آسيا العتروس على مدى ثلاثة وستين عاما ظل العرب أوفياء في احياء ذكرى النكبة وهو وفاء معنوي لم يقابله الوفاء الحقيقي المطلوب لدعم القضية الفلسطينية وحماية الشعب الفلسطيني من التشتت والضياع على مدى أكثر من ستة عقود مرت بها القضية الفلسطينية من السيئ الى الاسوأ في مواجهة أحد أسوأ أنواع الاحتلال المستمر في القرن الواحد والعشرين. أكثر من حرب مدمرة انجرف اليها العرب في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وفي كل مرة كان العرب يخرجون في وضع أكثر هشاشة وضعفا كل ذلك في الوقت الذي ظلت سلطات الاحتلال تتوسع وتمتد كالسرطان لتضع يدها على المزيد من الاراضي الفلسطينية وتضيق الخناق من حول الشعب الفلسطيني ليتحول الى أسير محاصر داخل ما يشبه الكانتونات المنفصلة...و بفضل الفيتو الامريكي الحاضر دوما لنصرة الجزار دون الضحية وتحت حماية سلاح تهمة معاداة السامية الذي ابتدعته أوروبا للتخلص من عقدة الذنب ومنح اسرائيل الحصانة من كل مساءلة أو ملاحقة استطاع قطعان من المستوطنين الصهاينة القادمين من مختلف أنحاء أوروبا أن يجدوا لهم موطئ قدم على ارَض فلسطين التاريخية وأن يعتمدوا وعد اللورد بفلور الذي منح ما لا يملك لمن لا يستحق وثيقة لفرض الاحتلال الاسرائيلي وتوسعه... كثير من شباب الثورة اليوم في العالم العربي لم يعايش أطوار النكبة ولكن الاكيد أن ما يحدث اليوم على الاراضي الفلسطينيةالمحتلة من انتهاكات وتجاوزات الاحتلال من شأنها أن تنقل للاجيال المتعاقبة معاناة الشعب الفلسطيني تحت قيد الاحتلال وهو يشهد ما يحدث من اعتداء على الحرمات ومصادرة للارض ومن اعتداء على المقدسات ومن طمس للهوية الفلسطينية والانسانية الانسان... ومع ذلك فقد استعد شباب الثورة من مصر الى تونس باحياء ذكرى النكبة على طريقته في رسالة واضحة لا يمكن تجاهلها وهو أن ربيع العالم العربي لا يمكن أن يستثني الشعب الفلسطيني وأن هبة الشعوب العربية ضد الاحتلال خلال خمسينات القرن الماضي تستكمل اليوم معركتها ضد الاستبداد من أجل الحرية والعدالة والكرامة... وكما أن الظلم والاستبداد لا يمكن أن يستمرا الى ما لا نهاية فان الاحتلال أيضا لا يمكن أن يسود فهناك اليوم أحد عشر مليون فلسطيني في الداخل والشتات يرددون نداء «الشعب يريد وطنا « ومن حق هؤلاء أن يحققوا حلمهم تماما كبقية شعوب العالم في اقامة دولة فلسطينية تحيا بين الامم... قبل أيام وقعت الفصائل الفلسطينية اتفاقية المصالحة بعد أربع سنوات من الانقسام والتشتت وبالامس سمحت السلطات المصرية بفتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة والسماح لحملة «خليك انسان» بالعبور الى القطاع خطوة كانت أقرب الى المستحيل في ظل النظام السابق الذي تخلى عن كل المبادئ وجعل مصر تتخلى عن دورها في المنطقة خدمة للمصلحة الاسرائيلية خطوات محتشمة وبطيئة ولكنها خطوات مطلوبة ومن الضروري أن تتعزز من أجل اعادة دفع القضية الفلسطينية واستعادة الحقوق المصادرة استعدادا للحملة القادمة عندما يحين موعد اعلان الدولة الفلسطينية من داخل أسوار الاممالمتحدة ومن رحم مجلس الامن الدولي الذي أعلن قبل ثلاث وستين عاما نشأة اسرائيل على أرض فلسطين التاريخية...مهمة صعبة ما في ذلك شك ولن يكون طريقها مفروشا بالورود ومع ذلك فقد آن الاوان ان يدرك الاحتلال أن استمرار الوضع على حاله غير قابل للاحتمال وأن رياح التغيير التي تهب على العالم العربي لن تهدا قريبا وقد لاتهدأ قبل أن تغيرالمشهد الواهن الذي استمر أكثر مما ينبغي... اسرائيل قالت كلمتها النهائية وأكدت أنها لاتريد سلاما لا قبل المصالحة ولا بعد المصالحة فهل سيقول العرب كلمتهم ؟