صالح عطية احتلت تونس المرتبة 44 عالميا من بين 153 دولة شملها تقرير «مؤشر السلام العالمي» (غلوبل بيس انداكس) لسنة 2011. اللافت في هذا التقرير، الذي يصدره معهد الاقتصاد والسلام بالعاصمة الاسترالية (سيدناي)، أنه يشير إلى تراجع موقع تونس قياسا بالسنة الماضية حيث كانت في المرتبة 37، وذلك نتيجة التطورات السياسية والأمنية والاجتماعية والحقوقية التي أعقبت ثورة الرابع عشر من جانفي التي أطاحت بأحد فراعنة العصر الراهن. ورغم أن مؤشر السلام العالمي الذي تعتمده المؤسسة الدولية يستند إلى معايير شديدة الصرامة يصل عددها إلى نحو أربعين معيارا، إلا أن نتيجة هذا العام بالذات لا تبدو منصفة، وبالتالي غير موضوعية، على الأقل بالنسبة لتونس التي أنجزت ثورة، ومن الطبيعي أن تعرف أحداث عنف وعدم استقرار سياسي، ومستوى من عدم احترام حقوق الإنسان، فالثورات لا يمكن أن تقوم بالقبلات والتصفيق والرقص، ولذلك، فإن اعتماد ذات المعايير في الشأن التونسي الذي تسبب في ثورات عربية بدأت شظاياها تصل إلى أوروبا الشرقية، لا يمكن أن يستقيم، إن لم نقل أنه ظلم في حق الثورة التونسية وشهدائها الأبرار. المطلوب اليوم من مثل هذه المؤسسات الدولية التي تصنف الدول وتضع لها مراتب بين الأمم، أن تعدّل ساعتها ومعاييرها على التحولات التي تجري في شعوب الأرض، فالأوضاع التي أنتجت تلك المعايير، انتهت، وجاءت بدلا منها أوضاع جديدة بحاجة إلى معايير مختلفة تماما، فمعايير السلم بالنسبة للثورات يختلف اختلافا جذريا عن مؤشرات الأوضاع العادية. العالم يتغير، والشعوب تثور، وحكومات الطواغيت تتهاوى، فيما مراكز الدراسات ومعاهد الإحصاء ترقد في سبات عميق، فلا معاييرها تغيرت ولا نظرتها للعالم من حولها تبدلت، ودار لقمان ما تزال على حالها. أفلا تستفيق هذه المؤسسات وتلتحق بمستجدات الشعوب قبل أن تجد نفسها خارج التاريخ وخارج الجغرافيا أيضا؟!