مازال التاريخ النهائي لموعد انتخابات المجلس التاسيسي موضع نقاش وجدل بين مختلف الجهات السياسية ومكونات المجتمع المدني كما يبدو ان الهيئة العليا للانتخابات مازالت مصرة على موقفها الاخير والقاضي بالتاجيل الى يوم 16 اكتوبر عوضا عن 24 جويلية. في الاثناء فان حكومة قائد السبسي لم تصدر موقفا نهائيا من المسالة واكتفت بالتاكيد على أن النقاشات مفتوحة بين الجميع وان الوفاق مبدا اساسي للمرحلة الحالية والقادمة التي تعيشها تونس. اما الساحة السياسية فقد استبقت الكل واكدت أن " سبتمبر " يمكن أن يكون موعدا واردا وتوافقيا بين جميع المكونات من (الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاحزاب غير الممثلة بها وهيئة الانتخابات والحكومة المؤقتة ). ورغم هذه المواقف فان مواقف أخرى تدعو إلى " الاستفتاء " على دستور 1959 في حال عدم التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف وللخروج من الأزمة اللاشرعية على أن تقع انتخابات رئاسية وتشريعية في اقرب الآجال. فهل مازال موعد 24 جويلية ممكننا ؟ والى اي مدى يمكن القول باهمية موعد 16 اكتوبر في ظل رفض الحكومة له مبدئيا ؟ وهل ترجح الكفة موعد سبتمبر ؟ ام أن المخرج يكمن في الاستفتاء على دستور 1959؟ في رده على جملة الاسئلة المقدمة اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية محمد عبو أن تاريخ 24 جويلية بات مستحيلا في ظل نفاذ الوقت وهو ما يدعو إلى ضرورة الاتفاق على موعد جديد.
اجتهادات
واعتبر عبو أن مقترح سبتمبر لم يقع طرحه من قبل الحكومة المؤقتة وهو ما يعني انه مجرد مقترح نتيجة اجتهادات بعض الاطراف السياسية واضاف قائلا انه يمكن الاتفاق على موعد جديد شرط أن لا يتجاوز اكتوبر والا فان ذلك سيمثل محاولة حقيقية للالتفاف على اهداف الثورة. وبخصوص مواقف الاستفتاء على دستور 1959 فقد عبر محمد عبو عن رفضه لهعذه الفكرة معتبرا أن " اغلب الشعب قد عبر على ضرورة انتخاب مجلس تاسيسي كبداية لمرحلة ما بعد الثورة وان الدستور موضع الاستفتاء قد وقع الغاءه وهو ما يعني أن امكانية العودة اليه بمثابة الأمر الخطير."
مشروع دستور
ومن جهته اوضح الامين العام لحزب الوفاق الجمهوري مصطفى صاحب الطابع أن الاشكاليات القائمة الآن لا تتعلق بتحديد تاريخ يقر موعد انتخابات التاسيسي بقدر ما يجب أن نحترم ما يتم اقراره للخروج من الحالة التي تمر بها البلاد. واعتبر صاحب الطابع أن امكانيات الاستفتاء على الدستور ممكنة من خلال إحداث مشروع دستور عبر لجنة الخبراء للهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة يضمن لنا المرور السريع إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
استفتاء على الصيغة الأولى
ومن جانبه قال المنسق الاعلامي للحركة الوحدة الشعبية مهدي الطباخ أن مسالة التوافق لا يمكن أن تتبلور الاّ في اطار مجلس وطني للأحزاب السياسية، يتشكّل بعد توسيع تركيبة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة لكي تشمل كل الأحزاب السياسية. كما يرى ممثل الحركة " أنّ التمشّي الصحيح يقوم على الاستفتاء على كل النصوص التي من شأنها أن ترسم الملامح الكبرى للمجتمع التونسي باعتبار الاستفتاء الشعبي أسمى مظاهر سيادة الشعب، وهنا نرى أنه من الممكن، وربحا للوقت، ولغلق الباب أمام كل ما من شأنه أن يمثل انتكاسة للثورة التونسية، أن يقع استفتاء حول دستور 59 في صيغته الأولى، ثمّ الشروع مباشرة في أعداد الانتخابات البلدية، والتشريعية وأخيرا الرئاسية.."
