نتمنى ذلك اليوم الذي تصبح فيه المواطنة حالة من الحرية ينعم بها كل المواطنين. ونتمنى ذلك اليوم الذي يعتز فيه كل المواطنين بالتنافس في خدمة الوطن متسابقين لا لأثبات وطنيتهم , فذلك سيصبح تحصيل حاصل, بل لرسم طريق المثل للأجيال القادمة. وليست هذه الأمنيات مجرد أحلام ثورية بل هي الوعي الكامل أننا بدأنا هذا المشوار الصعب لبناء تونس الثورة, تونس التي سينعم بها كل مواطنيها, حرصا من كل وطنييها اليوم, في مستقبل نتمناه قريبا ولا نشك اطلاقا ان تونس الثورة كما نتمنى ستتحقق. كل ما يزعجنا , نحن الذين راكمنا في داخلنا كل هذه الأحلام الكبيرة , ان بعضا من مواطنينا وعلى رأسهم بعضا من نخبتنا, لم يستوعبوا بعد كل الثورة التي تفجرت امامهم احلاما كبرى , ولم يستوعبوا بعد انها ثورة جارفة لكل الظلم و الأقصاء و الفساد, وانها بالضرورة ستعيد الكرامة للوطن , و الوطنية للمواطن . أين الخلل اذا ؟ قد نتفهم القلق والتردد وجملة التعارضات داخل عقل المواطن العادي الذي تحيط به جملة الاحتياجات اليومية و التي لم تقدر ولن تقدر الحكومات المؤقتة على تصور حلول ثورية لها لأن مثل هذه النخبة المؤقتة علاوة على فقدانها الشرعية فهي تحمل في داخلها عقد تخلفها من ناحية كونها في كثرة منها تمثل الإدارة السابقة للحزب الحاكم فهي محكومة بفشلها السابق وبتورطها في عدم امكانية تصورها للمستقبل وانها مهما تزينت فلن تقدر على تصور و لو جزء بسيطا من معاني الثورة وهي تمثل في جانبها الآخر كثرة من وزراء جاؤوا من وراء بحر فصل لزمن بعيد في لغته وهمومه بين احلامه واحلامنا ولا ندري لحد اليوم من نصح بهم في احتقار تام لكل طاقاتنا السياسية والعلمية في الوطن, وهذه القلة تحمل ولا شك في داخلها عقدة ما قبل الثورة وعقدة ما بعد الثورة. قد نتفهم كل هذا القلق لكننا نقف اليوم مشدوهين امام نخبة من الوطن كانت لزمن غير بعيد تناضل مثل الكثيرين من اجل وطن افضل و من اجل نظام افضل فاذا هي اليوم ترفع صراخا إيديولوجيا تفضل فيه و به بين مواطن و مواطن بين وطنية ووطنية بين وطن ووطن ولهذا الصراخ في احيان كثيرة مسميات وطلاسم لا يفهمها حتى الذين فقدوا جزء من نظرهم في الكتب و المفاهيم, ماذا يفعل بأحدهم لو قال مثلما قال في تلفزيون فرنسي او الماني و هو يدعي غمزا ماذا نفعل بالديمقراطية في هذه الظروف ؟ ان هتلر صعد لسدة الحكم بالديمقراطية ؟؟ هكذا؟؟ اذن لا وطن للجميع؟؟ ويجب لحماية الوطن و المستقبل ان نقوم بفحص جميع الناس في هذا البلد حتى نختار من هو أهل لأن يصبح تحت رعاية مثل هذا المفهوم الغوغائي والمتطرف ؟؟مواطنا ( و نقصي الآخرين تشريدا وتنكيلا وإعداما لأنهم لم يرتقوا لدرجة المواطنين والوطن ؟؟) والحقيقة ان مثل هؤلاء من الذين يمسكون اليوم بالقلم وأجهزة الأرسال والتقعر امام مواطنينا الكادحين و الغارقين في الهموم التي لا تريد ان تنتهي, يتجاسرون علينا في وقاحة مدفوعة الأجر أنهم الصوت العالي ضد الحرية وضد الانتخابات وضد التداول السلمي على السلطة وضد الوطن وضد المواطنين وضد الوطنية وضد المستقبل؟؟ ماذا فعل حزب الدستور منذ سبعين سنة ؟؟؟ أفسد الفساد , وأفسد الوطن , وأفسد المستقبل لكن لا أحد من العقلاء اليوم يتجرأ, لا خوفا, بل تعقلا, على اتهام احد من عناصره بالخيانة العظمى واخراجه من وطنتيه ووطنه الا اذا ثبت ذلك امام قضاء عادل. ولا احد من المواطنين في طول البلاد و عرضها تجرأ على الاعتداء على منتسبي هذا الحزب رغم معرفة الجميع بهم و بعناوينهم, تعقلا من مواطنين يدركون ان للناس حقوقا يجب ان تحترم حتى في احلك الحالات . لكن جمعا من نخبة تجاوزتها الثورة تنعق ليلا نهارا بمفاهيم و تصورات ظلامية مظلمة مناديه بدكتاتورية فجة تؤلب كل يوم المواطن ضد المواطن و تدعوا لاسترجاع الماضي في تحد سافر للثورة والثوار.؟؟ من هم هؤلاء ْ ؟ انهم كل الذين سيجدون انفسهم يوما ما في قفص الاتهام امام الناس في الانتخابات القادمة والتي تليها و التي تليها ..يغيب عن هؤلاء ان المواطنين والوطن لا يخاف, من هنا فصاعدا, صناديق الاقتراع, لأن النتيجة الكبرى, والمعروفة مسبقا هي انتصار التداول و الشفافية وان من سينجح اقل اهمية من العملية الانتخابية ذاتها فالرابح الأكبر هو الوطن والوطنية و المواطن والمستقبل . من ربح اليوم سيضعه الناس على المحك ومن خسر اليوم سيتعاون مع من ربح وسيستعد للجولة القادمة ومن سيتحمل المسؤولية هو مواطن و وطني بالضرورة ومن سيستعد للمرحلة التالية هو ايضا مواطن ووطني بالضرورة. يقال ان الثورات الكبرى والدموية أكلت ابناءها.؟؟ وثورة تونس والتونسيين, بما انها ثورة كبرى لن تأكل ابناءها, لأنها ثورة كرامة وثورة غير دموية لكن بعض الأبناء سوف يأكل بعضهم البعض ؟ لأن بعضهم لم يتخلص من عقدة التعالي, والقلة الباقية من هذا البعض لم تتخلص من إيديولوجيا الثلوج البيضاء البعيدة ومن عشق دماء البروليتارية التعيسة ؟؟