لم تمر المسودة الثانية ل"العقد الجمهوري" التي عرضت يوم أمس للمرة الأولى للنقاش في جلسة عامة لهيئة تحقيق اهداف الثورة بمجلس المستشارين بباردو، دون جدل ونقاش شديدين مثلما كان متوقعا، ووصل الجدل خلال الجلسة التي خصصت لمناقشة مشروع مسودة العقد الجمهوري التي أعدتها لجنة ثانية عوضت لجنة أولى شكلت لنفس الغرض حد تبادل الشتائم والتهم. وتصاعد التوتر بين اعضاء الهيئة على الأقل لسببين أولهما تجدد الجدل بخصوص ما بات يعرف ببيان "مجموعة ال12" الموقعين عليه والذي نشر مؤخرا ببعض الصحف وتضمن نقدا شديدا لرئاسة الهيئة واسلوب عملها وتعاطيها مع الملفات المعروضة عليها، اما السبب الثاني فكان مضمون المسودة الثانية التي عرضتها اللجنة المكلفة بإعدادها، بسبب تحفظ جانب من اعضاء الهيئة على طريقة تشكيل اللجنة التي عوضت لجنة أولى كانت مكلفة بنفس المهمة ولم تجد الفرصة لتعديل المسودة التي عرضت فعلا للنقاش قبل اسابيع. كما طال النقاش الحاد عدة بنود في مسودة العقد الجمهوري او"اعلان تونس لأسس المواطنة وقيم الجمهورية"، خاصة ما يتعلق بمسألة هوية تونس، ومسألة منع التطبيع مع الصهيونية، والصيغة التي جاءت بها المسودة.. إذ طالب شق بضرورة التنصيص على القطع نهائيا مع الصهيونية، في حين راى البعض الآخر الابقاء على الصيغة المقترحة.. وشهدت بداية الجلسة تشنجا كبيرا وصل حد المشادات الكلامية بين بعض أعضاء الهيئة، حتى أن بعض الأعضاء طالب الهيئة باتخاذ موقف صارم تجاه بعض الصحف ووسائل الإعلام، بل إن أحدهم طالب بطرد الإعلاميين!!؟، لكن جانبا عريضا من أعضاء الهيئة ساندوا الإعلاميين الحاضرين لتغطية جلسة الهيئة منددين باستهداف الصحفيين ومعبرين عن رفضهم المساس بحرية التعبير. عودة ممثلي النهضة وكان لافتا هذه المرة عودة ممثلي حركة النهضة لحضور جلسات الهيئة بعد مقاطعة استمرت لبضع جلسات احتجاجا آنذاك على عدم التوافق على موعد انتخابي وتفرد الهيئة المستقلة للانتخابات في اتخاذ قرار بتأجيل الانتخابات دون تشاور مع الحكومة او الأحزاب حسب تبريرهم. وأكد ممثلو النهضة أن عودتهم إلى الهيئة جاءت بعد اتخاذ الحكومة قرارا في تحديد موعد انتخابي توافقي بعد تشاور واسع مع الأحزاب ومكونات المجتمع المدني. اما بخصوص البند المتعلق بحرية ممارسة الشعائر الدينية بعيدا عن التوظيف السياسي فطلب ممثلو النهضة توضيح عبارة "التوظيف السياسي"، في حين طالب ممثلو التكتل من أجل العمل والحريات تعديل البند المتعلق بالهوية للتنصيص صراحة على الهوية العربية الاسلامية والحداثية لتونس. في حين طالب ممثلو اتحاد الشغل في الهيئة اضافة تعديلات على البند المتعلق ب"حق الشغل والصحة والتعليم والسكن على قاعدة تكافئ الفرص دون تمييز واستنادا إلى منوال تنموي عادل.."، اضافة فقرة تنص على الحق النقابي والحوار الاجتماعي.. كما اقترح بعض الأعضاء في النقطة المتعلقة بالقطع مع الاستبداد والفساد اضافة عبارة تنص على تحجير الاستقواء بالأجنبي. استنكار.. تجدر الإشارة إلى أن جانب مهما من اعضاء الهيئة عبرت عن استغرابها واستنكارها من طريقة تشكيل لجنة ثانية حلت محل لجنة أولى منتخبة متوافق عليها من جميع اعضاء الهيئة لتعد مسودة ثانية للعقد الجمهوري الذي تضمن مجموعة من القيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، ومبادئ تضمن التزام الأحزاب بمبادئ الدولة المدنية القائمة على الديمقراطية والتعددية الحزبية والفصل بين السلطات وحرية التعبير والمعتقد والتنظم... ويرى مصطفى بو بكري عضو الهيئة أنه كان أجدى بمكتب الهيئة الابقاء على نفس تركيبة اللجنة الأولى حتى تقوم بالتعديلات اللازمة على نص المسودة الأولى التي عرضت للنقاش في جلسات سابقة، وقالت إن تنحية اللجنة وحلها وتعويضها بلجنة ثانية جديدة امر مثير للريبة خاصة أن الانتقادات الموجهة للنص المقترح منها عكست غياب التوافق عليه. يذكر انه تم رفع الجلسة دون ان يتم التصويت على نص المسودة المقترح، وستعمل اللجنة المكلفة بإعداده بإجراء تعديلات جوهرية على نص المسودة قبل عرضه ثانية للنقاش. وينتظر ان تعقد الهيئة اليوم جلسة جديدة لمناقشة مسألة مهمة ينتظر أن تأخذ حيزا كبيرا من النقاش وهو قانون الأحزاب وما يتضمنه من أحكام تهم تمويل الأحزاب، وكيفية مراقبة تمويلاتها. علما أن لجنة الخبراء اعدت مشروع قانون للغرض وزع على الأعضاء وتضمن عدة مقترحات لعل اهمها ما يتعلق بمراقبة تمويل الأحزاب إذ يقترح وضع سقف للتمويل العمومي والخاص بالأحزاب على قاعدة عدد المنخرطين فيها.. رفيق بن عبد الله- خليل الحناشي