خارطة طريق
بعيدا عن كل المقترحات المقدمة دعا الأمين العام لحزب التكتل من اجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر إلى ضرورة الالتزام بخريطة طريق واضحة يتحدد من خلالها جزء كبير من المستقبل في اطار من الشفافية والالتزام. واوضح بن جعفر أنه من الضروري أن نقطع مع المنظومة السابقة في اشارة منه لرفضه لبعض الدعوات التي تؤكد على امكانية العودة إلى دستور 1959. ولم يستثن بن جعفر دور الحكومة في البحث عن التوافق بين كل المكونات السياسية.
استحالة الموعد
وقال عضو المكتب السياسي لحركة التجديد عادل الشاوش انه تاكد لدينا اليوم استحالة قيام انتخابات المجلس التاسيسي في موعدها المقرر ل 24 جويلية وهو ما يعني ضرورة التوافق حول المواعيد المقترحة في اطار نقاشات تجمع كل الاطراف من حكومة واحزاب والهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة وهيئة الانتخابات. واعتبر الشاوش أن المصلحة العليا للوطن تقتضي ضمان الانتقال الديمقراطي من خلال التوافق الشامل والمشاورات عبر اطار يجمع كل الاحزاب.
قاعدة التوافق
لم يختلف موقف الديمقراطي التقدمي عن موقف التجديد حيث اشتركا في تاكيد أن 24 جويلية قد انتهى وقال عضو المكتب السياسي لحزب الديمقراطي التقدمي عصام الشابي " أن المستقبل يجب أن يبنى على قاعدة التوافق وان للحكومة دور اساسي في الدعوة إلى المشاورات وفتح الحوار مع الجميع للخروج باجندة جديدة تقنع الراي العام الذي بدا يفقد ثقته في النخب السياسية". وبين الشابي أن البحث عن التسويات والخروج بمواقف موحدة لبناء مؤسسات دستورية. وبخصوص تواتر الاقتراحات حول المسالة الانتخابية فقد اعتبر الشابي انها وليدة التردد والضبابية وانه يجب أن تخضع للمشاورات.
الشرعية...دستور 59
ليس التاريخ هو المقدس بل الشرعية التي يجب أن يقع استعادتها في اقرب الاجال هذا ما عبر عنه الناطق الرسمي باسم حزب الوطن احمد بوعجيلة. واعتبر بوعجيلة أن امكانيات المرور إلى المرحلة القادمة ممكنة من خلال اعتماد دستور59 الذي يمكن اعتماد تعديلات عليه وادخال التنقيحات الممكنة للمرور إلى الانتخابات في اسرع الاوقات.
لا تراجع
اما عضو المكتب السياسي لحزب العمل الوطني الديمقراطي محمد جمور فقد استنتج أن الهيئة العليا لتحقيق اهداف الانتخابات لن تتراجع عن مقترحها لانه بتراجعها ستناقض نفسها بنفسها وهو ما يعني رفض المتدخل لاي تاريخ اخر دون 16 اكتوبر. واعتمد جمور في تحديد نتيجته تلك على ما قدمته هيئة الانتخابات من استنتاجات يستحيل معها اجراء موعد 24 جويلية. وفي ما يتعلق بالاستفتاء على الدستور بين جمور أن الامر غير ممكن في ظل الطلب الشعب الذي خرج ليؤكد على ضرورة صياغة مشروع دستوري جديد يراعي ما عا شته البلاد وياخذ بطموحات الشعب من حرية وديمقراطية معتبرا أن مقولة الاستفتاء مقولة مغلوطة.
فرض... فرضا
ويرى عضو المكتب السياسي لحركة النهضة علي العريض أن التاجيل اضر بالبلاد وفوت فرصا على حساب امنها ومصالحها الاقتصادية. واكد علي العريض أن التاجيل فرض فرضا في اخر لحظة وهو ما ادى إلى عسر القيام بالانتخابات وفقا للموعد المحدد مسبقا وهو بمثابة الخطأ على حد وصفه. وشدد العريض على أن اي تاريخ جديد يجب أن يتحدد بتوافق مع الحكومة ومختلف الاطراف وان تصحبه حزمة من الاجراءات من اهمها الالتزام بالموعد وعدم تغييره.