بقلم: الأستاذ عبد الستار البرهومي طالعت ببالغ الاهتمام مشسروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة المعد من طرف الهيئة الوطنية للمحامين والذي سيقع عرضه على جلسة عامة يوم الجمعة 04 مارس 2011 لمزيد التداول والتشاور في شأنه من طرف عموم المحامين، وقد دفعني انتمائي المهني والجهوي ان ابدي بعض الملحوظات في شأن المشروع المذكور: أولا: ان هذا المشروع يتضمن مطالب المحامين التي طالما طالبوا بتحقيقها في عهد النظام السابق والتي لم تجد طريقها الى الحل بسبب رفض ذلك النظام الاستجابة لها في محاولة منه لتكبيلهم واغراقهم في المشاكل المهنية والهيكلية بقصد اضاعفهم وتلهيتهم عن الاهتمام بالشأن العام مما يعطيه شرعية تارخية انطلقت في بعض جوانبه منذ صدور القانون الحالي سنة 1989 كما هو الشأن بالنسبة لمسألة حصانة المحامي التي كانت من المطالب الاساسية التي سعى المحامون الى رفعها خصوصا بمناسبة الحملات الانتخابية لهياكل المهنة منذ صدور القانون المذكور هذا بالاضافة الى ان تزايد عدد المحامين بما يزيد عن السبع مرات عن العدد الذين كانوا عليه قبل 21 سنة وانتشارهم بأعداد كبيرة في كامل تراب الجمهورية جعل من الهيكلة الحالية غير قادرة على استيعاب ذلك العدد الكبير من حيث التأطير المهني والنقابي والاخلاقي والعلمي واصبح المحامون بالجهات الداخلية البعيدة عن الفروع الثلاث الحالية يحسون بنوع من النسيان من طرف هاته الهياكل يصل احيانا الى حد التهميش، سواء كان عن قصد او عن غير قصد، الناتج عن عجز الفروع الحالية على الاحاطة بجميع الزملاء مهما كانت اماكن انتصابهم نظرا لاتساع الدائرة الجغرافية للفروع الحالية ولعدم قدرة الزملاء ممثلي الفرع في الدوائر الاستئنافية الخارجة عن مقر الفرع، وهم بحساب عضو واحد عن كل دائرة، عن خدمة جميع المحامين المتوادين بمختلف المحاكم الابتدائية الراجعة بالنظر لتلك الدائرة كما هو الشأن بالنسبة لدائرة محكمة الاستئناف بالكاف او بقفصة او بمدنين، فضلا عن افتقارهم لميزانية خاصة لتقديم بعض الخدمات ولو البسيطة لزملاء المتواجدين بتلك الدوائر، مما يقلص من مردود ذلك العضو ويجعله مقتصرا على مقر المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها مكتبه. ثانيا: ان المشروع المقترح تعززه الثورة التي قامت ولا تزال في وطننا العزيز والتي كان لمحامي الافاق سبق الانخراط فيها بكل شجاعة متحدين قوات البوليس بمختلف انواعها، حيث كان لوقفاتهم الاحتجاجية التلقائية بأزيائهم المهنية وهم يحملون شعارات الثورة المنادية بالاطاحة بعصابة السراق في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الوطنية بالغ التأثير في نفوس الاهالي بتلك الجهات وكسب ثقتهم والدفع بالثورة الى الامام الى حتى هروب الرئيس المخلوع في مساء يوم 14 جانفي 2011 ذلك اليوم التاريخي الذي امتزج فيه اصحاب العباءة السوداء بالجماهير الشعبية امام مقر وزارة الداخلية بتونس العاصمة. والآن وبعد نجاح الثورة واستمرار المحامين في العمل على حمايتها والدفاع عن مبادئها السياسية السامية بقيادة عميدهم وهيئتهم الوطنية فان ذلك لا يعيقهم على تنفيذ الوعود التي انتخبوا من اجلها والتي تمحورت جميعها حول الخطوط العريضة لمشروع هذا القانون والمتمثلة بالخصوص في حصانة المحامي وتوسيع مجال تدخله واحداث فروع جهوية للمحامين بكل محكمة استئناف بل ان تحقيق تلك الوعود والبرامج من شأنه المساعدة على الدفاع عن الثورة وحمايها حتى تتوفر للمحامي الحماية اللازمة للدفاع عن قيم الحق والحرية في اطار شبكة من الهياكل الصغرى التي تمكن من تعميم لا مركزية تلك الهياكل بغاية مزيد الاحاطة بالمحامين وتأطير انشطتهم المختلفة وتقريب خدماتها من الاعداد الكبيرة من المحامين المتواجدين بالجهات الداخلية وتمكينهم من حق تسيير شؤونهم المحلية والجهوية بأنفسهم وفي ذلك تدعيما للديمقراطية النقابية والقطع مع عقلية الاقصاء والتبعية الجهوية في هياكل المهنة في اطار وحدة المحاماة ممثلة في شخص عميدها واعضاء مجلس الهيئة الوطنية. المحامي لدى التعقيب بسيدي بوزيد