لندن - بنغازي وكالات وسط تصريحات متزايدة بشأن التسوية السياسية للازمة في ليبيا، نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية أمس بعض ملامح صفقة محتملة تقول إنها مجرّد رسائل حتى الآن دون أية مفاوضات رسمية، كما يؤكد أطراف التحالف الغربي. وفي هذا الصدّد تنقل الصحيفة عن مصادر قريبة من مبعوثي النظام الليبي الذين ينقلون تلك الرسائل أن المعروض هو موافقة القذافي على ترك السلطة مقابل وقف الحملة العسكرية التي يشنها حلف شمال الأطلسي (الناتو). إلا أن هناك شروطا تبدو مرتبطة بتنحّي القذافي، منها حسب ما ذكرته الصحيفة من عدّة مصادر أن يبقى القذافي في ليبيا، وأن تسقط التهم الموجهة ضدّه في المحكمة الجنائية الدولية. غير أن مصدرا قريبا من التحالف الدولي، قال إن مسألة إسقاط تهم المحكمة الدولية لا يمكن النظر فيها الا بعد تنحّي القذافي. ومن بين شروط النظام الليبي ضمن الحل السياسي أن يكون لنجل العقيد الليبي، سيف الاسلام القذافي، دور في مرحلة ما بعد القذافي. إلا أن تقرير الصحيفة ينقل عن مصادر التحالف الدولي أن الضغط العسكري سيستمر ما لم يصدر بيان واضح عن القذافي بشأن استعداده للتنحّي عن السلطة. ويخشى البعض من أن كل تلك الرسائل من النظام الليبي قد تكون فقط لكسب الوقت ويؤكد آخرون أن أية مفاوضات حول حل سياسي لن تبدأ بجدية ما لم يصل المعارضون إلى مشارف العاصمة طرابلس.
أزمة إمدادات
ويأتي نشر هذه المعلومات متزامنا مع تواتر الأنباء عن أن القذافي على وشك «الإفلاس» ومواجهة أزمة نفاد إمدادات الوقود بعد سيطرة الثوار على مناطق إستراتيجية، واستعدادهم لخوض معركة الحسم في الطريق نحو طرابلس. وفي هذا السياق، أوردت صحيفة «الإكسبريس» البريطانية أمس استنادا إلى أحدث تقارير المخابرات الأمريكية أن العقيد الليبي يواجه نقصا دراماتيكياً في إمدادات الوقود لقواته وسكان العاصمة طرابلس، كما أنه على وشك «الإفلاس» وبحاجة للنقد لدفع رواتب قواته وما تبقى من حكومته.وتقدّر تقارير الاستخبارات الأمريكية أن إمدادات الوقود ستنضب خلال وقت قصير، ربّما لا يتعدى الشهر، بعد سيطرة الثوار الليبيين على بلدات من «نالوت» إلى «كيلكا» في منطقة جبل نفوسة الغربية، ممّا قطع خط أنابيب حيويّا لنقل النفط الخام إلى أهمّ المصافي التي تعتمد عليها الحكومة في مدينة «الزاوية». كما أن العجز النقديّ انبثق عن التحرّك التركي، الأسبوع الماضي، لمصادرة مئات الملايين من دولارات الحكومة الليبية في «المصرفي العربي التركي»، وبما أن رجل ليبيا القوي أصبح عاجزاً عن الحصول على النقد، فقد بدأ في إصدار خطابات اعتماد للدفع للدائنين، بمن فيهم مورّدو النفط، على ما أوردت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين. ويرى محللو الاستخبارات في مؤشرات «الإفلاس» ونقص إمدادات الوقود كأول تحوّل من مرحلة الجمود إلى الزخم منذ بدء الثورة المسلحة في ليبيا في منتصف مارس الماضي.
هيئة قيادة موحّدة للثوار
في هذه الأثناء، أعلن الثوّار الليبيون تأسيسهم هيئة قيادة موحّدة بعد أربعة أشهر على بدء الثورة ضدّ العقيد القذافي. وقال أحد قادة الثوار فوزي بوقطيف أمس: «الآن وضع (الجنود السابقون) من الجيش الوطني واتحاد القوى الثورية تحت قيادة (وزير الدفاع) جلال الدغيلي». وأضاف: «هذا الاتحاد يشمل كل القوى الثورية المتواجدة على خطوط الجبهة». وفي حال تفعيله، فإن وضع الثوار والقوات السابقة التي كانت تابعة للعقيد الليبي تحت قيادة موحّدة يمكن أن يمنع الهجمات المباغتة وسوء التنسيق الذي تسبب في خسائر بصفوف الثوار من العديد والعتاد. ويشتكي المجلس الوطني الانتقالي، الهيئة السياسية الممثلة للثوار في بنغازي (شرقا)، وديبلوماسيو دول حلف شمال الأطلسي الذي تولى قيادة العمليات في ليبيا في 31 مارس، بانتظام من مشاكل اتصالات وخلافات استراتيجية بين قادة الثوار في بنغازي والمقاتلين على الجبهة. وعبّر بوقطيف عن أمله في أن يساعد وضع المقاتلين تحت قيادة موحّدة، الثوّار في الاقتراب من طرابلس.