كمال بن يونس تقف تونس اليوم في مفترق طرقات حاسم..بعضها يؤدي إلى الفوضى والمجهول وبعضها الآخر إلى الشرعية الانتخابية والسياسية و بدء مسار الإصلاحات الشاملة من قبل حكومة تفرزها انتخابات 24 جويلية.. في الأثناء نلاحظ أن كثيرا من الساسة في تونس تاهوا "في التفاصيل" فيما سقط آخرون في فخ الجدل العقيم حول بعض الفصول القانونية والدستورية والشعارات الايديولوجية و المقولات الدينية والفلسفية.. متناسين أن الاهم هو إنجاح الانتخابات القادمة ووضع حد لمرحلة فقدان مختلف مؤسسات الدولة وجل منظمات المجتمع المدني للشرعية.. إذ لا شرعية دون الاحتكام الى صناديق الاقتراع في انتخابات شفافة وذات مصداقية. ومن بين ما يعطّل مسار الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في تونس غياب مؤسسات منتخبة تقود الدولة.. فلجان التحقيق والاصلاح و"الهيئة العليا" استشارية لدى الحكومة وقد تأسّست بقرارحكومي من الرئيس المخلوع ( يوم 13 جانفي ) ثم الحكومة المؤقتة الاولى (بزعامة السيد محمد الغنوشي) ورئيس الدّولة الوقتي السيد فؤاد المبزع زكاه الوزير الاول الحالي السيد الباجي قائد السبسي..والجميع ليس له شرعية انتخابية ولا دستورية منذ ايقاف العمل بالدستوروحل المجلسين النيابيين السابقين والحزب الذي ينتمي اليه.. نفس الاشكال يطرح أيضا بالنسبة لجل النقابات ومنظمات المجتمع المدني التي لم تنظم مؤتمرات انتخابية منذ سنوات طوال وتحتاج بدورها اليوم الى الاحتكام الى صناديق الاقتراع لتفرز قيادة شرعية جديدة.. لقد استبشر العالم أجمع بالثورات الشعبية العربية بدءا من ثورة تونس لكن خصوم شعوبنا ودولنا في الداخل والخارج يعملون بكل الطرق لإجهاض تلك الثورات حتى يستأنفوا مسار ابتزاز خيراتنا ويكرسوا تبعية دولنا لصناع القرار في العواصم الاستعمارية القديمة والجديدة.. لأن أي قيادة سياسية لا تفرزها الانتخابات ستكون هشة وستقدم تنازلات للآخر لا يمكن أن تقبلها الحكومات التي تمثل شعوبها والتي تفرزها الانتخابات وصناديق الاقتراع.. فهل يعطي كل ساسة تونس مهما اختلفت تياراتهم الى اولوية السير بالبلاد الى الشرعية عبر تنظيم انتخابات ديمقراطية في جويلة القادم؟