هل من الممكن اليوم أن نتحدث عن نظام علماني في تونس؟ وهل يمكن اعتبار النظام العلماني النموذج الامثل لبلاد يدين مواطنوها بالاسلام؟ وما هي جملة الحجج التي يستعملها الاسلاميون للحيلولة دون اتباع نظام علماني في بلد مسلم؟ وهل العلمانية شرط أساسي لبناء نظام ديمقراطي؟ كل هذه الأسئلة وغيرها كانت محور نقاش خلال اشغال الندوة التي اشرف عليها المفكر والباحث التونسي صلاح الدين الجورشي امس بالعاصمة صحبة ثلة من الاساتذة الجامعيين. وقال الجورشي خلال افتتاحه لاشغال الندوة " أنه من الضروري أن نميز بين مفهومي العلمانية واللائكية وذلك لاختلاطهما في الذهن رغم أن كل مصطلح منهما له مفهومه ومدلولاته." وفي مستهل تقديمها لمحور مداخلتها أكدت الدكتورة لطيفة لخضر انه لا يمكن الحديث أو تطبيق مفهوم اللائكية إلا في ظل دولة حديثة تقوم على احترام حقوق الإنسان. وقد اكدت الدكتورة لخضر أن التداخل بين الدولة والدين يؤثر على قوانينها مبينة أن البورقيبية لم تنجح في توخي هذا المنهج. واوضحت المتدخلة أن تطبيق اللائكية في تونس تتطلب آليات وقوانين جديدة لتحقيقها لا سيما وان البلد في مرحلة الانتقال الديمقراطي. ومن جهته اعتبر استاذ القانون علي مزغني أن هناك اصطداما فكريا بين مفهوم العلمانية والاسلام الوراثي للمواطن التونسي متسائلا في هذا الاطار هل تونس دولة ذات مؤسسات تقليدية؟ وفي رده على سؤال ل "الصباح" حول امكانية اعتماد العلمانية كمنهج سياسي لتونس قال الحقوقي خميس الشماري " في اعتقادي ووفقا للنقاش الدائر اليوم فانه من الممكن اعتماد هذا النهج من خلال طرح افكار جديدة والالتزام بالفصل الاول من الدستور. وعن موقف الاحزاب الاسلامية اعتبر الشماري أن حركة النهضة ملزمة بما جاء من اتفاقات خلال جبهة العمل المشترك في هيئة 18 اكتوبر حول التفرقة بين الدين والدولة وقد كان محور اتفاق. من جانبه اعتبر الباحث والمفكر الحبيب الجنحاني أن معالجة مثل هذه المسائل تتطلب معالجتها من الجانب المشرق من التاريخ العربي الاسلامي . واضاف الجنحاني أن في هذه المرحلة ليس مهما أن نتحدث عن فصل الدين عن الدولة بل الاهم أن يتم فصل الدين عن السياسة على حد قوله. واوضحت سناء بن عاشور ( النساء الديمقراطيات) انه لا يمكن تلازم الحديث عن الحريات و حقوق الانسان والحديث عن الدولة الدينية نظرا لما يمثله ذلك من تناقض واختلاف لمبادئ الحرية التي تشمل بدورها حرية المعتقد. خليل الحناشي
اللائكية : مصطلح اقترن تعريفه بالثورة الفرنسية وهي نظرية سياسية تقوم على فصل الدين عن الدولة بمعنى أن الدولة لا تمارس أي سلطة دينية وفي المقابل فان السلطة الدينية لا تمارس بدورها أي سلطة سياسية. من خلال هذا التعريف الأولي والمتداول يبدو أن هذا النظام يقوم على نظرية رادكالية تفصل بصفة واضحة بين مجالين في المجتمع. العلمانية: تعني اصطلاحا فصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة والحياة العامة وعدم إجبار الكل على اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية.وهي رفض أية سلطات تشريعية أو تنفيذية في الدين تتدخل بحياة الفرد. فالدين في العلمانية ينتهي عندما يخرج الفرد من المسجد أو من الكنيسة.