بعيدا عن البحر الذي تفصله عن أهم المعالم الأثرية طريق سياحية بلا سياحة، تقبع إحدى القلاع الحربية المقامة على أنقاض شبيهتها القرطاجنية في محيط من حمامات وأسواق عمومية وبقايا تاريخ يحكي عن "طابسوس" وعن خيول " يوليوس قيصر"، وعن الرحلة التي قام بها القائد القرطاجني "حنبعل" من الميناء العتيق " حارقا" سنة 195 ق م إلى جزيرة قرقنة ومنها إلى سوريا نتيجة تردي الأوضاع في قرطاج ومحاولاته اليائسة في الإصلاح، وتيقنه من مؤامرة لتسليمه إلى العدو. ولعل المعطى الجغرافي لمنطقة "راس ديماس" بالبقالطة وما جاورها من أراض فلاحية وما يمتاز به بحرها وشواطئها يعد خير حافز لاستقطاب العاطلين عن العمل والحال أن الفلاحة تستوعب العديدين، بيد أن الميناء الساحلي في المنطقة لا يفي بالحاجة أصلا برغم صبغة البحر الذي يمثل بتركيبته العجيبة كبحر حي ينفصل منه بحر ميت هو عبارة عن ملاذ لوضع بيض الأسماك وما يفصل البحرين من برزخ بري كمحمية لسلاحف البحر تضع فيها بيضها. ولم تشمل المنطقة مشاريع الا كتلك التي أغلقت مثل نادي البحر الأبيض المتوسط السياحي وبعض المشاريع المشبوهة كتلك التي أقيمت في العهد السابق بردم جزء من البحر حذو الميناء وإقامة مشروع تكميلي لمشروع مقابل في تربية الأسماك معد للتسويق الداخلي والتصدير يبدو أنه توقف بعد الثورة، لتبقى " راس ديماس" أهم نقاط الحرقان على خطى " حنبعل"، ناهيك عما عم المنطقة من بناء فوضوي واستحواذ على أراض ذات صبغة أثرية، تنتهك في واضحة النهار دون تدخل يحمي مثل هذه المواقع النادرة والمشهورة عالميا خاصة وكل الأرضيات تضم لوحات عملاقة من الفسيفساء، قد توقف الكشف عنها منذ عشر سنوات.