نؤكد على عدم المساس باختصاص أي قطاع «ضجة مفتعلة لا تستند إلى أي مبرر منطقي ولا قانوني، وموقف لا أساس له من الدعائم والأسباب الوجيهة، ذلك ما أعلنته بعض الهياكل ذات الصلة بالمنظومة القضائية حول قانون المحاماة الجديد الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا من طرف مجلس الوزراء»... هذا ما جاء على لسان عميد الهيئة الوطنية للمحامين خلال الندوة الصحفية التي نُظمت صباح أمس بأحد النزل بالعاصمة، موضحا «أن هذا القانون يعتبر رائدا وثوريا لأنه أتى بخدمات جديدة لفائدة المتقاضين تُحترم فيها حقوق الإنسان والحريات».. وحول ما أسماه بفلسفة قانون المحاماة الجديد، قال الكيلاني: «أكدنا على ضرورة رد الاعتبار لسلك المحاماة، وعلى تغيير تعريف المهنة، فالمحامي شريك في إقامة العدل بكل أشكاله، وليس مساعدا للقضاء كما كان معرفا في العهد البائد... والمحاماة شعارها الأساسي الدفاع عن الحريات والحقوق الإنسانية». وفي هذا الشأن تساءل العميد: «هل هناك من ينكر هذا الدور عن المحامين»؟!
28 جلسة
وفي ما يخص مراحل إعداد هذا «القانون / الضجة»، أوضح الكيلاني أنه منذ انتخابه «تم تكليف لجان لإعداده، وقد عقدت هذه اللجان 28 جلسة تشاورية، وفي أواخر شهر ديسمبر الماضي تم الانتهاء من صياغة هذا المشروع وعُرض على الاستفتاء أمام المحامين، فوقع التصويت عليه ب»نعم» بنسبة كبيرة.. ثم دخلنا في مفاوضات مع الحكومة المؤقتة وأقنعناها بمشروع قانوننا»... «إن القانون الجديد للمحاماة لا يمس القطاعات ذات الصلة بالمنظومة القضائية، وقد قدمنا عديد الحجج في ذلك إلى من يهمهم الأمر»... هكذا رد الكيلاني عن سؤال وجه إليه، مضيفا: «كانت الأمور هادئة في البداية، ثم تحركت «الآلة» لتعارض هذا القانون، فأوضحنا، من جهتنا، تفاصيل مشروع قانوننا، ولكن يبدو أن أياد خفية والبعض ممن يحسبون على المنظومة القضائية لم يرق لهم أن يكون المحامي حرا أثناء آدائه لمهنته ومتمتعا بما أسموه ب»الحصانة» التي لا تعني أبدا تجاوز المحامي لمهامه وتطاوله على هيبة المحكمة»..
استغراب...
وأبدى العميد استغرابه من الإضرابات المعادية لقانون المحاماة، خاصة من طرف القضاة مذكرا برسالة القاضي مختار اليحياوي في أواخر سنة 2001 حين قال للرئيس المخلوع: «هذا فضاؤكم رُد إليكم» وتساءل في هذا الشأن: «لماذا لم يضرب القضاة آنذاك مساندة لزميلهم؟» في حين أن المحامين وبحكم دفاعهم المستميت عن الحريات، وقفوا إلى جانب اليحياوي»... كما عدد العميد الوقفات التضامنية التي قام بها المحامون مع القضاة في عديد المناسبات... وحول موقف عدول الإشهاد من القانون الجديد للمحاماة، أكد الكيلاني: «إن مصالح وحقوق عدول الإشهاد لم يقع المس بها بتاتا، وإننا نستغرب هذا الموقف من عدول الإشهاد».. ونفس الاستغراب أبداه عميد المحامين من موقف المستشارين الجبائيين مؤكدا أن قانون المحاماة لم يحد أبدا من اختصاصاتهم... كما ثمن العميد موقف الخبراء المحاسبين من قانون المحاماة الجديد، والذين لم يروا فيه أي مس من اختصاصاتهم... فلم يبدوا موقفا معارضا له.
هكذا مات الهيلة!
ويجدر الذكر أن عميد المحامين تعرض في بداية الندوة الصحفية، وقبل تقديم تفاصيل حول القانون الجديد للمحاماة، إلى ما عاناه قطاع المحاماة من تهميش وملاحقات وتضييقات في العهد البائد، ذاكرا بالمناسبة ما تعرض له المحامي القدير المرحوم عبد الرحمان الهيلة الذي عانى الأمرين من نظام بن علي إلى درجة تجويعه بطرد كل متقاضي يرغب في توكيله كمحام من أمام مكتبه.. وقد وصل الأمر بهذا المحامي الكبير إلى الاكتئاب، فالموت حسرة ولوعة بسبب ما لحقه من نظام العهد البائد وأتباعه... كما تجدر الملاحظة أن هذه الندوة الصحفية حضرتها أغلب وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، فضلا عن حضور عدد مهم من المحامين بينهم الأستاذة سعيدة العكرمي أمينة مال الهيئة، والأستاذ عبد الستار المسعودي المسخر للدفاع عن المخلوع الذي ستنطلق الجولة الثانية من محاكمته بعد غد في المحكمة الابتدائية بالعاصمة.