فيما يشبه التّصعيد الاعلامي المفاجئ "هاجم" خلال الأيّام القليلة الماضية كلّ من السيّدين فؤاد المبزّع والباجي قائد السّبسي - وبلهجة شديدة وواضحة - نظام العقيد القذّافي واصفانه بأنّه مثّل - ولا يزال - "خطرا على الثّورة التّونسيّة منذ انطلاقها". السيّد فؤاد المبزّع رئيس الجمهوريّة المؤقّت - مثلا - وهو يتحدّث - في المسألة - لوسائل اعلام عربيّة وأجنبيّة ذهب الى حدّ القول "أنّ السّلطات الأمنيّة والعسكريّة التّونسيّة لا تزال تضبط - يوميّا - متسلّلين من أفراد العصابات الّتي يوجّهها القذّافي ضدّنا عبر الحدود التّونسيّة اللّيبيّة" ... هذا "الخطر اللّيبي" الّذي أكّده السيّد الباجي قائد السّبسي رئيس الحكومة المؤقّتة في حوار له - بدوره - مع "قناة الجزيرة" القطريّة هل هو - بالفعل - من الجديّة بحيث يتعيّن علينا - كمجموعة وطنيّة - أن نخشى على ثورتنا منه ؟ أم أنّ المسألة لا تعدو أن تكون "عمليّة تسخين سياسي" لاعلان السّلطات التّونسيّة قريبا اعترافها بالمجلس الانتقالي اللّيبي ممثّلا رسميّا للشّعب اللّيبي ؟ المعلوم أنّ نظام القذّافي الفريد من نوعه في العالم - سياسيّا وايديولوجيّا - ظلّ على امتداد الأربعة عقود الماضية -وخاصّة على امتداد فترة حكم الزّعيم بورقيبة- يمثّل مصدر قلق وقلاقل سياسيّة وأمنيّة بالنّسبة للدّولة التّونسيّة ... بل انّ عدوانيّته بكلّ أشكالها تجاه تونس وشعبها لم تخفت - نسبيّا - الاّ في فترة حكم زميله الدّيكتاتور بن عليّ ... وما من شكّ أنّه - وبالنّظر الى خطورة الوضع الأمني القائم على حدودنا الجنوبيّة في ظلّ تواصل القتال بين الثّوّار وكتائب القذّافي وتواتر سقوط القذائف "الضّالّة" داخل ترابنا الوطني واستمرار تدفّق اللاّجئين - فانّه قد يجوز القول أنّ هناك بالفعل ما يمكن تسميته "بالخطر اللّيبي" الّذي يتهدّد الثّورة التّونسيّة ... يتهدّدها ولكن ليس في العمق وانّما يشوّش على مسارها - ليس الاّ - والى حين فقط ... فنظام القذّافي الآيل الى السّقوط - آجلا أم عاجلا - لا يبدو أنّه قادر لا على أن يثبت ولا على أن يكون حجر عثرة في طريق المسار الثّوري التّونسي ... ولكنّ الخشية - كلّ الخشية هنا - من الممارسات المسيئة الّتي لا يزال يأتيها - من حين لآخر - بعض التّونسيّين أنفسهم في حقّ ثورتهم سواء عن قصد أو عن غير قصد ... وكذلك من محاولات الالتفاف عليها من طرف بعض القوى الرّجعيّة على السّاحة السّياسيّة من أولئك الّذين لا يريدون للتّجربة الدّيمقراطيّة أن تنجح ولا لصناديق الاقتراع أن تكون هي الحكم والفيصل .