان تصرح بعزل الرئيس في حال الخيانة العظمى مثلا. بالنسبة لرئيس الجمهورية الوقتي له صلاحيات وربما يقال انه لا يمكن القيام بما سلف لانه تم تنصيبه بصفته رئيسا للبرلمان والان اختلف الامر ولم يعد كذلك فهو رئيس مؤقت للجمهورية ويمكنه اصدار اوامر بعد استشارة الحكومة بحل البرلمان .
حدثت الثورة بصورة مفاجئة ولم يكن بامكان أي كان بما في ذلك الغرب التنبؤ بوقوعها فما رايك في ذلك؟
مسالة التنبؤ بالثورة يثيرها الفرنسيون فيما يخص تونس ويعيبون دلك على حكومتهم لانها لم تتنبأ بالثورة ولأنهم يعتبرون ان تونس مهمة جدا بالنسبة لفرنسا وانهم اخطأوا في كونهم منحوا صداقتهم للرئيس السابق وكون دولتهم ترددت في ان تعي اهمية الثورة الفرنسية والتغيير الجدي وكل هذا لماذا؟ لانهم مازالوا يعتبرون ان علاقة الصداقة تكون مبنية على عقلية استعمارية، نحن لا حاجة لنا بأن يتفطن الفرنسيون للثورة ولابعادها التاريخية لديهم عقلية استعمارية لكل المغرب العربي مع بعض الاستثناء مع الجزائر لديهم نخوة الاستقلال الذي نالته بالثورة. بقيت تونس والمغرب تدور في فلك فرنسا مع الاسف القادة في تونس ومنذ الاستقلال تماشوا مع هذه النظرية.
الأكيد ان من بين الثمار المهمة التي قدمتها الثورة وابعادها في تونس وفي العالم العربي انها جاءت لاتمام الاستقلال والحقيقة ان استقلالنا منقوص منذ الاول والثورة جاءت لاكماله. صحيح اننا بلد صغير ونحتاج الى مساعدات خارجية وهذا لا يعني القطيعة مع الاجوار الاوروبيين وحتى الفرنسيين او ينم عن شعور بالعداء ولكن وجب ان نقول للعالم على اننا لا نقبل بالتدخل في شؤوننا الداخلية واننا مسؤولون عن ثورتنا ومستقبلنا وانه ليس لنا ان نستشير احدا من الخارج ونحن ابعدنا الدكتاتور ولكننا نمسك بمصيرنا. مازلنا في حاجة الى مساعدات الاتحاد الاوروبي وامريكا وصندوق النقد الدولي، نحن فعلا في مرحلة صعبة لكن الشعور بالاستقلالية يزداد. ابناؤنا قاموا بالثورة وضحوا بالدماء، ويقيني عند البعض ممن خدموا النظم القديمة بالذل والتبعية نحو الغرب بالخصوص واول وقبل كل شيء تبعية لفرنسا وان فرنسا ليست الا جزءا من الاتحاد الاوروبي، واذا كنا نريد التفاهم مع الاتحاد الاوروبي نتفاهم مع بروكسيل مباشرة. شخصيا لم يعجبني ما عرضته اشتون خلال زيارتها الى تونس وهي تمارس معنا سياسة القطرة قطرة بتقديمها مبلغ 17 مليون اورو. لا يجب ان يفهم الغرب، اننا نستجدي اوروبا. واذا كانت اوروبا تريد مساعدة تونس فلماذا لا يقع تقديم المساعدات الموعود بها بعد ثلاث سنوات.
الغرب يعرف مدى حساسية الشعب ويرفض تدخلات الغرب. وهنا اود الاشارة الى مسالة مهمة ايضا انهم يلحون على السياحة وشخصيا لم اكن مرتاحا لكثرة الاستثمارات في الفنادق السياحية الفخمة لان السياحة ليست قارة واقل شيء يمكن ان يوقف السياحة ونكون حينئذ في حالة تبعية كاملة.
واعتبر ان الاعتماد كثيرا على السياحة ليس بالامر الجيد. مهم ما تدره السياحة من عملة صعبة ولكن الاهم من ذلك في الصناعة والنسيج والكهرباء والاحسن العمل على تحسين هذه القطاعات وان نستخلص الدرس من هذه الوضعية. الغرب يتحدث عن السياحة كمدخل وحيد لتونس وهذا غير صحيح ويعتبر انه لو افتقدنا السياحة ستة اشهر اوعاما فان تونس ستسقط وهذا غير صحيح كذلك.
