عبّر الفنان أسامة فرحات خلال لقائه مع "الصباح" عن تفاؤله بمستقبل الأغنية التونسية القادرة بعد أن رفع عنها حظر الرقابة وتهميش السلطة لمختلف أشكالها على التحليق عاليا وافتكاك مكانتها في العالم العربي. ولكن يتحقق ذلك لو توفرت شروط نشأة واحاطة جيدة بهذه الأغنية. في لقائنا مع هذا النقابي والفنان تفاصيل أخرى عن واقع ومستقبل الموسيقى التونسية كما يراه النقابي والفنان أسامة فرحات في الحديث التالي. -ماهي طبيعة تحركات الفنان والنقابي أسامة فرحات بعد مرور شهور على أحداث 14 جانفي, هل بتّ أكثر قربا من جني ثمار نضالك النقابي, أم أن الواقع الموسيقى العام يحتاج منك الى مزيد من المجهود؟ لا أنكر تفاؤلي بالمستقبل المختلف والأكثر اشراقا للموسيقى التونسية ولكن علينا أن ننتظر قليلا, فالصدمة كانت كبيرة بلا شك وبعضنا لا يصدق ما تتناقله وسائل الاعلام من صور للتهميش الذي عاشته بعض المناطق من تونس, وضروري أن نعيش هذه المرحلة وهي مرحلة ذهول وفوضى وتعبير مستمر عن الاختلاجات. قطاع الموسيقى على عكس المسرح والسينما يشكو الفوضى العارمة وهو قطاع متباين على مستوى وعي المنتمين اليه, فليس كل الذين يحملون فيه بطاقات الاحتراف من الواعين والقادرين على المشاركة في بناء النسيج الاجتماعي, وبعضهم لا يملك ثقافة جمعياتية أو نقابية ترتقي به الى مستوى الفنان الفاعل انسانيا, ولو تحرك كل فرد من هؤلاء فقط لتحقيق مصالح خاصة فلن نتمكن من الحديث عن قطاع موسيقي منظم وقادر على الصمود خارج حدود الوطن. ضروري اليوم أن يلتف كل الفنانون والموسيقيون حول هيكل واحد يمثلهم أمام السلطة ويدفع بطموحهم الى الأمام, ثم اننا ندعو الى تطبيق قانون الملكية الفكرية حالا ودون تأجيل لأننا لن نجني غير الهواء من تأجيله رغم أنه صادر منذ جوان 2009. -يتواصل التململ والفوضى وتتكرر الانسحابات داخل الهيكل النقابي نفسه, ألا تتصور أن هذا الوضع المتذبذب قد أسهم بشكل أو بآخر في تزعزع ثقة الفنان في نقابته؟ صدقيني جل الانسحابات والفوضى التي عاشتها نقابة المهن الموسيقية كانت بسبب الفنانين أنفسهم, بسبب عدم التزام أغلبيتهم بأهداف هيكلنا وتغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة. للأسف عقلية جلهم لم تواكب ما يسعى العمل النقابي الى ترسيخه في الفنان. اليوم عليهم أن يتداركوا الأمر سريعا, هم مخيرون بين نقابة المهن الموسيقية أو نقابة المؤلفين والملحنين أو نقابة الشعراء الشعبيين لينضووا تحت لوائها, ويمكن لهم انشاء نقابات أخرى فما المانع في ذلك المفيد أن نحقق خطوة نحو المستقبل ونتوحد. -هل يمكن تفعيل المجهود النقابي بمعزل عن مشاركة الدولة؟ لا.. نحن لا نريد ذلك ولكننا ضد أن تتحكم فينا الأحزاب السياسية وتوجهنا حسب مخططاتها ودون أن تقدم لنا مشروعا ثقافيا مدروسا وقادرا على رفع غبار التهميش عنا. نحن نطالب الدولة بحلول سريعة للبنية التحتية المخصصة للثقافة, ثم اننا سننتظر حلول الحكومة الجديدة لتقديم بقية المطالب, فالواقع أن الحكومة الانتقالية تبقى غير قادرة قانونيا على تقديم تخطيط بعيد المدى لواقع ومستقبل الثقافة في بلدنا. -هل تنسحب حالة الفوضى التي يعيشها المجتمع التونسي بعد تحولات ما بعد تاريخ 14 جانفي على حال القطاع الموسيقي في اللحظة الراهنة؟ ما أعيبه على الفنانين اليوم هو انشغالهم بتبادل التهم , «فلان» يتهم «علاّن» بالموالاة للحكم السابق وذاك يجزم أنه أول من قدم أغنية جريئة في عهد المخلوع فهمشوه وعاقبوه , الكل يبحث عن شرعية ثورية, بينما الأهم اليوم لو انطلقنا في تقديم المشروع البديل وحلقنا عاليا كل حسب تصوراته. -وماهو مشروعك الفني الذي تقترحه ؟ لديّ مشروعان: الأول لن يطبق هذه السنة لأنه يحتاج الى فضاء كبير كمسرح قرطاج مثلا, والثاني بعنوان «لزوميات» قد ينال حظه من الالتفاف الجماهيري هذه السنة. -هل تقدر الأغنية التونسية اليوم على الصمود وافتكاك مكانتها في العالم العربي؟ أنا متفائل بمستقبل الأغنية التونسية ولكن لو تنظّم القطاع عموما ولو توحدت صفوف الفنانين والموسيقين. ثم لا بد من تطبيق قانون حقوق الملكية الفكرية لأن جزءا من عائدات مداخيله تذهب آليا لفائدة المشاريع الجديدة في الموسيقى وهذا ما ينقصنا فعلا لنعيش ربيع الموسيقى التونسية. لابد من توفر قنوات رسمية شرعية توصل تجربة الفنان الى الجمهور, والجمهور هنا جماهير, لأنني ضد حصر الموسيقى والغناء في لون واحد كما أنني ضد توجيه أذواق الناس نحو نمط وشكل واحد من الموسيقى, لا بد من التنوع والاختلاف لنضمن الازدهار.