أعلن السيد فؤاد المبزع رئيس الجمهورية المؤقت مساء أمس الأول عن انتخاب مجلس وطني تأسيسي يوم الأحد 24جويلية القادم ينتخب بصفة ديمقراطية طبقا لمبادئ الثورة ... ولأنّ الإعلان عن نتائج هذه الانتخابات يفترض أن يتم الكشف عنها بعد يوم من تنظيمها ما يوافق يوم 25جويلية لم يمر هذا الموعد التاريخي دون طرح البعض لمسألة المصادفة التي جمعت بين تاريخ 25جويلية 1957الذي تم فيه إعلان الجمهورية وإلغاء الملكية واختيار الحبيب بورقيبة رئيسا للجمهورية بعد خلغ الملك محمد الأمين باي وبين تحديد هذا الموعد لانتخاب المجلس التأسيسي كمطلب يحظى بتوافق معظم القوى السياسية الفاعلة في البلاد ليشكل منطلقا لأرضية جديدة ومرحلة تاريخية جديدة تعيشها تونس بعد ثورة 14جانفي. فماذا عن رمزية هذا التاريخ وهل يكون فعلا موعدا لميلاد الجمهورية الثانية والقطع مع الماضي. القراءات وإن تتباين في بعض زواياها وفي تفرعات تساؤلاتها فإنها تتفق حول حتمية هذا المولود المختزل في المجلس التأسيسيي لوضع دستور جديد للبلاد والدفع بمسار الديمقراطية نحو الأمام. في هذا السياق لم يشكك البتتة السيد بلعيد أولاد عبد الله مختص في علم الإجتماع في وجود رابط وثيق وعلاقة متينة في اختيار هذا التاريخ لتنظيم انتخابات المجلس التأسيسي بعيدا عن أي مصادفة تواريخ مصرحا بأنّ مثل هذا الحدث يكتسي أبعادا اجتماعية وسياسية وثقافية لا تخلو من دلالات بارزة منها ميلاد جمهورية جديدة الصوت الغالب فيها هو صوت الشعب كما يبدو في ظاهرها, وسيتم في التاريخ المحدد خلال جويلية القادم إعلان "القطع" مع مرحلة سابقة دون أن تكون القطيعة كلية على اعتبار أنّ الحديث عن جمهورية ثانية يعني ضمنيا التمسك بالنظام الجمهوري ,وهذا طبعا طرح قابل للنقاش في نظرالمتحدث الذي أضاف بأنّ هذه الدلالة الإيجابية في ظاهرها تختزل في باطنها بعض الحيرة والتساؤلات منها الكيفية التي سيتم بها اختيار رئيس الجمهورية القادم وعمّا إذا سيمنح المجلس ورقة بيضاء ليتولى تعيين الرئيس الجديد ما يعني ضمنيا إلغاء حرية اختيار الشعب أم أنّ الإعلان عن انتخابات رئاسية قادمة وتحديد موعدها هو التوجه الذي سينتهجه المجلس الوطني التأسيسي ؟ هذه التساؤلات المشروعة وغيرها يرى بلعيد أولاد عبد الله انها في حاجة للتوضيح ولطرح إعلامي شفاف وإلى إجابات واضحة من الحكومة المؤقتة حول كل ما يتعلق بواجبات وصلاحيات المجلس التأسيسي ومحدوديته قبل صدور الأمر المنظم له وبعده. ومن جهتنا نرى أنّ حراكا إعلاميا وفكريا زخما سيميز المشهد السياسي والاجتماعي هذه المرحلة ما يتطلب تشريكا لكل المثقفين والنخب بعيدا عن احتكار منابر الحوار من قبل بعض الأحزاب وممثلي هيئات مهنية دون أخرى لأن في تنوع الطروحات والآراء والتصورات مهما اختلفت إثراء للنقاش وتكريس للتعددية والديمقراطية. وعلى خلاف الربط المقصود الذي ذهب إليه مصدرنا السابق في اختيار تاريخ إحداث المجلس الوطني التأسيسي وعلاقته بتاريخ إعلان الجمهورية الأولى(جويلية 1957) وهو ربط توافقه فيه عديد الأطراف جنح الأستاذ مهدي بن شعبان محام إلى الفصل بين التاريخين ورمزيتهما مؤكدا أهمية القطع البات مع المحطة السابقة لأنه من حق هذا الشعب الذي صنع ثورته أن تكون له في هكذا تاريخ 24جويلية 2011 رمزية جديدة لا تقوم على أنقاض أخرى بل تفتح لعهد جديد يكتب تاريخه بتفكير جديد تنبلج فيه مقومات جمهورية جديدة. وبعيدا عن رمزية الموعد المحدد لتنظيم انتخابات المجلس التأسيسي خلال الصائفة القادمة أشار المصدر ذاته إلى ما يمكن أن يطرحه التاريخ المحدد من إشكاليات تنظيمية على أرض الواقع باعتبار تزامنه مع حلول أول أيام شهر رمضان الكريم معتبرا أنه كان من الأفضل تقديم موعد الانتخابات أو تأجيلها إلى ما بعد رمضان لأنه والرأي له:" مهما كان اليوم الذي تجرى فيه هذه الانتخابات سيكون تاريخيا بكل المقاييس لإعلان جمهورية ثانية وهوأمر سيسجله التاريخ حتما".