لو تاملنا ما حدث ويحدث في العالم من تونس الى مصر وربما ليبيا واليمن او البحرين فهل نحن امام صحوة شعوب ام هي حركة تاريخية كتلك التي حدثت قبل نصف قرن من اجل السيادة والاستقلال ام ان الامر مسالة عابرة؟
- العالم العربي الان اتبع تونس في ثورته وهذا ما حصل في مصر والان يحدث في ليبيا. نحن نخشى على الاخوة الليبيين من القتل و السلاح والقمع الشديد لكن القذافي سيرحل بدون شك بعد عدد ضخم من الضحايا، ما حدث في العالم العربي اوما سمي بتسونامي رجة كبيرة اوربما زلزال كبير وسيتواصل ويسترجع بذلك العالم العربي دوره في التاريخ. وفي الواقع لا ننسى ان الوطن العربي ضاع تماما وانحسر وجوده تماما منذ كامب دايفيد وزاد الامر سوءا بعد حرب الخليج الاولى. في تسعينات القرن الماضي والدول العربية لعبت أسوأ دور في تلك الفترة بل لعبت دورا مخجلا، مصر ايدت امريكا ففسخت ديونها وارسلت مصر جنودا ولكنها لم تخض المعارك. وكذلك فعلت سوريا ولكن الامر مختلف بين دمشق والقاهرة حدث هذا في حين ان مصر لها ايديولوجيا ناصرية وسوريا بعثية امر مخجل، يمكن اعتبار ان المشرق العربي في الثمانينات والتسعينات سقط وصار مهمشا تماما بل خيب امال الشعوب و صارت مصر تابعة للامريكان للتوضيح فان هذا لم يكن شانا سوريا، بل اكثر من ذلك صارت مصرمبارك حليفا حميما لاسرائيل وهذا ضد ما كان يفكر به الشعب المصري و صار العالم العربي مشرقا و مغربا غائبا عن الساحة الدولية وكانه مات بينما لو نرجع الى الماضي كان له وجود بالرغم من الحروب والفقر المادي الذي اجتاح مصر في تلك الفترة فترة عبد الناصر ورغم الاضطراب كان العالم العربي موجودا زمن ناصر وموجودا في المغرب مع الحركات التحررية في الخمسينات والستينات كانت توجد حركية واعتزازا بقضية الشعوب لكن كل هذا انتهى منذ ثلاثين اوعشرين عاما. ونظام بن علي كان مستعمرة امريكية.. بوش الابن كان يطلب من الدول العربية الاصلاح ثم كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر والحرب على الارهاب ثم طرح في أوروبا مشكلة الحركات الاسلامية ولا يزال الخوف كل الخوف من الاسلاميين والخوف كل الخوف من دخول تونس تحت حركة النهضة ونحن ندرك اليوم ان الثورات في تونس ومصر ثورات لا علاقة لها بالحركات الاسلامية، كل الحسابات صارت مغلوطة حركات لم تتاثر بالايديولوجيا الغربية وهي حركات عفوية من داخل الداخل في البلاد يعني اناس عاشوا عشرات السنين تحت الضغط والاختناق، نحن امام ثورة حياتية ضد نظم فاسدة هنا وهناك وهذه امورلاعلاقة لها باي ايديولوجيا. ولكن الغرب لديه ايديولوجيا ولا ننسى ان الاوروبيين كانوا استعماريين للعرب، والمشكلة ايضا كراهية العرب لامريكا وهي موجودة وقوية ولكنها مرتبطة اساسا بالقضية الفلسطينية ومساندتهم المطلقة لاسرائيل ونحن امام بلد امبريالي يسيطر على الكرة الارضية وهذا ليس بمقدورالاوروبيين القيام به وهذا التاثير الامريكي من لبنان الى مصر والسعودية لا بد من تصحيحه والاوروبيون ليس لهم أي دور في الشرق الاوسط. الحب المفرط لاسرائيل موجود في امريكا واوروبا وبعد ثورة مصر بات الكل يخشى على اسرائيل وعلى مصير اتفاقية كامب دايفيد. امور كثيرة تغيرت في عالمنا العربي كنا نعتقد ان القضية المصيرية هي القضية الفلسطينية ولكن ومنذ التسعينات لم تعد لا قضية مركزية ولا غير مركزية والفلسطينيون لا يعتمدون على دول بل على فئات حزب الله، حماس بقيت حكومة رام الله منعزلة الا بالتبعية لامريكا وهذا ما ظهر مجددا في مجلس الامن ولكن في اعتقادي ان الفلسطينيين حسنا فعلوا عندما توجهوا الى مجلس الامن فقد تبين الان بوضوح ان لا حوار وان مسار السلام مغالطة وكذب وان اسرائيل تلعب كما تشاء ومنذ امضى السادات اتفاقية كامب دافيد بدا الاستيطان مع تحرر اسرائيل من ضغط مصر والعجيب اليوم ان اوباما يطالب بايقاف الاستيطان ولكنه يعرف ان اسرائيل لا تقبل بذلك وتسعى الى اقامة اسرائيل الكبرى وجب الاعتراف ايضا ان اول عهد بورقيبة كان لدينا شعور بنخوة الاستقلال والتفكيرالحر.
