كان تأسيس النقابات في القرن الثامن عشر نتيجة للاستغلال الفاحش لليد العاملة وصل إلى حد الاستعباد المطلق، و منذ ذلك التاريخ لعبت الحركة العمالية دورا مفصليا في مختلف الأحداث التي طبعت التاريخ الإنساني وفي تونس و منذ تأسيس الحركة النقابية و ظهور الكنفدرالية العامة التونسية للعمل، لعبت هذه الحركة دورها في الدفاع عن العمال و في الحركة التحريرية للبلاد و تواصل هذا الدور بعد الاستقلال مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لعب دور القوى الموازنة للدولة ذات الحزب الواحد و لئن كان دور الاتحاد متغيرا تقدما و انحسارا حسب الحقبة التاريخية والظروف الجيوسياسية للبلاد، فإن الحركة النقابية حافظت على دورها المدافع عن العمال. و مع التغير المفاجئ في الخارطة السياسة التونسية فقد كان لزاما على الحركة النقابية أن تتغير و تلعب دورا جديدا على الساحة التونسية و الدور المفترض لها هو أن تدعم البناء الديمقراطي و الاقتصادي للبلاد، و أن تحاول قيادة البلاد نحو سلام اجتماعي لكن الحركة النقابية حافظت على نفس الطرق و الممارسات القديمة وأغرقت نفسها و أغرقت العمال بالمطلبية و حاولت تلبية رغباتهم الجامحة في أن يتم إنصافهم من الضيم الذي لحقهم خلال العهد البائد و لعل القائمين على الحركة النقابية بتونس نسوا أو تناسوا أن تونس هي فوق كل اعتبار و أنه لا يمكن لتونسي أن يتمتع بثمار الثورة ما لم يقع بناء تونس قوية سياسيا و اقتصاديا و لعل الشيء المطلوب منها الآن هو حث العمال على مزيد العمل و البذل و أن تنشر ثقافة القانون بينهم لأن عهد التواكل قد ولىّ.