المأخذ الثالث: تجاهل السيد احمد الرحموني مسألة التهجم على المحاكم والقضاة بمقر عملهم وسكناهم في خضم هذه السابقة الخطيرة قام بعض المحامين والمواطنين بتنصيب أنفسهم كمحاكمين لطرد بعض القضاة واتهامهم بشتى الجرائم كما وصل الأمر ببعض المحامين بمحكمة سيدي بوزيد إلى فرض ضرورة اعادة توزيع العمل بين القضاة ومنع البعض منهم من الالتحاق بمراكز عملهم كما قام المحامون بدائرة قضاء محكمة قابس بمقاطعة الجلسات والتهجم على القضاة زيادة على قيام احدى المواطنات بتهديد القضاة بمحكمة قفصة بالحرق دون ان تحرك جمعية القضاة ساكنا للدفاع عن المنتمين اليها بل ان السيد احمد الرحموني ساهم في تأجيج هذه الحملة بتصريحاته السابقة وحمل شعار القضاء على عصابة القضاء يوم الوقفة الاحتجاجية أهكذا يعامل القضاة؟! المأخذ الرابع: عدم التعامل بحزم مع الحملة الاعلامية المشهرة بالقضاة والسلطة القضائية وهي حقيقة فاجعة كبيرة لم يشهد مثلها القضاة من قبل فالمحامون والمواطنون والحقوقيون تكاتفوا لشن حملة شنيعة على القضاة كان آخر هذه الحملة مقالين نشرا بإحدى الجرائد يومي 02 و03 مارس نصح كاتبهما القضاة بطلب الصفح من الشعب التونسي لينتهي الى حل الجهاز القضائي وخلت انه سيطلب اهدار دمائنا نحن معشر القضاة أهكذا يعامل القضاة؟! واقتصرت جمعية القضاة على اصدار بيان محتشم لم تضاه عباراته ما عودنا به السيد الرحموني عند توجهه لزملائه بمنع الاجتماعات والعمل الموازي فلم يكن مستجيبا لتطلعات القضاة وسعى الى التشهير بالاسم رغم ما يشكله ذلك من زيادة في الاحتقان لدى عموم القضاة والشعب وما في ذلك من مس من كرامة الزملاء وعدم احترام لخصوصيتهم وذلك عن طريق ذكر أسمائهم للعموم دون الخوض فيما يمكن أن يترتب عن ذلك من تتبعات قانونية. المأخذ الخامس: عدم تعامل السيد أحمد الرحموني بالحزم اللازم ازاء اللجان الثلاث المحدثة رغم ان تاريخية تلك اللجان ترجع الى عهد الرئيس المخلوع رغبة منه في عدم تعهيد القضاء واحداث قضاء مواز لجرائم أصهاره وغيرهم من تابعيه رغم ما لذلك من تعد صارخ وسافر على اختصاص السلطة القضائية وخلت ان جمعية القضاة ستندد وتستنكر وتنبه... الا أنك طالبت بترؤس القضاة لتلك اللجان ورغم قيام قضاة المحكمة الابتدائية بتونس باعتصام تضامنا مع عميد قضاة التحقيق للتعدي على اختصاصاته من قبل لجنة تقصي الحقائق فانك اكتفيت بالتشهير بزملائك ونعتهم بشتى الصفات ( منقلبون مندسون تابعون للنظام البائد...) أهكذا يعامل القضاة؟! المأخذ السادس: وهو الموضوع الذي أثار حفيظتي لكتابة هذا المقال والمتعلق بالزج بالقضاة في مجلس حماية الثورة خاصة وان السيد أحمد الرحموني لم يكلف نفسه عناء استشارة زملائه في المكتب التنفيذي او القاعدة التي أوكلت له مهمة تصريف أعمالها الى غاية انعقاد مؤتمر استثنائي هذا وكما أشرنا سلفا اننا لن نخوض في شرعية المكتب من عدمها وسوف نقتصر في طرحنا لهذا الموضوع على القضاء ودوره في ذلك المجلس دون الخوض في مشروعيته والغايات الظاهرة والباطنة التي ينشدها. ذلك أن الخلاف مبدئي بين أقلية مستحسنة وأغلبية مستهجنة للانضمام لمجلس حماية الثورة فبالنسبة للأقلية فإنها ترى أن القضاء بإمكانه الاضطلاع بدور قيادي في حماية الثورة ومكاسبها حتى وان كلف ذلك التحالف مع قوى سياسية ونقابية وتعليق مبدأي حياد القاضي وتحفظه لتنتهي إلى إمكانية تكريس سياسة القاضي والتي وقع انتقادها من طرف أغلبية رجال القانون أما الأغلبية الساحقة فهي ترى ان القضاء مستقل لا يتسنى له بأي شكل من الأشكال الانحياز لشق سياسي دون الآخر والخروج عن مبدإ الحياد. ومهما كان من أمر فاننا نذكر أن استقلالية القضاء والتي ينادي بها السيد الرحموني والتزام القضاة بواجب التحفظ يفرضان على هذا الأخير ومناصريه عدم الاستخفاف بعقولنا وأن مثل هذا الزج لا يليق بالسلطة القضائية ويتعارض مع دورها في حماية الحريات العامة والفردية لاستقلالها عن جميع الخصوم السياسيين ولسنا ندري لو قام نزاع قضائي يتعلق بهذا المجلس كيف يمكن للقضاة التعامل معه فهل سيتم التجريح فينا باعتبارنا أطرافا او بعث لجنة أخرى يعهد لها النظر في النزاع المطروح؟!. ليس هكذا يعامل القضاة، يا سيدي الكريم، فان القضاء ليس حزبا سياسيا وإنما يفترض ان يبقى مستقلا عن جميع التجاذبات السياسية راجية منكم ان تراجعوا موقفكم بما فيه خير للسلطة القضائية والقضاة وترك العمل السياسي لمختصيه فالقضاء كان ولا يزال أساسا للعمران ومظهرا من مظاهر إستقرار الدول ورقيها ولكم في مقولة تشرشل خير دليل عندما تم اعلانه بالحرب التي شنت على أنقلترا فتساءل عن حال القضاء وحين أخبروه أنه على احسن ما يرام اطمأن وقال ان انقلترا ستجتاز الحرب. وفي الأخير نريد ان نؤكد للسيد أحمد الرحموني الذي رفع شعار تطهير القضاء والقضاء على عصابة القضاء كما يقول ان القضاء بخير في تونسنا العزيزة وان القضاة ضحوا بالغالي والنفيس لإيصال الحقوق لأصحابها ورضوا بالنقل التعسفية وبالعمل خارج أوقات العمل لفصل ملفاتهم في آجالها أمام الكم الهائل من القضايا المنشورة وقلة الإمكانيات المرصودة لوزارة العدل وقلة الإطار القضائي وشبه القضائي. لذا أرجوك يا سيدي أن تتوقف عن الإساءة إلينا وقم بالدور الذي زكيناك للقيام به في هذه الفترة الانتقالية وجدد ثقتك بنا لنجدد ثقتنا بك ولتقم جسرا للتواصل مع زملائك قبل ان تقيمهم مع غيرهم لأنك منهم فقط تستمد صلاحياتك وإن تجاهلتهم تجاهلوك وليكن لك في مسار ثورتنا العظيمة عبرة قبل فوات الأوان. السيدة نادية بن خليفة