وكيف تنظرون الى القراءات التي تحذر من الاسلاميين في مصر او تونس وربما في أي بلد يمكن ان تمتد اليه الثورة؟
الاخوان المسلمون يطالبون بالحرية لانهم عاشوا تحت الاستبداد وتالموا والان فان هذه الثورات التي ستعم في اعتقادي كل العالم العربي ستكون مفاجاة كبيرة للغربيين وللاوروبيين بصفة خاصة الذين كانوا يحتقرون العام العربي باعتباره عالما متأخرا يحمل أفكارا إسلامية عتيقة تقوم على الشريعة ولا يفقه من الديموقراطية والحرية شيئا وهم متمتعون بذلك ويعتبرون انهم ارقى منا بكثير بل اكثر من ذلك فاني اعتقد ان الاوروبيين وخاصة منهم الفرنسيون لم يعجبهم قيام الثورة في تونس والدولة كما المثقفون صمتوا وبقي الاعلام وحده يتكلم عن الاحداث من خلال نقاشات ملخبطة وهم لا يفهمون ما يجري ويبدو انه كان اسهل بالنسبة لهم ان نبقى شعوبا مضطهدة ومتاخرة وغير متحضرة، وهذا ما يفسر برود الموقف الفرنسي من الثورة على عكس الموقف الامريكي ازاء ما حصل في بلادنا وفي مصر ايضا ونرجو ان تكون ليبيا التالية. وتفسير الموقف الامريكي يعود لسببين،اما الاول فوجود اوباما على راس السلطة واوباما ليس بوش وله أفكارتحررية لكل الانسانية والارجح ايضا ان اوباما كان له دورفي تنحية مبارك وفي تنحي بن علي. وخلافا للاوروبيين فان الامريكيين لديهم ايديولوجيا وهي الديموقراطية في الداخل والخارج وايديولوجيا حقوق الانسان. في عهد كلينتون ابدى الاوروبيون تحرجهم من امكانية ان يتولى الاسلاميون السلطة في تركيا وتمنوا ان يبادر الجيش لمنع التحول ولكن الامريكان في المقابل اعتبروا ان نتيجة الاقتراع ستكون الحكم ولا يمكن الغاء ما ستنتجه. اليوم فان الديموقراطية يجب ان تكون الحكم ولن يكون بامكان العالم العربي التغلب على التطرف الا بالديموقراطية .
لكن الامر لم يكن دوما كذلك بالنسبة للامريكيين عندما احتلوا العراق؟
اجتياح العراق كان نتيجة كراهية خاصة لصدام ونظامه وقد اراد بوش الابن والمحافظون الجدد اتمام ما بدأه بوش الاب في العراق وذلك باسم الديموقراطية ولكنه نسي ان الديموقراطية لا تتحقق بالسلاح او بالقوة والعنهجية ومنذ البداية فتحت الابواب لصراعات داخلية دموية لان العراق لم يكن منسجما عامة وانقلب مشروع الشرق الاوسط الجديد الى قتل وتعذيب وفظاعات وانتهاكات في ابوغريب وبعد ازاحة نظام صدام فهم الامريكيون ان العلاقات مع السعودية اهم بالنسبة لمصالحهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.