لندن وكالات يبدو ان العقيد الليبي معمر القذافي بدأ يبحث عن مخرج ديبلوماسي في ظل عجز القوات الموالية له عن قلب المعادلة العسكرية لصالحه في مواجهة الثوار المتمردين على نظامه وإصرار المجتمع الدولي على فرض استجابته للقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 1973 المتضمن لفرض حظر للطيران فوق كامل التراب الليبي وتزايد الانشقاقات عنه من جانب كبار المسؤولين في نظامه. فبعد اكثر من اسبوعين على بدء التدخل الدولي، أرسل العقيد القذافي ديبلوماسيين إلى أنقرةوأثينا للتوصل إلى "حل" للنزاع الدائر في البلاد. يأتي ذلك في حين ذكرت مصادر ديبلوماسية أن سيف الإسلام القذافي قد روج سرا لخطة سلام يسلم بموجبها والده السلطة، ويضع ليبيا على طريق ديموقراطية دستورية، ويتقلد فيها الابن زمام الأمور في البلد مؤقتا، وبينما سجل تطور هام على مستوى المواقف الدولية تمثل في إعلان إيطاليا اعترافها بالمجلس الانتقالي الثوري في بنغازي "محاورا سياسيا وشرعيا وحيدا" بعد أن كانت إحدى أبرز الدول الغربية التي عارضت فرض حظر الطيران فوق التراب الليبي. ففي أثينا، أكد وزير الخارجية اليوناني ديمتري دروتساس الليلة قبل الماضية ان نظام معمر القذافي "يبحث عن حل" للنزاع في ليبيا، وذلك بعد لقاء جمع رئيس الوزراء اليوناني ومبعوث حكومة طرابلس نائب وزير الخارجية عبد العاطي العبيدي الذي حل باليونان في وقت سابق ومن المفترض ان يكون توجه أمس الى تركيا ثم الى مالطا. وقال الوزير اليوناني "لقد جددنا تاكيد الرسالة الواضحة للمجتمع الدولي: الاحترام الكامل وتنفيذ قرارات الاممالمتحدة بشكل تام ووقف فوري لاطلاق النار ووقف اعمال العنف والاعمال الحربية خصوصا تلك الموجهة ضد المدنيين الليبيين".
عرض "انتقال ديموقراطي"
وتأتي هذه التحركات على المستوى الدولي فيما نقلت صحيفة نيويورك تايمز مساء أول أمس أن اثنين على الأقل من أبناء العقيد الليبي معمر القذافي يعرضان الانتقال إلى ديموقراطية دستورية ورحيل والدهما عن السلطة وتولي أحدهما المرحلة الانتقالية. ونقلت الصحيفة عن ديبلوماسي طلب عدم كشف اسمه ومسؤول ليبي على اطلاع بالاقتراح انه في حال تبني هذا الطرح فسوف يتولى سيف الاسلام القذافي إدارة المرحلة الانتقالية. ولم توضح الصحيفة ما إذا كان القذافي (68 عاما) يوافق على هذا الطرح الذي يؤيده نجلاه سيف الاسلام والساعدي. غير أن شخصا قريبا من سيف الاسلام والساعدي أفاد الصحيفة بأن القذافي يبدو موافقا. وفي بيان صدر أمس في بنغازي، رفض المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار الليبيين الفكرة من أساسها. وقال المتحدث باسم المجلس شمس الدين عبد المولى متحدثا من بنغازي معقل الثوار في شرق ليبيا إن هذه الفكرة "يرفضها المجلس بشكل تام". واضاف "على القذافي وأبنائه أن يرحلوا قبل أي مفاوضات دبلوماسية".
تطورات ميدانية
على الصعيد الميداني، شنت قوات المعارضة الليبية أمس هجوما جديدة على مدينة البريقة ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لإنتاج ليبيا من النفط. ويقول مراسلون إن قوات المعارضة تعرضت لقصف مدفعي من قوات العقيد معمر القذافي لدى تقدمها باتجاه طريق جامعة البريقة عند مدخل المدينة مما اجبرها على الانسحاب. وتحاول قوات المعارضة بهذا الهجوم استرداد المواقع التي فقدتها خلال معارك الأسبوع الماضي. وشهدت البريقة جولات عنيفة ضمن معارك الكر والفر على طول الساحل الشرقي للبلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية. وأصبحت المدينة تحت سيطرة قوات المجلس رغم انطلاق قصف بالمدفعية بين الحين والآخر. وتمكنت القوات المعارضة للقذافي والمؤلفة من وحدات من الجيش انشقت على القذافي ومدنيين مسلحين" من السيطرة على معظم الساحل الشرقي ببلاد، إلا أنها لم تتمكن من التقدم غربا نحو العاصمة طرابلس. وكانت القوات الموالية للقذافي قد شددت هجماتها على مدينة مصراتة المعقل الرئيس الأخير للمعارضة غربي البلاد رغم القصف المتواصل على مدى أسابيع. ويقول طبيب في المدينة رفض الكشف عن اسمه إن قوات القذافي حاصرت المناطق المدنية لساعتين صباح أول أمس وقصفتها بصواريخ "غراد" و قذائف الهاون كما نشرت القناصة في الشارع الرئيسي. ويضيف أن قذيفتين سقطتا على مستشفى ميداني مما أسفر عن مقتل شخص وجرح 11 شخصا آخر. وبدأت الهجمات التي شملت القصف بالدبابات عقب حلول الظلام.
توقعات بريطانية
وبحسب توقعات لقائد سلاح الجو البريطاني المارشال ستيفان دالتون، من المرجح أن يستمر الصراع في ليبيا، بما في ذلك العمليات العسكرية التي ينفذها تحالف دولي بقيادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) هناك ستة أشهر على الأقل. وقال دالتون لصحيفة "الغارديان" البريطانية أمس إن سلاح الجو يضع خططه على أساس أن العمليات الجارية في ليبيا ستستمر هذه الفترة على الأقل. وأضاف: "بصورة عامة، نبني خططنا حاليا على أساس (الاستمرار لمدة) ستة أشهر على الأقل، وسنرى ماذا سنفعل بعد ذلك". وربط دالتون تقديراته بدعوة إلى "زيادات حقيقية" في النفقات المخصصة للقوات الجوية في الموازنة في وقت لاحق العام الجاري. وجاءت تصريحات قائد سلاح الجو البريطاني في الوقت الذي شدد فيه وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ على أن الصراع في ليبيا لن ينتهي إلى "طريق مسدود". ويذكر أن القوات الجوية الملكية البريطانية تقوم بمهام يومية في سماء ليبيا، بطائرات مقاتلة واستطلاعية، منذ بدء العمليات العسكرية هناك في 19 مارس الماضي.