بنغازي وكالات اكد المجلس الوطني الانتقالي الليبي أمس ان لا مجال لبقاء معمر القذافي في ليبيا حاضرا ومستقبلا، فيما كان الملف الليبي محور محادثات في روسيا بين الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ونظيره الجنوب افريقي جاكوب زوما. وقال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي في بيان في بنغازي ان لا مجال لبقاء القذافي في ليبيا حاضرا ومستقبلا، رغم اقراره بأن مثل هذا العرض قد طرح عليه في السابق. واضاف عبد الجليل انه لم يبق امام العقيد معمر القذافي سوى "التنحي عن السلطة والمثول امام العدالة". يأتي ذلك بعدما سرت معلومات أول أمس في شوارع بنغازي معقل الثوار الليبيين شرق البلاد، اثارت الغضب، تفيد بأن المجلس الوطني الانتقالي مستعد للسماح "لقائد الثورة" بأن ينسحب في مكان ما في ليبيا بدون التعرض لأي عقاب. وتجمع نحو مائة شخص امام فندق "تيبستي" حيث مقر المجلس الوطني عندما كان اعضاؤه يعقدون مؤتمرا صحافيا، في بادرة نادرة في بنغازي للاعراب عن المعارضة ازاء القيادة السياسية للثوار.
في خضم هذه التطورات، أعلن متحدث باسم الحكومة الليبية أمس أن مسؤولين من حكومة العقيد القذافي اجتمعوا في عواصم أجنبية مع شخصيات من المعارضة للتوصل لحل سلمي للازمة. ولم يتضح على الفور ما اذا كانت المفاوضات تمت بعلم أو تأييد المجلس الوطني الانتقالي المعارض الذي باتت معظم البلدان الغربية تعتبره الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي. وقال موسى إبراهيم في بيان أرسل بالبريد الالكتروني أن المفاوضات مع المعارضة جرت في ايطاليا ومصر والنرويج بحضور ممثلين لحكومات تلك الدول وانها ما زالت مستمرة. وذكر البيان أن أحد الاجتماعات عقد في روما بين مسؤولين بالحكومة وعبد الفتاح يونس العبيدي وزير داخلية القذافي السابق الذي انشق وانضم للمعارضة في فيفري الماضي. ويشار إلى أن مسؤولين في طرابلس كانوا أشاروا في السابق إلى انهم يجرون محادثات مع المعارضة لكن هذه هي المرة الاولى التي يعلنون فيها تفاصيل واسماء الشخصيات التي يتباحثون معها. ويأتي الاعلان عن هذه المفاوضات في وقت اكد سيف الاسلام، ثاني ابناء معمر القذافي والناطق غير الرسمي باسم النظام، في حديث نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية أمس، انه "يستحيل" التوصل الى حل للصراع دون مشاركة والده. وقال سيف الاسلام ان "والدي لا يشارك في المفاوضات. انه نزاع ليبي بين ليبيين وخونة، وميليشيات، وارهابيين. هل تظن اننا يمكن ان نجد حلا لا يساهم فيه؟ لا هذا مستحيل". واعتبر سيف الاسلام ان "مع الحلف الاطلسي او من دونه سيخسر المتمردون" الحرب، مضيفا ان "الجرذان (كما يصف الثوار) ليست لهم أية فرصة للسيطرة على هذا البلد".
محادثات في سوتشي
وفي سوتشي على البحر الاسود، التقى الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أمس نظيره الجنوب افريقي جاكوب زوما على هامش اجتماع لمجلس الحلف الاطلسي وروسيا مخصص للازمة الليبية. وكان ميدفيديف قد عقد قبل ذلك جلسة محادثات مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) اندرس فوغ راسموسن تناولت العمليات العسكرية التي يشنها الناتو في ليبيا والتي كثيرا ما انتقدتها روسيا بشدة حتى الآن. واكد زوما ان لقاء اعضاء الاطلسي "سيكون مفيدا جدا على صعيد تبادل وجهات النظر، لانهم سيطلعون على القلق الراهن للاتحاد الافريقي". وعلى غرار جنوب افريقيا تحاول روسيا القيام بدور الوسيط في النزاع الليبي. وكان الرئيس الروسي ارسل في جوان المنصرم الى ليبيا مبعوثا للتباحث مع طرفي النزاع. وقال مسؤولون جنوب افريقيون رفضوا كشف هوياتهم ان زوما ومدفيديف قد يصدران بيانا مشتركا يدعوان فيه الحلف الاطلسي الى وقف الغارات الجوية على قوات القذافي. وفي وقت لاحق أمس، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن روسيا وحلف "الناتو" مازالا على خلاف حول الحملة الجوية الغربية على ليبيا. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع مع راسموسن "حتى الان، ليست لدينا الرؤية نفسها التي لدى الحلف الاطلسي حول كيفية تنفيذ هذا القرار"، في اشارة الى القرار الدولي 1973 الذي اذن بتنفيذ العمليات العسكرية. وفي المقابل، دافع راسموسن أمس عن عملية الحلف في ليبيا نافيا أن تكون الغارات الجوية التي يشنها تتجاوز تفويض الاممالمتحدة لحماية المدنيين. وقال للصحفيين في سوتشي "أبدى الجانب الروسي قدرا من القلق فيما يتعلق بعملياتنا في ليبيا. أكدنا على أننا سننفذ هذه العملية بالالتزام الشديد بقرار مجلس الامن التابع للامم المتحدة." ومضى يقول "حصلنا على تفويض لاتخاذ كل السبل اللازمة لحماية المدنيين من الهجمات وحتى الآن نجحنا جدا في حماية المدنيين".